Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jul-2017

ديوجين وايزنهاور في المشهد العربي ! - محمد كعوش
 
الراي - عندما تشتد الأزمات وتكبر التحديات في محيط مضطرب وعالم متغير، أعود لقراءة كتب التاريخ والفلسفة، لأنها تحمل تساؤلات واجوبة ودروسا وعبر قد تساعدني على فهم الواقع. وبفضل الوعي السياسي والفكري المبكر لا اشعر بالصدمة أو الحيرة تجاه الأحداث مهما تعاظمت في مشهدها الخطير الدامي المحزن، وانا مؤمن بحركة التاريخ، لأن التغيير هو الثابت الأبدي فيها، لذلك لا أستسلم لليأس حتى في مراحل هزائم وتخاذل وانهيار النظام العربي العام، وهنا يحضرني قول الرئيس ايزنهاور وهو عسكري وسياسي مشهور حين قال «لم يفز التشاؤم في معركة عبر التاريخ».
 
بهذه المناسبة لا اريد التوسع اكثر في التنظير مثل المثقف الذي يسترسل في الكلام ليقول اكثر مما يعرف، وكل ما اريد اثباته هو أننا في مرحلة انعطاف تاريخي سيعيد لنا التوازن والأمل والثقة بالنفس على الصعيد القومي، وعلى مستوى الأمة العربية التي واجهت بمرارة وقلق معركة ضرب وطمس هويتها، عبر انتشار الفوضى والعنف والتدمير الذاتي ومحاولة تغليب الهويات المذهبية والعرقية في البلاد العربية كافة.
 
وعلى ذكر الرئيس ايزنهاور في هذه العجالة فقد قال عبارة اخرى حفظها التاريخ تدل عن عقلانية وحكمة حيث قال: «لا يمكن للدولار والبنادق استبدال العقل وقوة الإرادة»، وحذر من «اكتساب سلطة لا مبرر لها من خلال المجمع الصناعي العسكري»، أي أنه يحذّر من نموذج نتنياهو وترمب.
 
هذا النموذج يعتقد واهما انه يستطيع ان يتحكم بمسار المستقبل من خلال لحظة الحاضر التي انسحب فيها الزمن العربي الى الخلف، الى مرحلة ما قبل قيام الدولة بسبب الفوضى الهدامة وارتداداتها وتداعياتها، بهدف تحريك حدود وشعوب دول المنطقة حسب التقسيمات الجديدة، وادارتها بواسطة مندوب سامي باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي شعارات مغشوشة اصبحت اكذوبة كبرى يتم الترويج لها في اسواق العالم بشكل انتقائي، الهدف منها معلن ومكشوف، هو خدمة مصالح اميركا واسرائيل.
 
نتنياهو ما زال يراهن على الزمن وعلى استخدام النفوذ الأميركي، لفرض امر واقع جديد، وحلول نهائية حسب الشروط الأسرائيلية، باسم الوهم والخرافة والهوس بالمستقبل الإسرائيلي، والإحساس بان تصفية القضية الفلسطينية وصلت الى الحافة نتيجة الواقع الفلسطيني والعربي، بعد القناعة الصهيونية بامكانية وصول اسرائيل الى العمق العربي وقبولها كعضو فاعل في تشكيلة الشرق الأوسط الجديد المزعوم.
 
وبالمقابل نحن نراهن على الزمن العربي، لإحساسنا بان العالم يتغير وقد نكون على ابواب انعطافة تاريخية مهمة تعيد لنا الروح، لأن ما يحدث اليوم، خصوصا في سوريا، سيكون حدا فاصلا بين تاريخين، وولادة تاريخ عربي جديد، ومن الواجب ان يعرف نتنياهو انه يرتكب حماقات لا تغفر و «هناك فرق بين الحكيم والأحمق» حسب قول الفيلسوف ديوجين الذي ما زلنا نحمل مصباحه حتى اليوم للبحث عن الحقيقة الضائعة والعدل المفقود.
 
في خضم تعقيدات المشهد العربي تحاول حكومة اليمين المتشدد التي ترفض حل الدولتين كسب المزيد من الوقت الإسرائيلي عبر اشغال العرب والعالم بقضايا فرعية، فبين فترة واخرى، تفتح حكومة نتنياهو الباب امام قضية جديدة للفت انظار العالم عن القضية الأهم المتمثلة بالإحتلال، فنحن نرى ان مسألة البوابات الألكترونية في الأقصى، وتهويد القدس ومصادرة الأراضي والبيوت واقامة البؤر الأستيطانية ، وحتى شعار « الدولة اليهودية «، ومسألة اعادة احياء المفاوضات، كلها قضايا فرعية وتفاصيل شيطانية اسرائيلية.
 
لذلك يجب التركيز على انهاء الإحتلال، وذلك بشن حملة عربية اقليمية دولية تطالب بانهاء آخر احتلال على وجه الأرض، بعد فشل كسر روح وارادة الشعب الفلسطيني، وانتصار ارادة الأمة في دحر الأرهاب، واعادة تركيب كل ما تفكك في وطننا العربي الكبير.