Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Jan-2017

وقفة مع مثنوي جلال الدين الرومي - ابراهيم العجلوني
 
الراي - نجد في «مثنوي» جلال الدين الرومي الذي كتب بالفاسية وزاد على ثلاثة الاف صفحة من القطع الكبير اكثر من عشرة مواضع يتحدث فيها المتصوف الكبير عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حديث تبجيل بما الفاروق اهل من تبجيل, ويبلغ في ذلك درجة تبعث على دهشة القارئ اذ يجعل منه منارة للاولياء ومرجعاً للاتقياء ومناطاً للعرفان الذي يتجاوز ظواهر اشياء الوجود الى بواطن حقائقها.
 
كما نجد وقفات ملية معتبرة في مثنوي جلال الدين مع ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أو مع «الصدّيقة حبيبة رسول الله» صلى الله عليه وسلم بحسب توصيفه وتعريفه. 
 
ويلاحظ قارئ المثنوي ان صاحبه يوشيه بآيات من القرآن الكريم, وباحاديث نبوية وباشعار وامثال يكتبها بالعربية الشريفة, كما يلاحظ انه يصف العربي بالكرم وصفاء النفس.
 
هذا ما يجده القارئ المتأمل في اعظم نص صوفي كتب بالفارسية, وهو يظهرنا على أن تقاة الفرس (وغيرهم من مسلمي الامم) ومن حسن اسلامه منهم كانوا يُحلّون العرب والعربية مكاناً علياً من انفسهم, كما يظهرنا على نمط عال من حب آل البيت غير مرتبط بالغلو المذهبي أو بالنزعة العرقية, وعلى ألوان من حكمة الروح مزهوّة بأنوار القرآن العربي الذي كان بحسب التنزيل الكريم نفسه ذكراً (أي شرفاً) للنبي ولقومه (وانه لذكر لك ولقومك).
 
لقد كان تصوّف جلال الدين الرومي, وإن تراحبت آفاقه العرفانية غير مبتوت الصلة مع زهد المؤمنين الاوائل وصفائهم. ولولا اثارة من فلسفة وحدة الوجود على نحو ما جاء به محي الدين بن العربي والحلاج لأمكن اعتباره – بقليل من التحفظ – واحداً من ادبيات اهل السنّة والجماعة.
 
على أن مما نفيده مما سبق أنه وكما يمكن وجود تصوّف معتدل دون غنوصية (عرفانية) ضاربة الجذور في قديم المذاهب ومختلط التصورات, فإنه يمكن وجود حب حقيقي للنبي وآل بيته الكرام دون رفض مغال ذي اصول عرقية تطوّح به بعيداً عن حقيقة الاسلام.
 
وكما يمكن تخليص «مثنوي الرومي» من «فتوحات» ابن عربي ومن شوائب «الحلول» و»الاتحاد» و»وحدة الوجود» التي صارت عند اسبينوزا تحت مسمى «الطبيعة الخالقة والطبيعة المخلوقة» وصارت بعد عن «هيجل» جدلاً لاهوتياً, وعند «ماركس» جدلاً مادياً, فإنه يمكن تخليص محبة آل البيت من شوائب الرافضة والصفوية واثار ما التبس بهما من مزدكية ومانوية وما شئت من خرافات الامم الغابرة.
 
اننا لا نملك ان نزيل الفوارق بين الامم التي لو شاء الله سبحانه لجعلها امة واحدة. ولا ان نرسم لها منهاجاً واحداً وقد جعل الله لكل منها شرعة ومنهاجاً.
 
إن «الاختلاف» سنّة كونية لا يملك احد لها دفعاً, وإن لله تعالى حكمة بالغة فيها. ولكن لله حكمة بالغة ايضاً في تنزل آياته بلسان عربي مبين. وذلك ما يستيقنه تقاة المسلمين على اختلاف اعراقهم وألسنتهم.
 
ولما كان الله أعلم حيث يجعل رسالته. وكان الله «يعلم وانتم لا تعلمون» فإن من نتيجة ذلك ان للعرب وللعربية سراً لا ينفك يستحث قلوب المؤمنين على اختلاف اصولهم وعقولهم في معارج النظر وآفاق التبصّر. ولا ينفك يوصيهم بقوم الرسول الكريم وبعترته المباركة خيراً.
 
وإن هذا هو حسبنا من وقفتنا هذه من مثنوي جلال الدين الرومي.