Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Oct-2016

عمال الوطن: بتر الأعضاء.. ولا قطع الأرزاق نتيجة 74 إصابة و6 وفيات في صفوف العمال بالعاصمة خلال عام أغلبها حوادث سير

 

تحقيق: ديما محبوبة
عمان-الغد-  "حين وضعت يدي في الحاوية، ومن دون أن أنتبه، كانت هناك كمية كبيرة من الزجاج في أحد الأكياس، فجرح اصبعي ونزف الدم كثيرا، وكان الألم لا يوصف، لكنني كتمته في داخلي".
بهذه الحرقة الشديدة، بدأ عامل الوطن الثلاثيني أحمد (اسم مستعار) حديثه لـ"الغد"، حول معاناته الجسدية والنفسية، خلال مزاولته مهامه في جمع القمامة.  
ويضيف أحمد "حين راجعت المستشفى... ظننتها إصابة عادية، لكن المشكلة أن الجرح تلوث، ولما وصلت قال الأطباء بأنه يجب بتر الإصبع، كي لا تحدث مضاعفات أكبر في الجرح".
وما لبث أن عاد أحمد للعمل بعد تضميد جرحه، من دون إعلام مسؤوله في موقع العمل بإصابته، خشية الاستغناء عن خدماته وانقطاع دخله الشهري، بل ومعاقبته كونه "لم يلتزم بارتداء ملابس السلامة المهنية خلال قيامه بعمله".
لم تكن هذه الإصابة الوحيدة التي تعرض لها أحمد، إذ أصيب بجروح عديدة في قدمه، ومع ذلك يرفض الذهاب إلى أي مستشفى حكومي، خوفا من فقدانه وظيفته، قائلا: "أنا عندي أولاد وبدي أطعميهم، إذا حكيت إني انجرحت بالشغل، ممكن ما يشغلوني مرة ثانية". 
ويوضح أسباب رفضه للعلاج، لخوفه من التعرض للمساءلة القانونية، لتجاهله استخدام أدوات السلامة العامة، من قفازات وحذاء آمن، رغم إصابته بجروح قطعية في يديه وقدميه، بسبب الزجاج والعبوات المعدنية داخل النفايات، فهو حسب قوله لا يلبس القفازات "إذ يصبح عملي بطيئا وحركتي محدودة".
وتعد إصابة أحمد الجسدية، واحدة من بين مئات إصابات العمل التي تعرض لها عمال الوطن والتي تشكل خطرا على حياتهم، في ظل غياب الاهتمام الرسمي بهذه الفئة الضعيفة من جهة، وقلة وعي أغلب العاملين بأهمية حقوقهم الاجتماعية والصحية، وتوخي السلامة المهنية الإجبارية من جهة أخرى.
نائب مدير المدينة للمناطق والبيئة في أمانة عمان المهندس باسم الطراونة يؤكد أن الأمانة "توزع الملابس الصيفية والشتوية على عمالها البالغ عددهم 5200 عامل، وتشدد عليهم بضرورة الالتزام بها ومن يخالف سيتعرض لعقوبات إدارية".
وتتراوح العقوبات بحق عمال الوطن بين الإنذار لغاية الفصل، خصوصا من يلجأ لحرق النفايات، إذ تفرض عليه غرامة تعادل ثمن الحاوية التي أضرم فيها الحريق.
ويدافع الطراونة عن أنظمة وتعليمات الأمانة، معتبرا أنها تعطي الأولوية للعمال لدرء خطر الإصابات التي قد يتعرضون لها أثناء قيامهم بعملهم، إذ إن تأمينهم الصحي يخولهم العلاج في مختلف المستشفيات الحكومية، من الدرجة الثانية. 
وفي مقابل تأكيدات الطراونة، يؤكد الباحث في دراسات السلامة المهنية، حاتم الكسواني، أن عمال الوطن في الأردن "ينقصهم الوعي والتدريب، وبعضهم الآخر تنقصه الأمانة المهنية، من خلال عدم اتباع تعليمات السلامة العامة".
6 وفيات لعمال الوطن و74 إصابة 
تظهر أحدث إحصائيات الأمانة، بحسب الطراونة، إصابة 74 عامل وطن في عامي 2015 و 2016، من أصل 126 إصابة بين موظفي الأمانة، في حين بلغ عدد وفيات عمال الوطن 6، منها واحدة نتيجة صعقة كهربائية في دائرة معالجة النفايات.
غير أن هذه الإحصائيات التي تحدث عنها الطراونة، يشكك فيها مصدر مطلع في مؤسسة الضمان الاجتماعي، فضل عدم ذكر اسمه، إذ أكد لـ"الغد"، أن الإصابات التي تعرض لها أولئك العمال عام 2015، بلغ 130 إصابة، و3 وفيات، وفي العام 2014 كان العدد 120 إصابة، و3 وفيات، وفي عام 2013 بلغ العدد 160 إصابة ووفاتين.
ويضيف المصدر أن عمال الوطن "يتجنبون في كثير من الأحيان التبليغ عن إصاباتهم، سواء كانت طفيفة أو حتى قطعية من النوع الذي قد يؤدي إلى تشوهات وإعاقة جسدية في أعضائهم الطرفية، بسبب الخوف من توقف رواتبهم في الأمانة، والعامل في الوقت نفسه مجبر على مراجعة الضمان الاجتماعي لإثبات أن إصابته هي إصابة عمل للمطالبة بمستحقاته، وفي حال صرفت له، يخاطب الضمان الأمانة، لتصرف له مستحقاته، بعد تسديد الضمان لهذه المستحقات، الأمر الذي يتطلب فترة طويلة بنظر العامل".
ويزيد: "في حال إصابة العامل، وكونه مؤمن تأمينا صحيا من الدرجة الثانية، فإن الأمانة تتعامل معه بنظام دفع العامل ما يلزمه للعلاج، ومن ثم يطالب بهذا الاستحقاق من الأمانة".  
وفيما يؤكد المصدر نفسه، أن نسبة الإصابات التي حولت للضمان خلال ستة أشهر تعادل %27، وفي أقل من شهر واحد بلغت نحو 7 %، يلقي الطراونة اللوم لعدم وجود إحصائية دقيقة لإصابات عمال الوطن في الميدان باستثناء حوادث السير، على عمال الوطن أنفسهم، لأنهم "يعالجون إصاباتهم الخفيفة بإسعافات أولية منزلية، دون التبليغ عنها".
وتتوزع إصابات عمال الوطن بين جروح متفاوتة من الزجاج والعلب المعدنية، والتسمم من المواد الطبية، والإصابات من كابسات النفايات، وحوادث السير، إضافة إلى التعرض لأمراض مختلفة جراء التعامل مع المواد الملوثة.
يقترح الكسواني، أن تمتد عمليات التوعية والإرشاد الى كيفية التعامل مع المواد الملوثة كالنفايات، وبقايا الطعام، ومستلزمات البيت ومخلفاته، كالزجاج والعلب المعدنية، والمواد الكيماوية، والمخلفات الطبية عموما، والمنزلية خصوصا.
وتكمن مشكلة التعامل مع النفايات في طرفي المعادلة، الجهة المشغلة لعامل الوطن، وعامل الوطن نفسه، سواء في أمانة عمان، أو في البلديات، وفقا لمدير المرصد العمالي أحمد عوض، الذي يقول: "رغم أن البلديات وأمانة عمان، توزع أحذية حماية للعاملين، وقفازات، وملابس خاصة وكمامات، الا أن العاملين يقولون إنها غير كافية، فهي تتلف سريعا، ولا يتم صرف بديل عنها في وقت ملائم".
ويتفق عوض مع الكسواني، بعدم وجود تدريب للعاملين على كيفية التعامل مع النفايات والمواد الكيماوية بشكل دوري، ولا على استخدام أدوات السلامة المتاحة.
وهنا يشير الكسواني إلى تقصير بعض المؤسسات التي تشغل عمال الوطن، في توعيتهم بالطريقة السليمة للعمل من دون التعرض للخطر، في حين أن الإعلام مسؤول وشريك أيضا في توعية عمال الوطن بهذه المسائل.
وتنبع أهمية توعية العامل بكيفية التعامل مع النفايات قبل بدء عمله، لدى المؤسسات التي تتبع أفضل الممارسات المهنية، تجنبا للحوادث أو التعامل الخاطئ مع النفايات، إذ يخضع موظفوها لدورات تدريبية قبل البدء بالعمل، خصوصا أن لكل بيئةِ عملٍ معاييرَ وأدواتٍ خاصةً للسلامة المهنية، ولا بد من التزود بها، وأهمها التوعية من خطورة المهنة ذاتها، خصوصا الصحية منها إن وجدت.
فيما تدافع أمانة عمان عن سياساتها تجاه عمال الوطن، حيث يقول الطراونة إن عمال الوطن "يلتحقون بدورات متلاحقة على مدى ستة أشهر في مواضيع السلامة العامة، وكيفية تفادي حوادث السير، وكيفية التعقيم والتخلص من النفايات الطبية، وأساليب التعامل مع الكهرباء والأجسام الغريبة، خوفا من أي حالات طارئة، وكل ذلك قبل وخلال ممارستهم العمل".
وحاولت "الغد" الحصول على البرامج التدريبية التي يخضع لها عمال الوطن قبل وفي أثناء ممارستهم لعملهم ، إلا أنه بعد الانتظار لمدة تتجاوز شهرا ونصف الشهر، تخللتها مخاطبات ومطالبات لأكثر من قسم ومديرية في الأمانة، كانت النتيجة ورقة مكتوبة بخط اليد، غير مروسة أو موثقة، وتحتوي على سبعة محاور رئيسية من دون تفاصيل.
وكانت النقطة الأولى عن "مفهوم الصحة والسلامة المهنية"، والثانية، حول "أسباب حوادث العمل"، والثالثة "حقوق وواجبات العمال بموجب قانون العمل"، والرابعة "الحقوق التي كفلتها الأمانة للعمال"، والخامسة "الامتيازات الإضافية التي وفرتها الأمانة للعمال"، والسادسة "إصابات العمال"، والسابعة "النقابة العامة للعمال في البلديات وأمانة عمان".  
بدورهم، ينفي عدد من عمال الوطن، خلال حديثهم في مقابلات منفصلة لـ"الغد"، تصريحات الأمانة حول تدريبهم على أفضل الممارسات المهنية، مؤكدين أنهم يأخذون منهم عينات دم لفحصها تجنبا للأمراض المعدية والسارية، ويوزعون عليهم الملابس فقط، ويتفقدون أجسامهم، إذا كانت لديهم أي إصابات مسبقة قد تمنعهم من العمل.
إصابات بإبر طبية ملوثة
إلى جانب تخوفاتهم من تعرضهم إلى حوادث سير مفاجئة، أثناء تأدية عملهم، فإن الخطر يمتد إلى أبعد من ذلك، إذ إن الثلاثيني إبراهيم، وهو أحد عمال الوطن التابعين لأمانة عمان، يعمل في منطقة تضم مراكز صحية ومختبرات حكومية وخاصة، بعضها لا يلتزم بتعليمات وزارة الصحة، بضرورة فرز النفايات الطبية، ووضعها في عبوات وأكياس مخصصة لها، بل يتم إلقاء الإبر ووحدات سحب الدم مع النفايات العادية.
وكثيرا ما يخشى إبراهيم (اسم مستعار) وزملاؤه من التعرض لخطر الوخز بإحدى الإبر الطبية التي قد تحمل أمراضا خطيرة، من خلال نقلها من الحاويات إلى كابسات النفايات، خصوصا أن جزءا منها يكون على الأرض بجانب الحاوية وليس داخلها.
ورغم شكواه الدائمة للمسؤولين، وتأكيدات الأخيرين بقرب حل المشكلة، إلا أن كل تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح.
يقول إبراهيم لـ"الغد" إنه "لا يستطيع ترك هذه الأدوات الطبية مكانها، خوفا من عبث الأطفال بها، وتعرضهم للأخطار من هذا النوع من النفايات".
بدوره، يوضح مدير المرصد العمالي عوض، أن الأصل ألا يتعامل عمال الوطن مع النفايات الطبية، التي تحتاج إلى طرق خاصة للتعامل معها والتخلص منها، كونهم غير مؤهلين لذلك.
ويضيف عوض بأن غالبية العاملين في مهنة النظافة (عمال وطن)، يعانون ظروف عمل صعبة في مختلف بلديات المملكة، وتبرز هذه المعاناة في عدم فعالية تطبيق سياسات الصحة والسلامة المهنية. 
أما الطراونة فيؤكد أن الأمانة "تتبع أفضل ممارسات السلامة العامة لعمال الوطن، من خلال توزيع كفوف سميكة عليهم تقيهم أي إصابات محتملة".
ويشير عوض إلى وجود تفاوت في درجة تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية بين البلديات الكبرى والصغرى، مشيرا إلى أن "الالتزام بأساليب السلامة المهنية في البلديات الصغيرة شبه معدوم، وعلى الرغم من وجود سياسات حمائية للعاملين في مختلف المهن التي تندرج في إطار الخدمات البلدية، إلا أن هذه السياسات لا تطبق بشكل فعال لدى مختلف البلديات".
وبحسب تأكيدات الطراونة، فإن الأمانة تتجه لإقامة مشاريع تتعلق بفصل النفايات الصلبة ومعالجتها، بالإضافة إلى توفير حاويات فرز إلكتروني للنفايات في بعض مناطق العاصمة، فيما يؤكد "فشل عدة مشاريع لفرز النفايات، نتيجة عدم تعاون الناس في ذلك".
ملابس سميكة معيقة للعمل   
خلال جولات ميدانية لـ"الغد" في مناطق مختلفة من عمان الشرقية والغربية، لوحظ أن غالبية عمال الوطن لا يرتدون أدوات السلامة العامة، وتحديدا كفوف العمل"، باستثناء بعض العاملين على "الكابسات"، وهو الأمر الذي أكدته صور تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، لإصابات عمال وطن تعرضوا لها أثناء تأدية عملهم، من جروح الزجاج، وإصابات من أدوات طبية.
وفي هذا الإطار، يبين الباحث الكسواني أن أدوات السلامة العامة التي يجب على عامل الوطن استخدامها أثناء ممارسة عمله، هي، "كمامات، خوذة، نظارة، قفازات، أحذية آمنة"، والأصل أن يكون زي عامل الوطن من القماش المقوى، الذي يقيه الأوساخ، والأبخرة الناتجة عن النفايات جراء تعرض بعض المواد الكيماوية للشمس والعوامل الجوية.
بدورهم، يشكو عمال وطن في حديثهم لـ"الغد"، من أن القفازات سميكة جدا وثقيلة، وتسبب إعاقة لعملهم اليومي المرهق، فيما يصفون الحذاء المصروف لهم بأنه أشبه بـ"حذاء رجل آلي"، كما يجهلون مدى مطابقة ملابسهم للمواصفات العالمية.
ورغم أن أمانة عمان تطرح عطاءات لشراء ملابس آمنة لعمالها، بمواصفات معينة، والتي حصلت "الغد" على نسخة من أحدها، إلا أن مدى مطابقتها للمواصفات والمقاييس الأردنية والعالمية تظل "غير معلنة".
وبحسب تفصيلات العطاء، فإن المواصفات المطلوبة لملابس عمال الوطن، هي "جزم كاوتشوك بساق طويلة، وحذاء رجالي خفيف أخضر، وبنطلون واق من المطر مصنع من نسيج مقاوم للمياه ولا يسمح بنفاذ المياه إلى الداخل، ومصنع بأحدث المواصفات".
وتوفر الأمانة أيضا، معطفا شتويا واقيا للمطر، على أن يكون الوجه الخارجي للمعطف مصنوعا من مادة مقاومة للأمطار، والحشوة من مادة (البوليستر) لمنح الدفء للعامل، وأن يكون طويلا يصل إلى منطقة منتصف الفخذ باتجاه الركبة، ومزود بجيوب، وقبعة، وعواكس تحذيرية على الأذرع والصدر والظهر، ويحمل شعار الأمانة على أعلى اليسار، وذو لون فسفوري عاكس، وأن تكون المصنعية ممتازة لضمان ديمومة المعطف.
"الأمانة" توفر مطعوم الكبد لفئات محددة
وفي ظل احتمال تعرض العمال للعدوى ببعض الأمراض السارية، لا سيما أنهم يتعاملون مع مخلفات عضوية وغير عضوية، إلى جانب استنشاقهم روائح المبيدات التي يستخدمها بعضهم خلال عمليات الرش، يؤكد الدكتور سامي الشيخ علي، من مديرية الأمراض السارية التابعة لوزارة الصحة، أن"الوزارة لم تستقبل أي إصابة لعمال الوطن، غير أن الإجراء الوقائي بتوفير المطعوم، هو من مسؤولية أمانة عمان الكبرى ومختلف البلديات التي يتبع لها عمال الوطن".
فيما ينفي عمال الوطن تحصينهم بأي مطعوم قبل وأثناء عملهم الميداني، مؤكدين أنه "يتم سحب عينة من دمهم، في بداية التعيين، للتأكد من خلوهم من فيروس الكبد، أو أي أمراض معدية أو سارية".
غير أن الأمانة، بحسب ناطقها الإعلامي مازن الفراجين، تؤكد أنها "توفر مطعوم الكبد الوبائي للعاملين الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، ومنهم العاملون في مكب الغباوي، وعمال مكافحة ناقلات الأمراض، وعمال محطة شرق عمان التحويلية، ومن تقتضي طبيعة عمله ذلك". 
أما الشيخ علي، فيرى في حديثة لـ"الغد"، أن عمال الوطن "معرضون للإصابة بالعديد من الأمراض، من أخطرها فيروس "سي"، وفي حال الإصابة، فإن العلاج يحتاج مدة ثلاثة أشهر للمتابعة"، مؤكدا أنه "لا يتم إعطاؤهم مطعوم "الكزاز، لأن غالبية المواطنين حصلوا على هذا المطعوم كإجراء وقائي خلال الأعوام الثلاثين الماضية".
تقصير في الدفاع عن حقوق العمال
فتحت تصريحات ممثل وزارة الصحة، الباب لاستنكار الباحث الكسواني، الذي يشير إلى "تقصير النقابات العمالية الواضح، في الدفاع عن حقوق عمال الوطن، أسوة بالعاملين في الصناعات الكيماوية أو أي صناعة تندرج تحت بند نقابي، خصوصا أن هناك جسما نقابيا لعمال الأمانة، لا يتحمل دوره الكامل في الدفاع عن منتسبيه، بدليل إصابات بعضهم، من دون التبليغ عن ذلك خوفا من المساءلة".
وبالنسبة لعمال الوطن في مختلف محافظات المملكة، نشرت وزارة الشؤون البلدية، في مختلف وسائل الإعلام، تعميما بتاريخ الثلاثين من كانون الثاني (يناير) عام 2014، موجها إلى جميع رؤساء بلديات المملكة، بإحالة صلاحيات متابعة ومراقبة عمال الوطن ومدى التزامهم بالمهمات والأعمال الموكلة إليهم للمفتشين العاملين في مديرياتها في الميدان.
ويسري التعميم على عمال الوطن المعينين خلال العامين الماضي والحالي فقط، للتأكد من أنهم يعملون ضمن وظائفهم الحقيقية من قبل المفتشين، سواء أكان ذلك بتكليف مكتوب أم شفوي، وإعداد تقرير مفصل وشهري يتم تزويد وزير الشؤون البلدية به عن أوضاعهم، ليصار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم، وفق التعميم.
تعليمات واضحة والتطبيق معدوم
رئيس بلدية الزرقاء عماد المومني يقول، من ناحيته، لـ"الغد"، إن البلدية "تصدر دائما تعليمات واضحة حول السلامة المهنية، من ضمنها الالتزام بالزي العمالي، لكن على أرض الواقع هناك تجاوزات من العمال أنفسهم، من خلال عدم ارتداء القفازات الكتانية والحذاء الآمن".
ويضيف أنه "بناء على ذلك تتعدد إصابات العمال فيما تكون غالبيتها بتر أصابع، وتحاول البلدية اتخاذ إجراءات تحفيزية، لإلزامهم بارتداء القفازات والحذاء، وكيفية التعاطي مع الآليات كحركة الجسد واليدين".
وتتبع البلدية عددا من الإجراءات الإدارية التي تبدأ بالحسم من الراتب، ثم الإنذار، والحل الأخير في حال استمرار المخالفات، هو الفصل من العمل، وفق المومني.
ورغم أن بلدية الزرقاء تضم 600 عامل وطن، غالبيتهم من الجنسية غير الأردنية، يعتبر المومني أن هذا العدد "غير كاف للمدينة، في حين أن جزءا من عمال الوطن الأردنيين متعلمون، والتعليم من عدمه ليس شرطا للتعيين"، بينما تشترط الأمانة أن يكون عامل الوطن "راسبا في الثانوية العامة، كي لا يطالب بعد فترة بأحقيته في التعيين بوظيفة أخرى غير عامل الوطن".
وفيما يؤكد المومني، أن العاملين في المكب، يحصلون على علاوات "عدوى"، تصل إلى 30 % من الراتب الأساسي، يقول مدير المرصد العمالي، أحمد عوض، بخصوص أجور ومنافع العاملين في هذه المهن، إنها تأتي "ضمن مستويات رواتب غالبية العاملين في القطاع العام، التي تتسم بالانخفاض، وتتراوح بين 300 -400 دينار شهريا، وبالكاد تكفي احتياجاتهم المعيشية".
ومن ضمن البلديات التي تضم عددا كبيرا من عمال الوطن، بلدية إربد، حيث التقت "الغد" بالعامل كمال، الذي يؤكد أن "المشكلة الكبرى لا تكمن بعدم الالتزام بالأدوات الآمنة، وإنما بعدم تفهم الناس لمبدأ فرز النفايات في المنزل، ووضعها بطريقة آمنة حتى لا تؤذي عامل الوطن".
ويضيف كمال: "تعرضت لجروح قطعية أكثر من مرة، نتيجة وجود معلبات داخل أكياس القمامة، أو بعض أنواع الزجاج، فيما الأصل بالمواطنين وضعها داخل بعض الأوراق أو الجرائد، حتى تخفف من آثار الجروح في حال حصلت، لا أن تترك داخل الأكياس البلاستيكية التي يسهل تمزيقها من هذه الأدوات".
ويقول إنه "خاطب بعض أهالي الحي الذي يعمل فيه لفرز نفاياتهم من خلال بعض الإجراءات البسيطة داخل المنزل"، مشيرا إلى أن بعضهم "عمل بالفكرة، وبعضهم الآخر لم يلتزم بذلك لأسباب لا يعرفها".