Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Apr-2019

الفساد والحرب* د.باسم الطويسي

 الغد-لا شك ان الفساد بالدرجة الاولى ثم الاستبداد من قادا إلى حروب العالم العربي في العقد الراهن، ولا شك ان الفساد سوف يقود حروب العقد القادم فما تزال فرص الطفرة التاريخية غير واردة في هذه المنطقة حسب الكثير من القراءات، بل ربما تذهب حروب العقد القادم إلى ما هو اقسى.

حسب تقرير منتدى البيئة والتنمية العربي لعام 2018 فإن العالم العربي يحتاج إلى 230 مليار دولار سنويا لتمويل اهداف التنمية المستدامة، بينما هناك عجز يقدر في حده الأدنى بـ 100 مليار دولار سنويا من اجل ضمان التنمية المستدامة، في المقابل خسر العالم العربي نحو 900 مليار دولار بسبب الحروب منذ العام 2011 في الوقت الذي يستنزف نحو 100 مليار دولار اخرى نتيجة الفساد؛ بمعنى أن شعوب المنطقة تدفع نحو ضعفي عجز تمويل التنمية والتحديث في الحروب الاقليمية والداخلية وفي الفساد، في حين أخذ العديد من هذه الدول يشهد انخفاضا حادا في مصادر التمويل العامة والخاصة واخرى اخذت تفقد اصولها التاريخية الكبيرة.
ما يزال نحو 80 % من سكان العالم العربي لا يتمتعون بالحرية بحدها الادنى، وهناك اقل من 20 % يعيشون في مجتمعات حرة جزئيا (تونس، المغرب، لبنان، الأردن والكويت) فيما لم تدخل ولا دولة عربية ضمن تصنيف الدول الحرة، في العالم هناك 45 % دول العالم حرة
و 30 % حرة جزئيا و25 % غير حرة، للأسف كانت الأوضاع في العالم العربي قبل عشر سنوات افضل من أوضاعها اليوم.
وبالعودة إلى تقرير منتدى البيئة والتنمية فمن المتوقع ان تزداد الآثار السلبية مع تنامي العجز وتراكمه مع حلول 2030 إلى نحو 1.5 ترليون دولار؛ ماذا يعني ذلك ؟ بشكل أولي سوف يؤرخ للعقدين الأول والثاني من هذا القرن بأنهما الاكثر خسائر وهدرا للمقدرات المادية العربية ربما منذ غزو المغول للمشرق العربي قبل نحو سبعة قرون.
في المجتمعات المحلية يشكل الاضطهاد الاقتصادي المتمثل في غياب العدالة وتواضع الفرص وانتشار البطالة وظلم الاجور وتحديدا ما يواجه الرجال في مجتمعات ذكورية اقسى من الظلم السياسي المباشر على الرغم من عدم القدرة على الفصل بينهما، في هذا الوقت تشير ارقام منظمة العمل الدولية إلى ان المنطقة العربية الساحة الاوسع للبطالة في العالم وتصل ارقام البطالة إلى حدود مفزعة حيث وصلت معدلاتها إلى نحو 25 % ووسط الشباب وصلت إلى 29 % مقارنة مع المعدل العالمي 13.9 %، كما ان الاقتصادات العربية عاجزة عن خلق 60 مليون وظيفة جديدة سيتعين توفيرها بحلول العام 2020 لاستيعاب عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل.
وحدها المنطقة العربية غائبة عن التحولات التي يشهدها العالم، هذا الغياب لا يشبه الا الموت ليس السياسي وحسب بل هو الموت الحضاري بكل معانيه التاريخية، علينا ان نلاحظ ونراجع عشرات المؤشرات التي استقرت خلال عقد مضى، وابرزها كيف اصبحت المنطقة العربية واحدة من اقل اقاليم العالم مساهمة في الناتج العالمي مقارنة بعدد السكان والمساحة، وهو الاقليم الذي يوجد فيه دول ومجتمعات تعد الأسوأ في العالم وفق مؤشرات التنمية الانسانية والأسوأ في نوعية الحياة، والأسوأ في النزاهة والأكثر حفاوة بالفساد، وفي المجمل ما يزال الاقليم العربي الثقب الاسود الأكبر في العالم في تقييد الحريات وانتشار الاستبداد السياسي، وايضا في هذا الجزء من العالم أسوأ الأماكن لحياة النساء والاطفال، ولا يفوتنا الاشارة إلى أن اكبر كتلة من الشباب في العالم توجد في هذا الاقليم تعاني الأمرين من الفقر والبطالة وغياب الأفق والأمل