Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jan-2018

مواصلة الحديث عن الجامعات ! - د. زيد حمزة

الراي -  يبدو أن اهل مكة ليسوا دائما أدرى بشعابها وإلا لكان أهل الاكاديميا أقدر الناس على حل مشاكل الجامعات في بلدنا، ومع ذلك ففي هذا التعميم قسوة عليهم لأن بينهم من اجتهدوا وحاولوا حين كانوا في مواقع المسؤولية في الجامعات نفسها او في مناصب مهمة بالحكومات المتعاقبة وكأن لسان حالهم يردد تبريراً للفشل (( وعليك ان تسعى وليس عليك إدراك النجاح )).!

في ذاكرتنا غير البعيدة أن المستعمرين العثمانيين ثم البريطانيين أهملوا التعليم عندنا فلم نستحق
حسب سياستهم المطبقَّة حتى عام 1948 سوى اربع مدارس ثانوية (غير كاملة) في طول البلاد وعرضها وكان علينا لاستكمالها بالتوجيهية أن نقصد بلداً عربياً آخر، أما أول جامعة عندنا فلم تُنشأ إلا عام 1962 وسط ترحيب كبير رافقه لشدة الحرص والاهتمام نقدٌ موضوعي عالي المستوى حول طريقة التدريس فيها واختيار الاساتذة لها ومصادر تمويل تكاليفها لكي توفرّ التعليم المجاني او المدعوم لابناء الاردنيين والاردنيات دون تمييز بينهم ودون قيود تحرمهم من حقهم في التعليم العالي حتى لو لم ينص الدستور صراحة على ذلك بل حسبما فهم الشعب منذ البداية معنى العدالة الاجتماعية فلم يكن من السهل على أي حكومة ان تتجاوزها أو تحيد عنها كثيراً !
وبمرور زمن غير طويل وبتكاثر غير طبيعي أصبح لدينا عشرات الجامعات الحكومية والخاصة وأصبح الحديث عنها وعن شؤونها وشجونها لا يخلو منه مجلس او منبر او ندوة أو مقال او تعليق او تقرير بحثي، وكان من الطبيعي أن يكون لأهل الأكاديميا آراؤهم فيما يقال أو فيما يطّلعون عليه بانفسهم في جامعاتهم من مصاعب وأخطاء وانحراف وعقبات، ولطالما استمعنا إليهم يتحدثون بايجابية كبيرة عن آمالهم في تطوير هذه الجامعات لكي تصبح ضمن ((قوائم)) أفضل جامعات العالم وبخاصة تلك التي في الغرب وفي مقدمتها الجامعات الاميركية التي تخرّج بعضهم فيها، لكنهم نسوا أنها راكمت خبراتها عبر تاريخ طويل بلغ في بعضها مئات السنين وأنفقت عليها حكومات ومؤسسات غنية كانت الجامعات تعلم أنها حققت ثروتها بنهب ثروات الشعوب الأخرى، ونسوا أو تناسوا أن حاضنة تلك الجامعات ثقافةٌ استعمارية عنصرية مدعومة باقتصاد السوق الهادف اساساً للربح ولو عن طريق شن الحروب على الآخرين، وكان أكاديميونا في سياق اعجابهم بالغرب يتحاشون او يزدرون ذكر جامعات أخرى لها تاريخها وقدرها ومستواها فقد نمت وتقدمت بسرعة مذهلة في العقود القليلة الماضية كالصينية والهندية والماليزية.
كما كان لبعض أهل الاكاديميا احيانا ملاحظات ساذجة لا تخلو من تضارب المصالح يدافعون بها عن الجامعات الخاصة باعتبارها مشاريع استثمارية تدعم الدخل القومي ويغضون الطرف عن غياب البحث العلمي فيها رغم ما تجنيه من ارباح كبيرة!
لكننا عجبنا في نفس الوقت ممن يتجاهلون أننا بلد فقير شحيح الموارد ويصروّن على أن ضعف تمويل ميزانيات الجامعات عندنا هو السبب الرئيسي في تعثرها حتى ايام كانت تحظى بكامل حصيلة ((الضريبة)) التي فرضتها الدولة خصيصاً من اجلها ولو أن بعض المواطنين كانوا يدفعونها على مضض حين يجدون ابناءهم وبناتهم محرومين من القبول فيها ! كما عجبنا اكثر حين وجدناهم يتحمسون لاختراع بدعة ((الموازي)) ثم ((الدولي)) لاجتذاب ابناء الأغنياء ذوي المعدلات المتدنية من أجل رفد الجامعات برسوم باهظة لسد العجز ورفع رواتب الاساتذة حتى لو ادى هذان النظامان الى حرمان الطلبة الاردنيين المتفوقين من الدراسة الجامعية في بلدهم وفي ذلك مخالفة لروح الدستور الاردني ولمبادئ حقوق الانسان..
أما الملاحظة المتكررة التي يغمز بها بعض اهل الاكاديميا من جانب وزارة التعليم العالي التي خرقت بانشائها – في نظرهم – مبدأ استقلال الجامعات اذ كانت قبل ذلك مؤسسات يتصرف بها رؤساؤها ومالكو الخاصة منها كيفما يشاؤون وكأنها خارج الوطن وغير مسؤولة دستوريا أمام أي من السلطات الثلاث!
وبعد.. ألا لا يغيبنّ عن اذهاننا – مع اكاديميينا – أن للتعليم رسالة ينبغي حملها الى النهاية مهما بلغت الصعوبات، بالحرص على ان يكون حرا من التبعية الاجنبية، تنويرياً مخلصاً في محاربة كل اشكال الاستعمار والتمييز العنصري لا مجرد مجموعة من المعارف البراقة سيئة المضمون.