Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jan-2017

«مُقارَبة» ترامب لِروسيا والصين.. ابتزاز واستفزاز ! - محمد خروب

 

الراي - يومان تبقيّا على دخول دونالد ترامب البيت الابيض، لكن رجل الاعمال الذي لا يتوقف عن اطلاق المزيد من التصريحات المتناقضة, وبخاصة في شأن علاقات ادارته الدولية, ومواقفها من الملفات الساخنة والمُعقدة التي خلّفتها دبلوماسية اوباما – كيري, وقبل الاخير هيلاري كلينتون، تفرض نفسها على اجندة الرئيس الاميركي رقم 45, الذي تنظر عواصم عديدة الى عهده, بمزيد من الترقب المشوب بالحذر والخِشية من انعدام تجربته السياسية وفقدانه ابسط انواع اللياقة الدبلوماسية والشخصية, فضلا عن الفريق الصقوري الذي سيُصاحبه في «وظيفته», الامر الذي قد يضفي على المشهد الدولي، مزيدا من الارتباك والتوتر وانعدام اليقين في شأن مدى ثبات ترامب على رؤيته ومقاربته للملفات الدولية، سواء في ما خصّ العلاقات مع موسكو وبيجين وتفرعات ملفاتها, بدءاً من ملفّي اوكرانيا وسوريا (الارهاب خصوصاً), ام في شأن العلاقات التجارية والعقوبات المفروضة على دول عديدة وفي مقدمتها موسكو, ناهيك عن تهديداته الاستفزازية للصين وتمسُّكه بمراجعة مبدأ «صين واحدة», الذي كرّس علاقاتهما منذ اربعة عقود، بعد ان نجحت دبلوماسية البينغ بونغ، التي دشنها الثنائي نيكسون – كيسنجر, في كسب «ود» (حتى لا نقول ثقة) بيجين, وفتح الطريق على اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين, تنهض في الاساس على الاعتراف الاميركي النهائي بـ(صين واحدة) وان كانت بيجين «ماو» قد اخطأت, عندما وافقت على منح واشنطن «حق» تسليح «تايوان», الامر الذي وان كان لم يَرْقَ الى توقيع اتفاق دفاع مشترك بين تايبه وواشنطن، الاّ ان الاخيرة وجدت في هذه «الثغرة» مجالا لرفع مستوى علاقاتها العسكرية الى درجات اعلى, تجد تجلياتها في المناورات العسكرية المشتركة, التي تقيمها بين فترة واخرى مع جيش تايوان.
 
موسكو... التي بدت وكأنها المستفيد «الاكبر» من فوز ترامب وهزيمة هيلاري كلينتون, وبخاصة ان ترامب اطلق تصريحات لافتة حول شخصية رئيسها واستعداده للإعتراف بعودة القرم الى السيادة الروسية، ووصف حلف شمال الاطلسي بانه «منظمة عفا عليها الزمن» وكرّر ذلك الوصف مرارا بل لم يتردد في توقُّع خروج المزيد من الدول الاوروبية المنضوية تحت راية الاتحاد الاوروبي من عضويته, ما اثار حفيظة ميركل وهولاند وردّا عليه بتصريحات «مُتحدّية»، تُبدي – موسكو – مزيدا من الحذر بعد ان ظهرت بوضوح عقلية «التاجر» لدى قطب العقارات الاميركي, الذي يحاول إظهار شطارته في «المساومة» ويريد تطبيقها في عالم السياسة بشكل فظّ واستعلائي, اكثر من استناده الى ابجديات التفاوض المستند الى عوامل ومعايير يصعب تجاوزها, حتى بافتراض تمسّك ترامب بـِ»الوَهم» الذي سيطر على ادارة اوباما, بان اميركا هي القائد «الاستثنائي» التي يحتاجه العالم ولا يمكن التخلي عن مساعدتها وقوتها الاقتصادية والعسكرية، إلاّ ان موازين القوى ومعادلة التحالفات الدولية والاقليمية والتراجع الملموس في الدور الاميركي العالمي, لا تسمح كلها لترامب, بان يمضي قُدما في استفزاز وابتزاز موسكو وبيجين, بما هما «نجما» الساحة الدولية والمُقبِلان بقوة وثقة للجلوس على «منصّة» نظام عالمي جديد في طور... البروز والتشكّل.
 
يصعب على الصين أيضاً, قبول العبث الاميركي بمبدأ صين واحدة, الذي يريد ترامب ان يُخضِعَه لمساومات ذات طابع استفزازي عندما يقول مثلا: انه سيتجاوز هذه «المسألة» اذا ما عدّلت بيجين سلوكها وتعاملها في ملف التجارة بين البلدين, وقامت بتغيير موقفها من مسألة سعر صرف «اليوان» الصيني. الأمر الذي تجده الاخيرة محاولة لليّ ذراعها واخضاعها لمزاج رئيس لا يمكن التنبؤ به، ما دفعها الى تحذيره بشكل حازم وحاسم تجلّى في افتتاحيات لصحف صينية حكومية كما جاء في افتتاحية صحيفة «غلوبال تايمز»: .. إذا تراجع ترامب عن سياسة صين واحدة بعد توليه الرئاسة، فان الشعب الصيني سيُطالِب الحكومة بـِ(الثأر), ليس هناك مجال للمساومة. ختمت الصحيفة الصينية. ما يُعيد الى الاذهان التصريح التحذيري الذي كان اطلقه اوباما ناصحا ترامب بالقول: «ان فكرة (الصين الواحدة) تُعّد محورية للجانب الصيني, ومحاولات تقويضها قد تأتي بتداعيات».. وهو ايضا ما لفت اليه المتحدث باسم الخارجية الصينية عندما قال «بحزم»: ان سياسة الصين الواحدة، اساس سياسي للعلاقات الثنائية وغير قابلة للتفاوض».
 
اما موسكو.. التي تُراقب تحولات المشهد الاميركي بمتابعة حثيثة, فانها تحار (وان لا تُعلِّق كثيرا على تقَلّبات ترامب... إلا ما ندر)، في معرفة حقيقة السياسات التي سيتبناها الرئيس الجديد، عندما يربط تحسين العلاقات مع موسكو بـِ»مساعدة» الاخيرة واشنطن على محاربة الارهاب، ثم يخرج في اليوم التالي ليقول: إن تحسين هذه العلاقات مرهون بالتوصل الى معاهدة جديدة حول تقليص الاسلحة النووية، وفي تصريح آخر يغمز من قناة موسكو ويصف انخراطها في سوريا بانه» زاد من تعقيد الازمة هناك»، في الوقت ذاته الذي يُبدي فريقه للسياسة الخارجية والامن الوطني والاستخبارات, مواقف مُتشدِّدة من موسكو ورئيسها.
 
في السطر الأخير فإن مواقف ترامب وسياساته الحقيقية,لن تتأخر في الظهور تباعا, لان الملفات الساخنة في بعض بؤر التوتر، لن تسمح له بترف المراوحة بين التناقض والالتباس والابتزاز والاستفزاز, ولهذا تُواصِل موسكو وبيجين – وربما بروكسل – بما هي مقر الاتحاد الاوروبي وحلف الاطلسي, الانتظار بقلق وحذر الى ان ينجلي الموقف... «الترامبي».
 
kharroub@jpf.com.jo