Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Feb-2020

صفقة القرن ورحلة الإنسان مع الأديان!*د. زيد حمزة

 الراي

رحلة الإنسان مع الأديان والمعتقدات الروحية طويلة معقدة ليس من السهل تغطيتها إلا بقلم مفكر واسع الاطلاع مثل يوفال نوح هاراري في كتابه الكبير (الإنسان العاقل Sapiens/ موجز لتاريخ البشرية) الذي سرد ببراعة فائقة قصة تطور الإنسان الاول منذ ستة ملايين سنة إلى أن وصل إلى الإنسان المنتصب القامة الذي تابع التحول لمئات الآلآف من السنين حتى بلغ مرحلة الانسان العاقل باكتمال نمو قشرة الدماغ لديه حيث مراكز وشبكات الإدراك قبل 150 ألف سنة وانتشر من افريقيا إلى قارات اخرى وبدأ يحقق الثورة المعرفية لكنه بقي صياداً وجامعاً للثمار والحبوب كطعام له الى ان حقق ثورته الزراعية المهمة قبل اثني عشر الف عام فأقام التجمعات والقرى والمزارع والمدن وصولا الى الامبراطويات الكبرى المعروفة وخلال هذه المسيرة المديدة لم يتوقف عن التفكير في الكون والخلق وتوصل لمعتقدات ميتافيزقية عديدة مليئة بالخرافات والأرواح والاشباح وعبادة الأوثان كما رافق ذلك ظهور الأديان ذات الآلهة المتعددة ولكلٍّ وظيفته,
 
أما الأديان التوحيدية السماوية فظهرت في منطقتنا، الأولى اليهودية قبل ثلاثة آلاف عام والثانية المسيحية قبل الفين من السنين في بيت لحم وعندما اقتنع بمبادئها زعيم طائفة يهودية هو بولص الرسول حملها من سوريا إلى العالم وأصبح أتباعها يشكلون الآن 2,4 مليار، والثالثة الديانة الإسلامية خرجت من مكة في القرن السابع بعد الميلاد وانتشرت شرقاً وغرباً وبلغ عدد معتنقيها الآن 1,8 مليار، أما لماذا لم تنتشر اليهودية وبقيت محصورة في عدد لا يتجاوز الخمسة عشر مليوناً فتلك مفارقة حيّرتْ الكثيرين إذ لم يعثروا على تفسير وافٍ لها لكن مؤلف هذا الكتاب وهو يهودي العقيدة ومحاضر في الجامعة العبرية ومتخصص في تاريخ العالم فقد برر تلك المفارقة بأن رب هذا الدين التوحيدي لم يكن يريد له ان يتوسع سواء بالتبشير او بغيره خلافا لما فعلت الديانتان المسيحية والاسلامية، وبقي همه الاول المحافظة على شعبه المختار في ارض مبهمة سُميت إسرائيل وعلى تفوُّق عنصر اليهود وتميُّزهم على الأغيار وهو ما يتنافى تماما مع مبادئ المساواة بين البشر لدى الديانتين الاخريين!
 
وبعد.. فلقد وجدتني الأسبوع الماضي استذكر ذلك كله وأنا أصغي غير مندهشٍ لخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشرح صفقة القرن ويمضي حالماً بأوهام تاريخ اليهود التوراتي التي لا سند لها قط في علوم التاريخ الموثق ليمنح (!) إسرائيل كامل مدينة القدس واراضي فلسطينية واسعة في الأغوار وتلك التي اقامت عليها مستوطناتها غير الشرعية!
 
ولا حاجة بي لتعليق..