Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2017

عز العرب في معركة الكرامة - د. اسمى الشراب العبادي
 
الراي - حققت القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) الهدف القومي الذي أنشئت من أجله في الدفاع عن القضايا العربية، بمشاركتها الفاعلة في الحروب العربية الإسرائيلية، على أرض فلسطين والدول العربية المجاورة دفاعاً عن فلسطين والقدس التي تحظى بمكانة خاصة في نفوس العرب والمسلمين.
 
فسطر التاريخ لنشامى الأردن في القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) أروع البطولات التي حققت أجمل الانتصارات في معركة الكرامة.
 
ففي الساعة الخامسة والنصف من صبيحة يوم 21 آذار 1968م شنت إسرائيل هجوما عسكريا مفاجئا على الأراضي الأردنية بقوة عسكرية كبيرة مدعومة بسلاح الجو والمدفعية، وذلك على ثلاثة محاور رئيسة، بغية تحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في احتلال المرتفعات الغربية من الأردن، والقضاء على حركة المقاومة الفلسطينية في منطقة الكرامة، وقد كانت القوات الأردنية المسلحة الباسلة لهم بالمرصاد، إذ قدم الجيش العربي الأردني، بطولات رائعة في الدفاع عن حمى الوطن العزيز، مما اضطر إسرائيل لأول مرة في تاريخها العسكري أن تطلب وقف اطلاق النار في منتصف ذلك النهار لإخلاء خسائرهم، فكانت المعركة بشقيها السياسي والعسكري تدار مباشرة من القيادة العليا للجيش الأردني وبإشراف مباشر من جلالة القائد الأعلى الملك الحسين بن طلال رحمه الله الذي رفض الموافقة على هدنة حينما طلبها الإسرائيليون وأصدر أوامره الحازمة باستمرار القتال حتى يخرج آخر جندي إسرائيلي من الضفة الشرقية للنهر...
 
وعندما طلب الإسرائيليون وقف إطلاق النار كانت قواتهم ما تزال في الضفة الشرقية، في مثلث المصري والكرامة والشونة الجنوبية والبحر الميت، وتكبدت في هذه المناطق خسائر كبيرة.
 
واستمرت المعركة من السابعة صباحاً وطوال النهار، وشاهد الأردنيون التعزيزات الأردنية، حتى إن الدبابات كانت تأتي من جميع المحاور الثلاثة مقودة بالجنازير، وتحت القصف الجوي الإسرائيلي الذي رافقها طوال الطريق، وكانت حالة فريدة من نوعها، وسجل فيها الجيش الأردني شجاعة نادرة، ولم يتوقفوا عن المقاومة.
 
وفي منتصف النهار كان الإسرائيليون قد تكبدوا خسائر كبيرة قرب النهر في المناطق التي حشدوا فيها، وتكبدت القوات الإسرائيلية أيضاً خسائر كبيرة في داخل الشونة الجنوبية. وبالرغم من قيام العدو الإسرائيلي بحشد أفضل قواته العسكرية المدربة والمجهزة بأحدث الأسلحة على ضفة نهر الأردن، إلا أن القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية كانت ترصد بدقة المعلومات عن الحشود الإسرائيلية.
 
وبالفعل ظل القصف الأردني مستمراً إلى أن اجبرت القوات المعتدية على الانسحاب الكامل، وقد نقلت بعض الدبابات والآليات المعطوبة إلى عمان وعرضت في منطقة المحطة.
 
وبهذه المناسبة وجه الملك الحسين بن طلال –رحمه الله- كلمة هنأ فيها جنود الجيش العربي الأردني بانتصارهم جاء فيها: «وكانت الأسود تربض في الجنبات على اكتاف السفوح وفوق القمم ، في يدها القليل من السلاح والكثير من العزم وفي قلوبها العميق من الايمان بالله والوطن، وتفجر زئير الأسود: الله اكبر».
 
وبذا تعتبر معركة الكرامة عام 1968م مرحلة مفصلية تاريخية من بين الحروب العربية الاسرائيلية، حيث هدفت اسرائيل الى تدمير الجيش العربي الأردني وحرمان الأردن من قدرته للدفاع عن نفسه واحتلال أجزاء من الضفة الشرقية من الأردن والقضاء على المقاومة الفلسطينية التي تمركزت في بلدة الكرامة، ولكن بعد معارك ضارية تمكنت قوات الجيش العربي الباسلة من دحر العدو وهزيمته، وقد تمخضت عن النتائج التالية: من الناحية السياسية، تمثل بتنبيه الرأي العام العالمي إلى العدوان الاسرائيلي المتكرر على الدول العربية، واصدر مجلس الأمن قرار رقم 248 يدين العمل العسكري الإسرائيلي.
 
أما النتائج العسكرية، فكان أهمها إن بلغت خسائر الجيش الإسرائيلي (250) قتيلا و (450) مصابا، بينما قدم الجيش العربي الأردني (61) شهيدا و (108) مصابين.
 
وكان للنتائج المعنوية، أثر بالغ في رفع الروح المعنوية للعرب عامة والأردنيين خاصة، وإعادة ثقته بنفسه، وتعزيز موقع الأردن على الساحة العربية والدولية، بالإضافة إلى تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي على حد زعم إسرائيل بأنه لا يقهر.
 
على الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعاً من استرداد جزء من الكرامة التي فقدتها في حزيران 1968م القوات المسلحة العربية التي لم تتح لها فرصة القتال. ففي معركة الكرامة اخفقت اسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين، بل ساهمت في زيادة خوفهم وانعزالهم.
 
وبذلك علمت إسرائيل أنّ الأردني سواءً كان من الشعب أو الجيش لا يقبل الذل والمهانه، ويدافع عن وطنه بكل ما أوتي من قوة، ولا تثنيه أي عزيمةٍ عن الدفاع عنه، وفي سبيل الوطن يضحى بالروح والمال والولد، من أجل أن يبقى وطنه حراً أبياً صامداً.
 
سيبقى يوم الكرامة مصدر فخرٍ واعتزازٍ على مدى الأجيال، وسيبقى الأردن حصناً منيعاً، شامخاً، عصياً على الأعداء.... رحم الله الشهداء، وحمى الله الأردن من كل مكروه تحت ظل القيادة الهاشمية.