Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Nov-2019

نار ثقيلة نحو غلاف غزة

 الغد-هآرتس

 
عاموس هرئيل
 
14/11/2019
 
اليوم القادم يعتبر من جهاز الامن الاسرائيلي يوما حاسما في المواجهة بين اسرائيل والجهاد الاسلامي في قطاع غزة. مصر زادت مساء أمس جهودها لتحقيق وقف لإطلاق النار بين الطرفين. وفي القطاع تم الابلاغ أمس عن 24 متوفيا في هجمات سلاح الجو، بينهم اربعة مدنيين. منذ تصفية القائد الكبير في الجهاد، بهاء أبو العطا، تم اطلاق 400 صاروخ تقريبا من القطاع نحو اسرائيل. مساء أمس تم الابلاغ عن اعدادات في القاهرة لقدوم وفد رئيسي للجهاد الاسلامي من دمشق، برئاسة رئيس المنظمة زياد النخالة. الانطباع الذي تولد في اسرائيل هو أنه على الاقل عدد من رؤساء الجهاد سيفضلون انهاء المواجهة قريبا، ازاء الاضرار الكبيرة التي تكبدتها المنظمة: قتل أبو العطا وموت 20 عضوا من المنظمة وضرب مواقع لتخزين الصواريخ.
المنظمة تعاني من مشكلات في سلسلة القيادة والسلطة بعد موت القائد الكبير الذي قاد تقريبا النشاط العسكري للجهاد في القطاع. حقيقة أن حماس امتنعت حتى الآن عن الانضمام للقتال، قلصت حجم الضرر الذي سببه قصف الجهاد. واذا لم يتم التوصل الى اتفاق واستمرت الخسائر الفلسطينية، فإن الضغط على حماس سيزداد من اجل الانضمام الى القتال.
حماس امتنعت حتى الآن الى الانضمام لإطلاق الصواريخ على اسرائيل. هذه النقطة المركزية التي تحدد الآن وجه المواجهة. بدون حماس وبعد المس بمركب اساسي في سلسلة القيادة للجهاد فإن رد المنظمة الصغيرة شامل وواسع، لكنه حتى الآن غير فعال بشكل خاص. كل شيء يعتمد كالعادة على اصابة الصاروخ المنفرد، لكن حتى أمس التصعيد لم يخرج عن السيطرة تماما.
حماس بعيدة عن أن تكون متعاونة مع اسرائيل. توجد لها مصالحها الخاصة، وهذه تملي، كما يبدو، استمرار التهدئة من خلال الرغبة في التوصل الى تسوية في المدى البعيد، بحيث تكون مقرونة بضخ الاموال القطرية وتسهيلات في الحركة من مصر ومن اسرائيل. طالما لا يوجد مصابون من حماس نفسها ولا توجد اصابات شديدة في اوساط المدنيين الفلسطينيين فإن حماس لا ترى نفسها ملزمة بالرد. في المقابل، حماس لا تعمل على كبح الجهاد، لكن بدون تعاون لوجستي وعملياتي مع حماس فإن الجهاد يجد صعوبة حتى الآن في ايقاع رد مدوّ على اسرائيل.
الدافعية، يجب الافتراض، ما تزال قائمة: اضافة الى أبو العطا فإن معظم الفلسطينيين الذين قتلوا أول من أمس في القطاع هم نشطاء من الجهاد. لذلك، من المعقول أن جهود الانتقام ستستمر، سواء من خلال صلية ثقيلة من الصواريخ بتوقيت أقل توقعا أو في محاولة لتنفيذ عملية تثير الانطباع مثل اطلاق صواريخ مضادة للدبابات، كمين للقناصة أو اقتحام الجدار نحو الاراضي الاسرائيلية.
حتى أول أمس سجل الجيش الاسرائيلي نجاحات عملياتية، بعد فترة طويلة من الجفاف، من خلال ضرب خلايا الاطلاق للجهاد. هذه طبقة مساعدة ومهمة الى جانب طبقة الحماية المهمة التي توفرها بطاريات القبة الحديدية (مع اكثر من 90 في المئة من حالات الاعتراض للصواريخ على المناطق المأهولة). السؤال الذي لن يكون له أي اجابة واضحة في أي يوم بما فيه الكفاية هو بأي درجة يردع عدد كبير من التنظيمات، ومتى تدفع الجنازات الكثيرة الجهاد الاسلامي (واكثر خطورة حماس) الى زيادة شدة الاشتعال.
أبو العطا، قائد اللواء الشمالي للجهاد في القطاع، وصف كعقبة رئيسة امام التسوية بسبب تصميمه على الاستمرار في اطلاق الصواريخ، مرة كل بضعة اسابيع. وعدم الرد من قبل حماس حتى الآن يمكن أن يدل على أن نتنياهو ورئيس المنظمة في غزة، يحيى السنوار، يفهمان بشكل لا بأس به بعضهما.
خلافا للايام التي سبقت عملية الجرف الصامد والعملية نفسها التي تميزت بعدم التفاهم المتبادل وسوء الفهم من الطرفين، الذي كان سبب التدهور الاساسي، هنا يوجد نظام وساطة يعمل بصورة نسبية. اسرائيل وحماس اعتادتا على نقل الرسائل المتبادلة في المواجهات الدورية وفي ايام الجمعة المتوترة في المظاهرات على الجدار، بواسطة الوسطاء من مصر وقطر والامم المتحدة.
عضو الكابنت، الوزير جلعاد اردان، عرض أمس الامور بصورة فظة جدا في مقابلة اذاعية مع “كان”. أبو العطا، قال اردان، تمت تصفيته “بسبب مسؤوليته عن اطلاق الصواريخ ولكونه عنصر مشوش على مفاوضات التهدئة مع حماس”. من هنا جاء السلوك الاستثنائي للجيش في هذه الايام: خلال السنوات الاخيرة وفي كل مرة قام فيها الجهاد أو نشطاء “مارقين” باطلاق النار، اسرائيل كانت تضرب حماس، بذريعة أنها هي المسؤولة الوحيدة عن الوضع في القطاع. هذه المرة الرسالة معاكسة، الجيش يحاول أن يضرب فقط اهداف ونشطاء الجهاد الاسلامي.
المتحدث بلسان الجيش، العميد هيدي زلبرمان، أكد أمس في محادثة مع المراسلين على الرغبة في الامتناع عن المس بالمدنيين. “نحن لن ندمر مبان تتكون من خمسة أو ستة طوابق في مركز غزة”، قال، “نحن نعرف أننا نسير على حبل دقيق، وقد هاجمنا الجهاد فقط دون المس بغير المشاركين. توجد لنا اهداف اخرى للجهاد سنعرف كيفية ضربها اذا كانت هناك حاجة لذلك”. الموازنة غير قيمية فقط، بل هي تتعلق بمدى الفعالية: هناك تقدير بأن حماس ستفضل مواصلة الجلوس على الجدار طالما أن المدنيين هم خارج ساحة المواجهة.
الامر الذي لا يقوله العميد زلبرمان بشكل مباشر، لكنه واضح جدا من النظر الى ما يحدث، هو أن الجيش الاسرائيلي لا يدفع نحو عملية برية في قطاع غزة. بالعكس، يبدو أن الجيش يريد فعل كل ما في استطاعته كي ينهي بأسرع وقت ممكن جولة المواجهة الحالية. ولكن التطورات لا تعتمد فقط على امتناع حماس أو اصابة صاروخ منفرد، بل ايضا على موقف نتنياهو.
في الوقت الحالي الامور تعمل لصالح رئيس الحكومة. في الجبهة العسكرية أبو العطا تم تحييده تماما وربما بالامكان التقدم نحو التسوية. في الجبهة السياسية وعلى خلفية الاحتكاك العسكري ربما أنه تم استبعاد فكرة حكومة الاقلية لازرق ابيض، وتتعزز بدرجة ما امكانية مفاوضات متسرعة بينه وبين الليكود. السؤال هو هل نتنياهو سيسعى الى انهاء ذلك قريبا، أو أنه يفكر بأن استمرار القتال في غزة، بقوة محدودة، يواصل خدمة اهدافه على جميع الاصعدة.
لا يوجد شك بأنه كانت هناك اعتبارات عملياتية من وراء تصفية قائد الجهاد الكبير، كما قال علنا رئيس الاركان ورئيس الشباك. ولكن الافتراض بأن هناك فصل مطلق بين المبررات الامنية والواقع السياسي الحساس، كما يشرح لنا بتصميم عدد من المراسلين في ستوديوهات التلفاز، ببساطة غير معقول. نتنياهو كان يجب عليه أن يكون قديسا من اجل ألا يأخذ هذه الاعتبارات في الحسبان. قبل مرحلة نهائية للمفاوضات الائتلافية المعقدة وعشية قرار تقديم ثلاث لوائح اتهام ضده. الحوار العسكري غير منفصل عن الخلفية السياسية.