Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Aug-2017

«سيف الفرات» هل يضرِب.. «عين العرب»؟ - محمد خروب
 
الراي - اذا ما تأكد خبر «دخول» الجيش التركي لمنطقة مدينة عين العرب «كوباني» واكتسب زخماً في الساعات والأيام المُقبِلة، خصوصاً ان وكالة «ANHA» الكردية اول من نشر هذا الخبر مساء الاحد، عن دخول الجيش التركي لقريتي سفتك وبوباني التابعة لمدينة عين العرب، فان الازمة السورية مرشحة للدخول في مرحلة جديدة ومختلفة، عما ساد في الاشهر الاخيرة، وبخاصة بعد الاتفاق الاميركي الروسي على منطقة تخفيض التوتر في جنوب غرب سوريا، فضلا عن العملية الجارية الان ضد داعش في الرقة، والتي تشارك فيها قوات سوريا الديمقراطية على الارض، فيما تتولى طائرات التحالف الاميركي مهمة القصف الجوي، هذا القصف العشوائي الذي يأخذ طابع القتل المُمنهَج والذي يدفع ثمنه السوريون، ليس في الرقة وحدها التي يرتفع عدد ضحاياها بشكل لافت، بل وايضا في مناطق سورية عديدة في مقدمتها دير الزور وحواليها، ما اضطر الحكومة السورية الى رفع رسائل احتجاج لمجلس الامن، تطالب فيها بإدانة غارات التحالف الاميركي الذي يرتكب مجازر ضد المدنيين فضلا عن مطالبتها (دمشق) بِحلِّ هذا التحالف، بعد ان غدت مهمته الوحيدة، هي قتل المزيد من السوريين.
 
الاجتياج التركي «الجديد» الذي اطلقت عليه انقرة من قَبْل اسم «سيف الفرات»، كان متوقعا في اي لحظة، لكن المفاجأة كمنت في المنطقة التي اختارها الاتراك لِتدخّلِهم غير الشرعي في الازمة السورية، اذ كان معروفا ان القوات التركية حشدت مدافعها بالقرب من مدينة إعزاز وبلدة مارع و»عينها» كما شاع، كانت على تلك المنطقة وبخاصة بلدة مِنّغ ومطارها، اضافة الى منطقة عفرين، اما الذهاب الى عين العرب، فهذا في حد ذاته تطور جديد، نظراً لما تتمتع به هذه المدينة من «رمزية» وبخاصة لدى كرد سوريا، اذ ان تحريرها من داعش وما رافق المعركة حولها من جدل وتجاذبات ومحاولات تركية لمنع القوات الكردية «السورية» من إحراز نصر حاسم فيها، يُؤهَّل الكرد كي يكونوا لاعبا رئيسا في الشمال السوري، وضَعَ اطراف الازمة امام تحديات وخيارات صعبة، ليس اقلها البحث عن تحالفات ومعادلات جديدة كانت تركيا في النهاية.. هي الخاسر الاكبر، فيما «انتزع» كرد سوريا ورقة رابحة مهمة جعلت منهم حصان الرهان الاميركي، والذي سيُمكِّن واشنطن – كما رأينا لاحقا – من «تفضيل» الكرد على الحليفة «الأطلسية»، حتى لو غضبت أنقرة واستخدمت ورقة قاعدة انجرليك الجويّة، التي تُبدي الولايات المتحدة ازاءها «زُهداً» يصل حدود عدم الاكتراث، بعد ان اقامت عشر قواعد جوية وبرية في الجيب الكردي السوري، وعندما كشفت انقرة مؤخراً عن مكان تلك القواعد وأسمائها، جن جنون واشنطن وراحت تتهم انقرة بانها تُعرِّض العسكريين الاميركيين لـِ»الخطر».
 
باستهدافه «كوباني» (نتحدث هنا.. كُرديّاً) يريد اردوغان، الذي تتعرض دبلوماسيته الى هجمات مرتدّة وتواجِه احتمالات التدهور وبخاصة مع المانيا والاتحاد الاوروبي في شكل عام، فضلا عن الفشل الذريع الذي سجّلته جولته الخليجية الاخيرة، والتي جاءت تحت غطاء الوساطة في الازمة القطرية.. يريد (اردوغان) من استهداف كوباني، ضرب المشروع الكردي في عقر داره (اقرأ عاصمته ورمزه القتالي المُؤَسطّر) وعدم الاكتفاء، كما كان هدف غزوته الاولى المُسمّاة «درع الفرات»، بقطع الطريق على الكرد كي لا ينجحوا في وصل مناطق سيطرتهم بين الحسكة وعين العرب وإعزاز وعفرين.. جغرافِيّاً، وكي لا تكون «دولتهم» (او حكمهم الذاتي «المرحلي»).. قائمة بفعل الامر الواقع.
 
قوات سوريا الديمقراطية او على وجه الدقة عمادها قوات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي وزعيمه صالح مسلم، لن يقفوا مكتوفي الايدي، فلديهم من «الاوراق» ما يستطيعون فيه مواجهة جيش اردوغان وخصوصا في الضغط على الاميركيين (اقرأ ابتزازهم) عبر وقف هجومهم الحالي في الرقة، وخصوصا انهم «جرّبوا» مثل تلك الورقة وكانت لها نتائج جيدة، عندما نجحت واشنطن في لجم القصف التركي لمناطق اكراد سوريا الذين «أنذَروا» اميركا بانهم سيأمرون قواتهم بمغادرة ساحات المعركة في الرقة كي يدافعوا عن بلداتهم التي تتعرض للقصف التركي.
 
ليست انقرة على تلك الدرجة من السذاجة (رغم صفاقتها وغطرستها) كي لا تأخذ في الاعتبار هذه «الورقة» الكردية المهمة، الاّ انها (انقرة) تبدو امام خيارات محدودة اذا ما واصلت مراقبة الاوضاع في الرقة دون اي رد فعل «ميداني» وبخاصة ان قوات سوريا الديمقراطية (اقرأ القوات الكردية) سيطرت على اكثر من نصف الرقة كما تقول الانباء، ما يعني ان انتصارا كرديا جديدا (بعد انتصار كوباني الشهير) سيُكبِّل انقرة ويُبدِّد خياراتها ويجعلها في مواجهة قوة كردية «مُنتصِرة»، ناهيك عما يمنحه من ذرائع ومبررات لواشنطن كي تواصل الرهان على «حصانها» الكردي.
 
العلاقات التركية الاميركية (دع عنك الروسية) مرشحة لمزيد من التدهور اذا ما تدحرَج «الدخول» العسكري التركي الى «عين العرب»، نحو عملية واسعة يُراد من ورائها تكريس الوجود التركي في ما يُعرَف بمناطق الحكم الذاتي الكردي، التي يقودها حزب صالح مسلم (الاتحاد الديمقراطي) فضلا عما يُكرِّسه الاجتياح التركي الجديد، من إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة، التي بدت وكأنها تتّجِه نحو تسليم «الجميع» بان الوقت حان لحل الازمة السورية ووقف الحرب على سوريا.. وفيها.
 
kharroub@jpf.com.jo