Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Oct-2019

«لوك» حكومي جديد!*سامح المحاريق

 الراي-تعطي التصورات المتوارثة للحكومة دوراً أوسع من وظائفها الحقيقية، وهو الدور الذي يلتهم السلطات اﻷخرى في المخيلة الشعبية، فالسلك القضائي يعتبر مثلاً لدى المواطن العادي جزءاً من الحكومة، بينما البرلمان الذي لم يتمكن من اتخاذ مواقف تاريخية تنتفض فعلياً ضد الحكومات المتعاقبة سوى مرة أو مرتين في مئة عام تقريباً من عمر الدولة اﻷردنية فلا يمثل سوى الظل للحكومة، والشائع أن النائب ليس سوى رسول بين المواطنين والحكومة، ولا يقدم النائب ما يدحض تلك الصورة إذ تلتقطه الكاميرات يمرر الطلبات، ولا يخجل النواب من التشكي من احجام الوزراء عن تلبية مطالبهم الخدمية.

 
منذ اللحظة صفر كانت الحكومة موضوعاً لمبالغة شعبية تجاه دورها في اﻷردن، فاﻹقليم العثماني السابق لم يكن يعرف سوى الموظف الحكومي، فالسلطان ومجالسه التي تشكل الدولة بالمعنى العميق موجودة في اﻷستانة، وكل ما يلمسه الفرد في حياته اليومية هو ذلك الكاتب ومن ورائه الباشكاتب الذي يمثل الدولة وسلطانها، دون أن يكون صانعاً أو مساهماً أو قريباً من صناعة سياساتها وقراراتها أو مشاكلها، كانت الحكومة شباكاً للدولة، وبقي مفهوم الدولة وراءها غامضاً على الرغم من وجود اﻷردنيين على مقربة من الحاكم في مرحلة تأسيس الدولة مع المملكة الهاشمية.
 
استفادت الحكومة من هذه العلاقة المشوهة واحتكرت السلطة فعلياً في علاقتها المواطن، الذي بدوره تعلق بالحكومة بوصفها اﻷم الرؤوم، وتعززت هذه العلاقة مع تضخم الجهاز الحكومي وتمدده في الكثير من المناطق بوصفه المشغل الوحيد، حتى أنه لا يكاد يخلو بيت في بعض المناطق من موظف حكومي، وهذه العلاقة غير الصحية المتوجب تفكيكها لتعود الحكومة لمجرد سلطة في منظومة متوازنة تبدو اليوم تراثاً يتوجب الحفاظ عليه، وعدم تركه آيلاً للسقوط العشوائي، ولذلك استجاب اﻷردنيون جميعاً لمخرج معقول ﻷزمة المعلمين اﻷخيرة.
 
أمامنا طريق طويل وصعب لإعادة ترتيب المخيلة الشعبية والتواضع بدور الحكومة إلى الحدود المعقولة واﻵمنة لتسمح لبقية مكونات المجتمع السياسي والمدني بالنمو والمشاركة، ووقتها ستحضر الحقائق وتتوزع المسؤوليات ونتخفف من العواطف التي طغت على مشهد التوصل إلى حل انعقد بين النقابة والحكومة في وسط احتفاء شعبي ورسمي بالمعلمين، إلا أن تجاوز الحل خانة الإجراء الاعتيادي ليتحول إلى فورة عاطفية فأمر يؤكد ضرورة أن تبحث الحكومة عن «لوك» look جديد، وأن يبحث المواطن عن نفسه بنضج.