Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2016

لا للاغتيال السياسي والإرهاب الفكري .. - محمد كعوش

 

الراي - المهاتما غاندي المعادي للعنف والقتل والاغتيال قال : « انا مستعد لأن أموت ، ولكن ليس هناك أي سبب يدعوني لأكون مستعدا للقتل» . وقال : « الضعيف لا يغفر فالمغفرة شيمة القوي « . قال ذلك لأن في فكره ووعيه مساحة واسعة من التسامح والسلام أما الكاتب والروائي الفرنسي الكبير اميل زولا فقد قال : « اذا سألتني ، ماذا جئت تفعل في هذا العالم ؟ ، ساجيبك : جئت لأعيش بصوت عال « .
 
تذكرت هذه الأقوال عندما علمت باغتيال الزميل الكاتب الصحفي ناهض حتر امام قصر العدل في وسط عمان ، وفي وضح النهار ، لأنني عرفته منذ كتب الكلمة الاولى وهو طالب في الجامعة الاردنية ، وزاملته وتابعته في مسيرته السياسية والصحفية , ناهض كاتب اشكالي جريء ومميز وواضح وعنيد ، جاء ليعيش بصوت عال وتذكرت هذه الاقوال لأن الذين اغتالوا ناهض لا يملكون اية مساحة من التسامح رغم الاعتذار .
 
قلت ان ناهض كاتب اشكالي ، فكره وكتاباته وشخصيته الصدامية مثار جدل دائم في الوسط السياسي والفكري والأدبي وانا من خلال الرفقة الطويلة كنت التقي معه حول عدد من القضايا السياسية الوطنية والقومية والانسانية ، كما اختلفت معه في كثير من مواقفه ايضا ، ولكن هذا لا يعني أن الاختلاف في الرأي يجب أن يؤدي الى العداء والكراهية ، لأننا نؤمن أن الحوار هو الوسيلة الحضارية للاقناع . لذلك ، كنا وسنظل ضد العنف والاغتيال السياسي والارهاب الفكري ، لأن حجة الغضب ومبررات الاغتيال والقتل تبقى ضعيفة وغير مقنعة ولا انسانية .
 
الاغتيال هو نهج للتصفيات الجسدية للمفكرين والفلاسفة ساد في العصور الوسطى ضد الفكر والفلسفة والرأي والمعتقد ، ولكنه ظل ظاهرة محدودة في المجتمعات المعاصرة والمتقدمة . واعتقد ان الاغتيال السياسي على قاعدة الرأي والمعتقد حالة نادرة في الاردن ، وهي ظاهرة غريبة ودخيلة على المجتمع الاردني وتقاليده واخلاقياته ..
 
واغتيال ناهض حتر امام قصر العدل جريمة تدعونا الى ادانتها وشجبها ، كما تفرض على الجهات المسؤولة اعادة قراءة المشهد بكل تفاصيله ، لأن هناك من فرض نفسه بديلا عن القضاء واجهزة الامن واراد تطبيق قانونه الخاص ضد كاتب اردني على قاعدة الاختلاف في الرأي والمعتقد ، أي تطبيق شريعة الغاب . وكذلك هناك من مارس التحريض على قتل الكاتب وهدر دمه ، رغم اعتذاره وتحويله الى القضاء .
 
يجب ان يعرف الجميع أننا نعيش في وطن ودولة المؤسسات ، الأردن ليس غابة تعمها الفوضى ، فنحن في دولة القانون والوطن الامن المستقر ، ويجب ان لا يسمح لأي من كان ان يعبث بامن البلاد والعباد مهما كانت الاسباب والدوافع والمبررات . لذلك نقول ان هذه الجريمة هي اعتداء على الدولة وعلى المجتمع الاردني بكامله . ولا نستبعد ان هناك خلايا نائمة ، لها معتقداتها واهدافها السياسية ، تريد ان تتحرك باسم المقدس لضرب العيش المشترك واشاعة العنف والفوضى في البلد ..
 
في النهاية نقول ، أن اغتيال الزميل والصديق ناهض حتر ، ليس نتاج غضب فردي ، أوعملية اقتصاص بسبب خطأ ارتكبه واعتذر عنه ، بل هي جريمة سياسية تم تنفيذها باحكام ، وعن قصد وتصميم ، تحمل كل معاني الاغتيال السياسي والارهاب الفكري ، وهي بالتالي ضد أمن الوطن ، واعتداء على الكلمة وحرية الرأي والتعبير .
 
اخيرا نقول أن ناهض حتر هو فقيد الصحافة والثقافة والكلمة الملتزمة في الاردن والبلاد العربية .. له الرحمة .