Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2017

بين المرونة والليونة - د. صلاح جرّار

 الراي - كثيراً ما يؤدي الخلط في المفاهيم إلى عواقب غير حميدة وسلوكيات ضارّة يستفيد منها الخصوم الأذكياء ويستثمرونها لمصلحتهم حتّى آخر رمق، والأمثلة على ذلك لا تحصى ولا سيّما إذكانت المصطلحات ممّا يتوهم دخوله في باب المترادفات. ومن الأمثلة التي يتوهم فيها الناس الترادف في المدلول، كلمتا: المرونة والليونة، فهما مصطلحان لكل واحد منهما دلالته ومعناه وأبعاده، والخلط في مفهوميهما ضارٌّ على المستويات كافّة، ولا سيّما المستوى السياسي، فالمرونة قريبة من الصلابة، أما الليونة فقريبة من السيولة والذوبان.

ومواقف المرونة غير مواقف الليونة، فالمرونة خيار ذاتي يلجأ إليه المرء في حالات نادرة إذا رأى في اللجوء إليه مصلحة له أو لمن يمثلهم من الناس، أمّا إذا لم تكن هناك مصلحة من خلال اللجوء للمرونة فخيار التصلّب أولى، والمرونة يلجأ إليها الناس عند الضرورة الماسّة وليس في كلّ حين أو كلّما طاب لهم النوم والتقاعس، والأصل فيها أن تكون نادرة ومؤقتة وليست كما يسميه السياسيون الفاشلون «استراتيجية» لأنّها إذا تكرر اللجوء إليها والاستمرار بها فإن مساحة الليونة في الجسم المرن تأخذ في الازدياد حتّى تتحول المرونة إلى ليونة، وكلّما ازدادت الليونة في الجسم أصبح الجسم اللين عرضة للذوبان والتبخّر والتلاشي.
 
وإذا كانت المرونة في بعض المواقف السياسية ضرورية، فإنّ الليونة لم تكن في أي يوم من الأيام قراراً سياسيّاً حكيماً، لأنها تعني الخنوع والاستسلام والرضوخ للعدوّ، وكلّ ذلك مقدّمة للسقوط، لأنّ الانحدار نحو الأسفل للجسم الليّن أسرع منه للجسم المرن، الذي يمكن أن يتراجع عن مرونته. أمّا الليونة فمن الصعب تلافيها وإعادتها إلى حالة من التوازن.
 
إنّ الخلط بين المرونة والليونة في المواقف السياسية هو سرّ من أسرار الوهن الذي لحق بأمتنا وجعل أعداءنا يطالبوننا كلّ يوم بمزيد من التنازل والرضوخ لإرادتهم البغيضة.
salahjarrar@hotmail.com