Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jul-2017

تركيا: سؤال الإنقلاب... وانقلاب الأسئلة؟ - محمد خروب
 
الراي - لم يكن يخطر ببال الرئيس التركي قبل الخامس عشر من تموز الجاري (يصادف السبت المقبل) ان ينغص عليه زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري «العلوي» كمال كيلتشدار اوغلو، فرحته التي اراد ان يحتفل بها وحيدا, في مناسبة مرور عام على محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث بات مئات الآلاف من الاتراك, ومن طبقات وشرائح مجتمعية عريضة اكاديمية وصحافية وقضائية ومجرد موظفين عاديين, وغيرهم من «العسكر» الذين وقف منهم اردوغان موقفا متشددا ومثقلا بالريبة والشك, وسعى وما يزال ومنذ ان دانت له السلطة, الى تقليم اظافر مؤسستهم القوية والنافذة والتي انتدبت نفسها لحماية النظام العلماني الذي اقامه مصطفى كمال في العام 1923 الى ان برز حزب العدالة والتنمية في الفضاء التركي، فلم يوفّر اردوغان جهدا او وقتا لإضعاف نفوذ ودور الجنرالات, على نحو جاءته محاولة الانقلاب «الغبية» او لنقل التي ما تزال الشكوك حول صحتها او دقة تسلسل أحداثها ، قائمة بدليل ان عاما كاملا مضى وما تزال حملات التنكيل والاعتقالات والطرد من الوظيفة ومطاردة «الاعداء» مستمرة ومتواصلة وتأخذ طابعا انتقاميا, يثير المزيد من التعاطف مع ضحايا القمع الذي ما يزال يمارس ضد «اناس» يفترض ان اثني عشر شهرا مضت كانت كفيلة بان تضيء وتزيل النقاب عن ملابسات وقائع ذلك اليوم, الذي ما يزال اردوغان يوظّفه ويستثمره من اجل تعزيز نفوذه الشخصي,على النحو الذي تجلّى بوضوح في «معركة» الاستفتاء الشعبي التي خاضها نيسان الماضي من اجل تحويل النظام البرلماني القائم في تركيا منذ ربع القرن الماضي الى نظام رئاسي, يوسّع صلاحيات رئيس الجمهورية ويلغي منصب رئيس الوزراء ويجعل من رئيس الجمهورية محور العملية السياسية في بلاد لم تعرف الاستقرار منذ قرن تقريبا، وجاء حكم حزب العدالة والتنمية ليعمّق من ازماتها السياسية والمجتمعية, ويزيد من حدة التجاذبات الافقية والعامودية ذات الجذور العِرقية والطائفية والمذهبية. التي لا يريد اردوغان ان يعترف بوجودها في مجتمع فسيفسائي مركب ومعقد كالمجتمع التركي.
 
افسدت مسيرة «العدالة» التي قادها حزب الشعب الجمهوري, احتفالات اردوغان بمرور عام على «النصر» الذي احرزه ضد خصومه في المؤسسة العسكرية خصوصاً,ودائماً ضد كل القوى السياسية والحزبية التي يريدها ان تكون مجرد ديكور في مشهد تركي ينحو بتسارع نحو الديكتاتورية وحكم الرجل الواحد, وان يلجأ الى لعبة الاستفتاءات او الانتخابات المبكرة, لتمرير رزمة من القوانين التي تعزز صلاحياته ودوره.
 
يقال في غير صالح زعيم المعارضة كمال اوغلو, انه شخص غير كاريزمي وباهت سياسياً ولا يتمتع بالمؤهلات والمواهب «الزعامية» التي يتوفر عليها لاعب كرة القدم السابق اردوغان, الا انه – اوغلو – وبالنجاح الذي سجّلته مسيرة العدالة المُعارِضة التي بدأها اوغلو وانصاره انطلاقاً من العاصمة أنقرة سيرا على الاقدام في اتجاه اسطنبول (450كيلومترا) وتحديدا امام بوابة السجن الذي يقبع داخله عضو البرلمان التركي (والصحافي السابق) أنيس بربر اوغلو، على خلفية قيام الاخير بالكشف عن قيام المخابرات التركية بتقديم اسلحة للمنظمات الارهابية في سوريا تحت ستار المساعدات الانسانية، ما اصاب اردوغان ونظامه بالصدمة، التي يبدو انهم لم يفيقوا منها حتى الان، فراحوا ينكلّون بالمعارضة ويوجّهون لها شتى الاتهامات بما في ذلك تهمة الخيانة والكشف عن اسرار الدولة، بل ان الرئيس التركي وتعليقاً على مسيرة العدالة المليونية، رغم ان السلطات الحاكمة تقول انها تقِلّ عن نصف المليون، فيما التقارير المحايدة تسجل انها فاقت المليونين,وهم بالمناسبة ليسوا كلهم من انصار كمال اوغلو او حزب الشعب الجمهوري، لكنهم ارادوا الاحتجاج على أجواء القمع المتصاعدة في البلاد، فوجدوا في «مسيرة العدالة» الفرصة للتعبير عن ارادتهم والتصويت بالاقدام ضد الاجراءات غير القانونية التي تطال كل شرائح المجتمع التركي. وكلّها تحت ذريعة انهم من اتباع حركة حِزمِت (الخدمة) التي يقودها فتح الله غولن.
 
من استمع الى رد فعل الرئيس التركي على مسيرة العدالة، ايقن حجم الصدمة التي اصابته بعد نجاح هذه المسيرة, والكيفية التي استعادت بها المعارَضة (السِلمِية) نشاطها, إثر حملات القمع التي لم تتوقف منذ 25 تموز الماضي, حيث لم يتردد اردوغان في اتهام زعيم المعارضة (وهو الذي اصطف الى جانبه في البرلمان والمشاورات الحزبية لادانة محاولة الانقلاب) بانه «يؤيد المنظمات الارهابية ويتدخل في الجريمة لانه (..) يُعارِض اوامر الجهاز القضائي»، ليخلص الى الاستنتاج «بأن المُعارِضين وصلوا الى نقطة, يعملون فيها مع المنظمات الارهابية ومع القوى التي تعمل ضد بلادنا. قال أردوغان.
 
«خِيانة» المعارَضة في نظر اردوغان, تعني مواصَلة عملية المطاردة التي لم تتوقف منذ عام, بل ان معظم المتهمين لم يمثل امام المحاكم, وما يزال «الحساب مفتوحا» لِإضعافها وبث اليأس في صفوفها؟, وبالتالي فرض العجز والاستسلام عليها.
 
هل ينجح اردوغان في مواصلة استثمار «ريع» المحاولة الانقلابية، دون ان تقوى المعارَضة على مواجهته او تعرية قراراته الانتقامية, استغلالا منه لمحاوَلة انقلابية ما تزال الاسئلة حولها... بلا اجوبة مُقنِعة؟
 
..الامر مرهون بمدى استفادة هذه «المعارضة» من الزخم الذي اوجدته مسيرة العدالة, وخصوصاً الأزمات التي تلاحق اردوغان في الداخل وخصوصاً في الخارِج السوري والخليجي ومع الاتحاد الأوروبي أيضاً.
 
kharroub@jpf.com.jo