Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Jan-2017

الحياة في جبل المكبّر - عوديد شالوم واليئور ليفي

 

يديعوت  أحرونوت
 
الغد- عندما وصلنا في يوم الثلاثاء هذا الأسبوع إلى جبل المكبر في شرقي القدس، وهي المنطقة التي سكن فيها المهاجم فادي القمبر، كان هناك عشرات من رجال الشرطة يطوقون المنطقة. وقد وصلنا إلى المنطقة من شارع شقيرات الذي يبلغ عرضه ثلاثة أمتار فقط باتجاهين وليست له جوانب للمارة وهو مليء بالحفر الممتلئة بمياه الأمطار. منازل السكان بنيت قريبا من الشارع وكل محاولة لجعله يستوعب سيارتين في اتجاهين غير ممكنة. واعلام حماس الخضراء رفرفت على الاسلاك الكهربائية والشرطة منعت دخول من لا يسكن في الحي.
عندما خرجنا بعد ذلك من الحي باتجاه متنزه ارمون هنتسيف وهو الحي الذي حدثت فيها عملية الدهس في يوم الأحد كان السفر لخمس دقائق فقط. وهذا شمل الالتفافات والحركة البطيئة في الشوارع المكتظة. القمبر الذي زاد تدينه مؤخرا وشاهد أفلام داعش، كان يخرج بشاحنة المرسيدس الخاصة به من القرية بصعوبة، وفي اللحظة التي وصل فيها إلى حي ارمون هنتسيف زاد سرعته نحو الجنود.
القمبر الذي قتل بشاحنته ضابطة وثلاثة جنود وأصاب 15 شخصا آخرين، لم يكن يعيش بعيدا عن غسان وعدي أبو جمل، اللذين نفذا عملية الكنيس في هار نوف في القدس في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. فبواسطة مسدس وسكين وبلطة قتلا خمسة مصلين وشرطي قبل قتلهما. وبعد ذلك بسنة قتل إبن عمهم، علاء أبو جمل، في عملية دهس مواطن إسرائيلي في غربي المدينة. وعلاء أبو دهيم الذي كان يعيش في الطرف الثاني من القرية نفذ في آذار (مارس) 2008 عملية في معهد مركز الحاخام، حيث قتل ثمانية طلاب. وبهاء عليان وبلال غانم اللذان نفذا في تشرين الاول (اكتوبر) 2015 عملية الباص 78 في تلبيوت وقتلا ثلاثة مواطنين، ولدا وعاشا في هذه القرية.
هذه قائمة جزئية فقط. ففي العامين الاخيرين خرج مخربون ايضا من بيت حنينا ومخيم شعفاط للاجئين وصور باهر. 60 في المائة من العمليات التي نفذت في القدس في العامين الماضيين خرجت من هذه القرى. إن عملية اعتقال المشبوهين في هذه المناطق التي تحت سيطرة إسرائيل الكاملة تتم مثل أي عمل عسكري بكل معنى الكلمة. وعلى خلفية ازدياد الاخلال بالنظام ورشق الحجارة والزجاجات الحارقة والعمليات الدموية، فان موضوع القدس الشرقية يبرز أكثر فأكثر.
حوالي 30 ألف شخص يعيشون في جبل المكبر، الذي هو أصلا قرية بدوية تحولت بعد حرب الايام الستة الى حي مقدسي، صفائح القمامة فيه ممتلئة وهي تغطي الشوارع، وليس فيه حدائق أو مناطق خضراء وتنقصه صفوف التعليم ورياض الاطفال. وفقط قبل سنتين افتتحت هناك المدرسة الثانوية الاولى للبنين بعد توسل السكان على مدى عشرين سنة. وفي هذا الحي يدفعون الضرائب للدولة والارنونا للبلدية، لكن بدون مقابل.
في الوقت الذي يبلغ فيه عدد الطلاب في شرقي المدينة 36 في المائة، هناك نقص بـ 2247 صف تعليمي. وفي جبل المكبر وحده هناك نقص بـ 100 صف. وحسب لجنة الأولياء في القرية فان 40 في المائة من الطلاب يتسربون من المدارس قبل انهاء الـ 12 سنة التعليمية.    
وصلنا الى أعلى شارع حي المدارس، حيث وضعت الشرطة هناك ستة مكعبات اسمنتية بعد العملية. ويمكن العبور من خلال المكعبات على الاقدام فقط. في الساعة الثامنة صباحا تنشأ هنا أزمة مرور، والاولاد لا يمكنهم الوصول بالحافلات إلى المدرسة، وكذلك المرضى الذين يحتاجون إلى الوصول إلى العيادة الصحية التي تبعد مائة متر عن الحاجز يضطرون للذهاب سيرا على الاقدام.
في هذا الشارع تسع مدارس ورياض أطفال، يصل اليها في كل صباح 3 آلاف طالب من جميع انحاء القرية. ونحن خرجنا في جولة بسيارة عويسات. وعلى جدار مدرسة البنين الثانوية كتب في هذا الاسبوع "شارع الشهداء- فادي القمبر". وعلى مسافة غير بعيدة عن المدرسة توجد حاوية للقمامة مملوءة إلى نهايتها، حيث تدفقت القمامة منها وهي تحيط بها من جميع الجهات. ولاحظنا وجود ثلاث حاويات متتالية، وبعد ذلك توقفنا عن العد. وفي آخر الشارع تجاوز عويسات حفرة كبيرة في الشارع. "كم سيكلف البلدية اغلاق هذه البئر؟ 100 شيكل مواد و300 شيكل عمل".
أفيف تتراسكي، الباحث في جمعية "عير عميم" التي تعمل من اجل المساواة والمستقبل السياسي المتفق عليه في القدس، قال إن الجمعية قد توجهت الى محكمة العدل العليا مع سكان من قرية كفر عقب، القائمة وراء جدار الفصل لكنها في حدود بلدية القدس، لأن البلدية لا تقوم بشق الطرق أو اقامة البنى التحتية للمجاري. "في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 قررت المحكمة أن على البلدية القيام بمسؤوليتها تجاه السكان، ومنحتها تسعة اشهر لتنفيذ الأعمال"، قال تتراسكي، "وقد مرت سنة وثلاثة اشهر ولم يحدث أي شيء".
العاد مالكا، نشيط في الليكود من القدس، كان حتى ما قبل سبعة اشهر عضوا في المجلس البلدي ممثلا عن حركة "صحوة"، قال إن الفجوة في البنى التحتية تصل تكلفتها إلى 2.5 مليار شيكل. "دولة إسرائيل لا تقوم بمسؤوليتها في شرقي المدينة، لا في التعليم ولا في الصحة ولا في البنى التحتية مثل المجاري والمياه أو الشرطة. ونحن في "صحوة" نجحنا في إضافة 3 ملايين شيكل للنظافة في شرقي القدس، لكن هذا لا يكفي.
ولكن الأمر لا يقتصر على البنى التحتية فقط. وقد كنت مسؤولا عن ملف الشباب في البلدية وكانت لي لقاءات كثيرة مع سكان من شرقي المدينة. وفي أحد اللقاءات قال لي أحد سكان حي الطور أنه رأى أشخاصا ذات مرة يضربون إبنه فقام بالاتصال بالشرطة، لكنها لم تأت. وفي مرة اخرى شاهد أشخاصا يقومون ببيع المخدرات قرب منزله، فاتصل مع الشرطة لكنها لم تأت. 
عويسات يؤكد على أقوال مالكا. "الشرطة تكون جيدة عندما تخدم الجمهور، لكننا شاهدنا الشرطة في مرات كثيرة هنا وهي تقبض على الاولاد الذين يلعبون في الشارع، وتوقفهم على الحائط للتفتيش. وليس هناك ما يبرر تفتيشهم لأنه لم يسبق ذلك رشق الحجارة. 
قبل حوالي سنة صادقت الحكومة على ميزانية لتجنيد 1260 شرطيا للقدس الشرقية. وهذه الزيادة من المفروض أن تحصل عليها الشرطة في السنوات الست القادمة. ومعظم رجال الشرطة الذين سيتم تجنيدهم سيخدمون في أحياء شرقي القدس. مصدر رفيع في شرطة القدس قال إن الشرطة تعمل من اجل تعزيز ثقة السكان بها. "نحن نخطط لاقامة خمسة مراكز جديدة للشرطة في داخل أحياء شرقي القدس. والنموذج الذي سنستخدمه سيكون جديدا ويسمى "مركز خدمات محلية". واضافة للشرطة ستكون هناك مكاتب للسلطات مثل البلدية والتأمين الوطني ووزارة الداخلية. وسيكون ايضا مركز طوارئ طبي يعمل في الليل. هذا موضوع مهم جدا. وعناصر الشرطة الذين سيعملون هناك سيكونون شرطة جمهور. ولن يقومون بإصدار المخالفات أو الاعتقال كي لا تتم معاداتهم. 
المصدر الرفيع في الشرطة لا يعتبر اغلاق شارع المدارس عقابا جماعيا. وحسب رأيه هو محاولة لتحويل السكان المحليين إلى جزء من جهود منع الاخلال بالنظام. وقال، "توجد هنا مسألة اخرى هي دفع السكان للتدخل الاجتماعي. كلمتنا هي أننا لا ننوي ملاحقة كل طفل يأتي مع حجر إلى زاوية الشارع وينتظر مرور سيارة شرطة لرشق الحجارة. وهناك من يشاهده يرشق الحجر ويهرب، وهناك من يرى إلى أين يهرب. نحن نريد الوصول إلى حالة يقوم فيها السكان بمنع أحداث كهذه. كيف يمكن عمل ذلك؟ عن طريق تدخل الناس هناك في هذا الأمر. نذهب ونقوم بالتحقيق مع أصحاب المحلات في المنطقة، وننتقل من بيت إلى بيت ونطرح الاسئلة. نحن عمليا نقوم بتحريك الحي".
يقولون في شرطة القدس إن هذا النموذج أدى إلى انخفاض رشق الحجارة والزجاجات الحارقة والمفرقعات واغلاق الشوارع بالحجارة والاطارات. وفي العام 2016 سجل انخفاض بـ 63 في المائة بالاخلال بالنظام في شرقي المدينة مقارنة مع 2015. ايضا تعامل الشرطة مع السكان تغير. 
لكن الواقع بعيد عن المثالية. عضو المجلس السابق مالكا قال إن الفراغ الذي تخلفه إسرائيل في احياء شرقي المدينة يجذب عناصر الارهاب. "هناك تواجد لحركة حماس والسلطة الفلسطينية في بعض المناطق، اذا لم يكن في جميعها. وهناك مراقبون تقوم حماس بتمويلهم، وأعمال اخرى برعاية السلطة. محظور استمرار تجاهل شرقي المدينة".
في العام 1967 كان في شرقي المدينة ستة أحياء فقط على مساحة تبلغ 6 كيلومترات مربعة. وقد قررت حكومة إسرائيل في نهاية الحرب اضافة 64 كيلومترا مربعا، تشمل 22 قرية لم تكن حتى ذلك الوقت جزءا من القدس. وجبل المكبر هو أحدها. واليوم يعيش في حدود بلدية القدس 305 آلاف فلسطيني، وهم يشكلون 37 في المائة من اجمالي سكان المدينة، ويحصلون فقط على 10 في المائة من ميزانية البلدية. وفي ميزانية الرفاه والرياضة والشباب تبلغ حصة السكان العرب في شرقي المدينة 5 في المائة فقط. المعطيات تروي قصة الاهمال: منذ العام 1967 وحتى العام 2012 أعطيت 4300 رخصة بناء في الاحياء الفلسطينية في شرقي القدس. وهذا الامر سبب وجود ثقافة البناء غير القانوني الذي يبلغ الآن عشرات آلاف الوحدات السكنية. وفقط 64 في المائة من المنازل مربوطة بشبكة المياه، وتنقص 30 كيلومترا من انابيب المياه في المناطق العربية في المدينة.
وعندما سافرنا من جبل المكبر إلى سلوان، وعبرنا شارع عين اللوزة، لوح لنا الاولاد الذين كانوا يلعبون قرب جدار كتب عليه شعار الذكرى السنوية لتأسيس حماس. وفوقهم على أسلاك الكهرباء الموجودة في الشارع رفرفت اعلام حماس. وهذا شارع آخر مهمل وقذر ومليء بالحفر. وهناك 100 قرار هدم لبيوت في هذا الشارع.
إن هناك من يريد اعفاء إسرائيل من وجع الرأس هذا عن طريق جدار فصل. "حركة انقاذ القدس تطرح فكرة الانفصال عن الاحياء العربية في شرقي القدس. وهذه المبادرة تشمل اقامة جدار يبقي معظم القرى خارج القدس ومنها صور باهر وجبل المكبر وبيت حنينا والعيسوية ومخيم شعفاط للاجئين، حيث تصبح هذه المناطق مناطق ج أو ب. والمسؤولية المدنية عليها تنتقل للسلطة الفلسطينية. أما المسؤولية الأمنية فتبقى لإسرائيل.