Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Oct-2018

رؤية الملك في تطوير اللامركزيّة.. المواطن شريك فاعل

 الراي - لا شكّ أنّ تجربة اللامركزيّة ليست قانوناً رياضيّاً يتمّ تطبيقه بمعزلٍ عن وعائه المجتمعيّ، فبعد عام من التجربة، تغدو المراجعة أمراً وجيهاً ومبرراً بما يفرزه المجتمع المحلّي في تعاطيه واستجابته وتواصله مع هذه المجالس، خصوصاً وأنّ الميدان هو المحكّ الحقيقيّ والواقعيّ لمدى نجاعة التطبيق وملاءمته للرؤية النظريّة.

من هذا كلّه تجيء الرؤية الملكيّة لتقرأ اللامركزيّة من مرآة الناس ومنظورهم ودرجة رضاهم، فليست الحالة بالتأكيد مثاليّةً؛ ذلك لأنّ ما تفرزه آراء المتعاملين وحقيقة الإنجاز ونسبته ومدى يسر التحدّيات أو ثقلها، من الأهميّة أن يتم البناء عليه استجابةً للمطلب الملكيّ بضرورة أن تكون المجتمعات المحليّة هي صاحبة القرار في ها الشّأن؛ خصوصاً وأنّ اللامركزيّة جاءت أصلاً لخدمتهم كما أكّد جلالته في لقائه رؤساء مجالس المحافظات أمس.
إنّ مؤشرات الأداء سببٌ كافٍ لتطوير القانون والنظر في فئته المستهدفة وكونه عبئاً في بعض تفاصيله على الرؤية، وهو أمرٌ موضوعيٌّ في ظلّ نداءات يدرك جلالة الملك مدى واقعيّتها ويشعر معها بالحاجة فعلاً للتطوير والتحديث، نحو بناء شراكة رائدها المواطن في أمر يلمسه المواطن نفسه، والهدف منه أن يكون هو بطلاً تنمويّاً فيه.
إنّ قياس الرضا أو معرفة إصابة القانون هدفه المتوخّى منه أمرٌ لا يكون بمعزلٍ عن الطرف المهمّ فيه وهو المواطنون الذين جاء القانون لخدمتهم، فحتّى يكون التقييم الشامل الذي أراده جلالة الملك فلا بدّ من حالة من العصف الذّهني المباشر الذي يشترك فيه الإداريّ وصاحب الخبرة والمواطنون، لأنّ عثراتٍ لا تخفى في نظرة الناس، وشكواهم، لا لأنّهم لم يختمروا الموضوع أو يفهمونه بداية تطبيقه، وإنّما لأنّ عُقَداً إداريّة ربما كوّنت هذه الصّورة النمطيّة التي تعززت لدى كثيرين، في تضخيم الأمل أو ازدواجيّة العمل أو نشوء حالات من اليأس أثناء التطبيق.
غير أنّ التحدّيات لا يجب أن تكون شمّاعةً تُعلّق عليها الأخطاء أو مشجباً يحول دون المراجعة، وبالنظر إلى مدّة التجربة فإنّ التحديث والتطوّر وربّما الإصلاح كلّها جميعها أبجديات إداريّة مهمّة حين يتعلّق الأمر بمستوى الخدمة المقدّمة للمواطن وهل صنعت هذه التجربة دوراً تنمويّاً عماده الناس كصنّاع للتنمية ومتلقين لها في الآن ذاته. وإذا كان جلّ المعيقات التي استمع إليها جلالته يتلخّص بتنفيذ المشاريع في التمويل واستملاك الأراضي، فإنّ البيروقراطيّة أيضاً تشكّل عائقاً خطيراً، إذا ماقُرئت بتعريفها السيّئ الذي يتضمّن شهوة المنصب وتعطيل القرار وخنق المصالح الاستثماريّة والتلكّؤ في التنفيذ استجابةً لمعطيات قديمة عفى عليها الزمن تنبع من ثقافة الإداريّ وانعزاله واستعلائه وربّما عدم خروجه من الشرنقة باتجاه معالجة ما يستجدّ.
إنّ جلالة الملك وهو يضع بين عينيه الاستثمار ومستوى الخدمات، لَيقدّم دروساً واقعيّةً في تجاوز «حكم المكتب» إلى المسؤوليّة والقيام بالواجبات، فالقرار التنمويّ أمرٌ لا يجوز تعطيله أو التحذلق بشأنه، أو تسويفه إذا ما علمنا أنّه يشكّل مصدر أمل وحركة إنعاش للمحافظات والأقاليم.
وإنّ القول بضرورة التطوير لا يعني بالتأكيد المناداة بإلغائه كليّةً، ولذلك فإنّ مُخرج أن يصبح مجلس المحافظة هو الوحدة التنمويّة الحقيقيّة توصية واقعيّة ووجيهة لأن تُحترم، تماماً مثلما أنّ على القانون أن يشيع حراكاً اقتصاديّاً تنمويّاً، إذا ما تمّ التركيز على ما يرتبط بالقانون وعمل المجالس من تشريعات أو تنفيذ أو تمويل.
لكننا بالتأكيد لن نعدم عقولاً عبقريّةً أفرزتها هذه المجالس، إذا نظرنا من منظور عدم تقزيم المنجز أو التثبيط من وجوه العمل، مع أنّ الصخرة التي تجثم على صدر كلّ إداريٍّ هي مدى ما هو مخوّلٌ لأن ينجزه أو مقدار ما يتمتع به من صلاحيّات، فهي مصاحبات مهمّة سيكشف عنها قياس الأداء أو جلسة العصف الذهني المقترحة أو الاقتراب من الناس في تدوين مدى علاقتهم الحميمة مع التطبيق الفعلي أو ابتعادهم عنه وقنوطهم منه.
المراجعة أمر مهم في كلّ شيء، لتعظيم الإنجاز أو تلافي الضعف أو إحلال آفاق جديدة بدلاً من آفاق مسدودة بالجهل باللامركزيّة أو اعتبارها وجاهةً اجتماعيّةً أو منصبيّةً فقط لا غير والانطلاق منها لغير خدمة الناس.