Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jul-2017

اللغة الهجينة - مي شُبّر
 
الغد- قبل سنوات كنت في سدني /أستراليا في زيارة ابني الوحيد. دعتنا صديقة لبنانية إلى رحلة في ضواحي سدني مع مجموعة عوائل عربية لنقضي وقتاً ممتعاً في منطقة   three sisters والتي هي ثلاثة جبال تقول الأسطورة: كن ثلاث أخوات حولتهن الساحرة إلى ثلاثة صخور صارت جبالاً فيما بعد. في المساء ونحن نهيئ مستلزمات الرحلة اتصلت صاحبة الدعوة تعتذر عن الموعد بقولها إننا لا نستطيع الذهاب غداً فقد سمعت النشرة الجوية تقول "راح تريّن غداً". لم افهم  وتظاهرت بعدم السماع جيداً فأعادت: "راح تريّن". سألت ابني: شو يعني؟ قال: يعني راح تمطر راح تشتّي. و"تريّن" من rain مطر بالإنجليزية.
من ذلك اليوم بدأت اجمع في دفتر صغير كلمات على وزن "تريّن"، ليس في استراليا فقط بل حتى في الأردن والعراق نقول راح "أسيّف الرقم في الموبايل"، أي أخزّن الرقم، أو سيّف عندك المقال. في جنوب العراق يستعمل بعضهم كلمة "دريول" بدلاً من كلمة سائق وهي من driver الإنجليزية منذ الاستعمار الإنجليزي. في المغرب وقد عشت فيها سنوات بسبب عمل زوجي استاذاً في جامعة محمد الخامس كانت الخادمة تقول وضعت الصحن في "الكوزينة" تعني المطبخ  من كلمة  causine بالفرنسية، اما عند البقالة فتقرأ "تلفاس" فوق فاكهة التين وكلمة ماطيشة فوق كلمة "طماطم". والمغربي يقول لك "أحبك بالزاف" أي كثيراً او جداً، والتونسي يقول "أحبك برشة"، وغير ذلك الكثير من الكلمات التي جاءت من اللغة الأمازيغية والإسبانية. وهناك ظاهرة كتابة كلمات إنجليزية بحروف عربية مثل: (باي.. أو أوكي"، او عربية بحروف إنجليزية مثل slamat للمريض، وغيرها الكثير تستخدم في البريد الإلكتروني بين الشباب وبكثرة.
 في قاموس الوسيط الصفحة 975  "الهجين في علم الأحياء نبات او حيوان ينتج عن تزاوج نوعين أو سلالتين او صنفين مختلفين، ومن الناس الهجين هو الذي أبوه عربي وأمه اعجمية". وهذا ما يشبه إلى حد كبير تلاقح اللغات وظهور لغة هجينة غريبة عن الأصل، لغة مركبة من لغتين فتأتي كما نقول في الدارجة "مكسّرة" لكنها مفهومة لدى المتلقي. والكلمات الهجينة من الكثرة بحيث اصبحت جزءا لا يتجزأ من اللغة الأم ناهيك عن اللهجات المحلية لكل بلد ففيها اختلاف كبير فيما بينها نتيجة تلاقح كل لهجة بلغة مستعمرها، فجاءت بكلمات مركبة من لغتين ثم ما لبثت أن صارت جزءا من اللغة الأم لانتشار استعمالها، كما في العراق الكثير من الكلمات الإنجليزية مع اللهجة العراقية، كذلك في اللهجة اللبنانية الكثير من الكلمات الفرنسية وذلك لتأثير مستعمر كلا البلدين.  
ينبغي أن ندرك أن اللغة هوية كل شعب التي تميّزه بين الشعوب ولا يجوز ان تصبح لغة عالمية واحدة لأن كل كلمة لها تاريخ ومعنى بين أهلها، كما أن اللغة كالعملة تزداد  قيمتها وأهميتها بقدر مستخدميها وكثرة تداولها.
 تُرى، هل سوف نحتاج في المستقبل القريب إلى ملاحق للقواميس لشرح معاني الكلمات الهجينة التي تزداد يوما بعد يوم وتنتشر بين الشباب وبين المهاجرين  بخاصة؟