Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2016

لنوقف خطاب الكراهية - عماد عبدالرحمن

 

الراي - لا يختلف إثنان على فداحة الاضرار التي تلحق بالمجتمع جراء الانفلات الفكري والقيمي وخطاب التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه بالمناسبة ليست «متلازمة أردنية» بل هي ظاهرة عالمية تعاني منها معظم الدول، ومنها من يسعى لإيجاد وسائل ضبط ، ومنها من فشل في السيطرة على هذا الإنفلات المؤذي للسلم الاهلي.
 
اولا، لنعترف اننا امام ظاهرة مقلقة تأسر المجتمع وتِحطُ من مستوياته الفكرية والعقائدية لجهة تعزيز التشدد والتزمت والفكر الظلامي، ومصادرة الرأي والغاء الآخر، لمجرد الاختلاف معه بالرأي، الاخطر من ذلك الاجيال الناشئة التي تمضي ساعات طويلة تستقبل وتتلقى الاف الرسائل والافكار والمعتقدات والصور، المجهولة المصدر، دون رقيب أو حسيب، هذا الامر دفع دولة مثل السويد لسن قانون لمكافحة ظاهرة نشر الكراهية عبر وسائل التواصل، ومنع الاطفال دون سن السادسة عشرة من استخدامها، ومساءلة الوالدين، خصوصا وان معظم القوانين التي تعالج قضايا التشهير والمضايقات والقدح والذم سنت قبل الطفرة التكنولوجية.
 
ثانيا، ما حدث أمس ، امام قصر العدل ، من جريمة نكراء ، بحق المواطن ناهض حتر، الذي كان يمتثل امام القضاء، نتيجة طبيعية لخطاب الكراهية الذي يلاقي رواجا هذه الايام، وينجر الكثيرون ورائه بقصد أو دون قصد، ولا أنسى مقيمين خارج الوطن، هدفه الاول إستثارة فخ الفتنة وإيقاظها، بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة لضرب المواقع الحساسة ، وقد لا يكون أحد بعيد عن براثنه، في حال إستمرار خطاب الكراهية ، ولغة التحريض والتراشق بالكلمات والقدح والذم والتحريض.
 
ثالثا، ليس من حق احد التجاوز على سيادة القانون ومؤسسات العدل في البلاد، فالقضاء الاردني عادل ومستقل ويصدر احكامه بروية وتمهل، من غير تسرّع او مواقف مسبقة، بعد جمع الادلة والاستماع الى الشهود، والمتهمين، فالكل يتحمّل مسؤولياته، بالتالي، ليس من حق أحد تنصيب نفسه قاضيا وجلادا في نفس الوقت، لان سيادة شريعة الغاب وتغييب العدالة، سيضر بالكثير من المواطنين الذين لجأوا الى القضاء لتحصيل حقوقهم ، وتحقيق العدالة من خصومهم.
 
رابعا، ان معاناة العالم من العنف والغدر ظاهر للعيان منذ دخلت منطقتنا بحروب وإحتلالات متتالية، لا نهاية واضحة لها، فأصبحت بلاد الشام والعراق ساحة حرب تهدد دول المنطقة كلها ، بعد ان جمعت مقاتلين ومتشددين وجيوش دول عظمى، من معظم قارات العالم، فالمنطقة ومنذ عام 2013 دخلت في نفق مظلم مع احتلال العراق، وإعدام رئيسه في اول ايام عيد الاضحى المبارك، وأصبح منظر الدم والتدمير والتشريد يتصدر معظم نشرات التلفزة والصحف والاذاعات، فتربى جيل كامل على العنف والكراهية، وعدم الفهم لما يجري من حولنا، وكانت النتيجة جيلاً تائهاً ،فتح عينيه على الحروب والويلات والتشريد والدم.
 
خامسا، إذا أردت ان تعرف من وراء اي حدث، إسأل نفسك :مَن هو المستفيد الاول مما يجري؟، انها عدونا الاول الذي زرعه الاستعمار قبل نحو ستة عقود من أجل ان لا تقوم لنا قائمة، وإنتقاما لغزواتهم الفاشلة التي صدتها قلاع عكا وحيفا، وصواري الاسكندرية، وأسوار القدس.
 
سادسا، الاردن كان وسيبقى ملاذا آمنا وواحة للأمن والاستقرار ولن تنال مثل هذه العمليات اليائسة من صبر اهله وجَلَد قيادته وحكمتها، وسيبقى صوت الوحدة الوطنية والاخوّة الأعلى فيه، ولن تنجح مثل هذه المحاولات اليائسة لجرّه الى مستنقع الفوضى والدمار والتشريد، وسنتجاوز هذه المحنة كما تجاوزنا محنة الركبان وعين الباشا وتفجيرات عمان وغيرها الكثير، وسنبطل مفعول أنزيمات الحقد والكراهية التي يحاول البعض اشعالها عبر إفشال هذه المخططات اليائسة. ليكون الله في عون عائلة آل حتر، لتجاوز هذه المحنة، ولتصحو ضمائرنا وعقولنا ولنتنبه لما يحاك لنا، ولنعي الدرس قبل أن ننزلق أكثر وأكثر الى مستنقع ينُصِب لنا ليل نهار.
 
IMAD.MANSOUR70@GMAIL.COM