Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Aug-2019

“خط أحمر”* حسني عايش

 الغد-لم أر ولم أسمع ولم أقرأ في حياتي عن إرهاب مثل الإرهاب التعليمي أن علامات امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) خط أحمر، ولا يمكن التشكيك في دقتها ونزاهتها ومصداقيتها (الغد في 6/8/2019) وكأن هذه العلامات منزلة من السماء. ان صدور مثل هذا التحذير من وزارة التربية والتعليم التي نحترم ونجلّ غريب، إذ يجب أن يكون كل من يعمل فيها يعرف ان العلم يبدأ بالشك حتى في البديهيات والنظريات المؤكدة، وإلا فإن هذا الامتحان من الدقة والقياس لا يعكس الذاكرة والتفكير بل جينات كل تلميذ وتلميذة تقدما له، مع أن النتيجة تختلف لو تم التصحيح في وقت آخر، أو بمصححين آخرين، أو بأسئلة أخرى، وهكذا. وأسس القبول الجامعي القائمة على الكوتات والاستثناءات والإقصاءات.. تشكك كل عام رسمياً بنتائج الامتحان عندما تستثني وتقصي علامات أعلى لصالح علامات أدنى وتقصر التنافس على نحو 28 % من المقاعد الجامعية.

لقد ألفت كتابا يشكك في نتائج الإمتحان – أي امتحان بعنوان: امتحان عام أم استغفال الرأي العام (2003). وبموجب هذا الخط الأحمر يجب حبس المؤلف بأثر رجعي وسحب الكتاب من التداول وحرقه. مرحى، مرحى، مرحى لهذا التقدم الفكري التربوي العبقري!!
الدين الأميركي الجديد
يتساءل أستاذ القانون والإدارة الأميركي توني ماك آدمز في كتاب له في ” القانون والبزنس والمجتمع “، فيقول: ” هل تملك أميركا حياة ثقافية راقية؟ ويجيب:” لعقود ونحن نخشى اختفاء الثقافة الرفيعة والموسيقا الكلاسيكية، والأوبرا، والباليه والآداب الراقية، لصالح الموسيقا روك أند رول، والتلفاز، والكتب الهزلية، ويبدو أن المعركة انتهت الآن لصالحها”.
ويبدو أن أميركا والعالم صوّت لها، فقد انتصرت الثقافة الشعبية كما تتجلى في قصة شركة والت ديزني. ففي هذه الأيام تبدو أميركا وكأنها تعيش في والت ديزني، بعدما عمقت سيطرتها على النفس الأميركية طولا وعرضا. ومن الصعوبة بمكان تذكر أو ذكر شركة أخرى مارست يوما مثل هذا التأثير على الثقافة الأميركية. أما الصعوبة الأخرى فتتجلى في عدم العثور على شركة حاصلة على مثل الإعجاب الواسع – وحتى المحبة – من الأميركتين التي تحصل عليه والت ديزني.
يرى النقاد مثل الأستاذ هارولد بلوم – الأستاذ في جامعة ييل – “أن قوة ديزني المتسعة تهدد الخيوط الباقية من الحياة الثقافية الأميركية، ففي نهاية هذا الطريق سيقع تجانس ثقافي من أفظع الأشكال، لأن نسخة ديزني الثقافية من القوة ما يجعل الرسائل الثقافية الأخرى غير قابلة للسمع “. لا يتوقف نقد ديزني هنا فقط، بل يعتبر كثيرون منتجاتها عنصرية، ولا تمثل رؤية دقيقة لأميركا.
أما هنري جيروكس – الأستاذ في جامعة بِنْ الحكومية – فيقول مغتاظاً: “تعرض ديزني التاريخ الكلي للهنود الحمر الذي يعتبر بمثابة إبادة كقصة حب. لقد أصبحت ديزني المربي الرئيس لأطفال أميركا، فمعظمهم يستطيع تسميع النص الكامل للأسد / الملك قبل أن يتعلموا شيئاً عن خطبة ابراهام لنكولن في جييتسبيرج، بل أن هناك من يدعي أن قيم ديزني صارت هي الدين المدني الجديد لأميركا (Civic religion) بدلاً من دروس لنكولن وجيفرسون وغيره من الآباء المؤسسين، وأن عالم ديزني نوع من المعبد الروحي للأميركيين. وتضيف جودي آدامز: “لقد حل عالم ديزني الكامل محل جنة عدن التوراتية كرؤية أو تصور للجنة”.
وتلخص ديانا جرين قلقها من تأثير ديزني الثقافي على أميركا، بقولها: “إنه سيف ذو حدين، فعلى أحدهما نرى شخصيات ديزني المرحة يصفرون وهم يقومون بالعمل الصحيح ، وأن العمل سينجز، ولا اعتراض لي على ذلك لأنه لا طفل يمكن أن يحقق ذلك بدون أمل. وعلى الحد الثاني أعلت ديزني من حرف (م/M) أو المادية (Materialism) كثيراً. أن من الأفضل لديزني تنمية قيمة الوجود الإنساني الكامل عند الأطفال وليس قصر تعليمهم على الاستهلاك والاستهلاك والاستهلاك “.
أما عالم الاجتماع جون فان مينن من معهد مساسوستش للتكنولوجيا، فيرى “أن ديزني تعمل فيما يمكن تسميته ببزنس الشعور (Feeling Business ) فإنتاجها الأول هو العاطفة / الضحك، والصحة الحسنة”.
لقد حقق آخر فلم لديزني -الملك الأسد– أرباحاً تجاوزت مليار دولار بعد عرضه في جميع أنحاء العالم ومشاهدة الملايين له، مع أن قصة الفيلم لم تتغير عن النسخة السابقة، إذ لما فقد الناس في العالم
–إجمالاً– قيم المحبة والصدق والوفاء.. وانغمسوا في الاستهلاك المدمر لدخولهم وأخلاقهم، فقد وجدوا في هذا الفيلم “الحيواني” العزاء. ان ديزني لا تغير أميركا فحسب بل تغير العالم أيضاً، وبتعرضهم للثقافة والقيم نفسها فإنهم يدخلون في دين ديزني الأميركي الجديد.