Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jan-2020

العلاقـة الأردنية العمانية .. أخوة عميقة بنيت على أعمـدة وأركــان راسخـــة وثابتــة

 الدستور-نيفين عبد الهادي

نصف تفاصيل العلاقات الأردنية العمانية تحكي حالة أخوّة عميقة تنعكس على أشكال تعاون متعددة الأصعدة وتنسيق مشترك في كافة القضايا الإقليمية والدولية، ونصفها الآخر اجتماعي يحمل في طيّاته حالة فريدة من الشراكة العربية العربية بين قيادة البلدين وكذلك بين الشعبين.
وعكس الأردنيون بقيادة جلالة الملك الحالة الفريدة من الأخوّة مع أشقائهم العمانيين أمس، بحالة الحزن التي عمّت أرجاء المملكة عقب إعلان وفاة جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله، إذ تحوّلت الأجواء المحلية لحالة من الحزن الذي تحدثت به مشاعرهم قبل أقلامهم، لنقرأ بشكل واضح ما تعنيه سلطنة عمان للأردنيين، فهي الشقيقة التي وصف جلالة الملك قائدها رحمه الله بالأخ الكبير والصديق العزيز لجلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين.
وطالما عرفت العلاقات الأردنية العمانية بأنها علاقات خاصة، اكتسبت خصوصيتها من العلاقة الشخصية التي جمعت بين جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله بأخيه المغفور له الملك الحسين بن طلال اللذين أساسا بنيانها على أعمدة وأركان راسخة وثابتة، لتستمر هذه العلاقات بنموذجيتها بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يتعهدها جلالته بالرعاية والاهتمام، لتثمر خصوصية العلاقة تطورا ونموا وتعاونا مستمرا بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتنموية.
وفي قراءة خاصة لـ»الدستور» حول طبيعة العلاقات الأردنية العمانية، تفاجئنا ألفة خاصة تجمع البلدين والشعبين، لعلّها مستمدة من طبيعة البلدين المتقاربتين في المواقف كافة، وعلى الأصعدة المختلفة، ففي كافة النقاط يلتقيان بشكل واضح تحديدا في القضايا الجدلية والجوهرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والتطورات في المنطقة، في سعي جاد منهما لتجاوز التحديات الإقليمية وإنهاء الأزمات الإقليمية بما يحققق الأمن والاستقرار ويخدم المصالح والقضايا العربية.
وفي تفاصيل العلاقات الأخوية التي تربط الأردن بسلطة عمان، يبرز الدعم العماني لمسجد الملك الحسين بن طلال، الذي شكّل علامة فارقة في تفاصيل العلاقة، حيث ساهم جلالة السلطان قابوس رحمه الله في تشييده ، حيث جاءت هذه المساهمة ايمانا من السلطان قابوس رحمه الله بأهمية الإسهام في بناء المساجد في مختلف الدول وذلك إيمانا من جلالته بأهمية الرسالة السامية التي يؤديها المسجد في خدمة السلام والمسلمين والتعريف بالثقافة الإسلامية السمحة، فضلا عن الدور الديني الكبير الذي يؤديه المسجد في تواصل العباد بخالقهم.
وتتعدد أوجه التعاون بين الأردن وعمان، ولعلّ من أبرزها وجود لجنة مشتركة بين البلدين تجتمع دوريا، حيث ترعى هذا التعاون من خلال تفعيل الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون القائمة في المجالات الاقتصادية والتجارية والتربوية والثقافية والإعلامية والصحية والزراعية وغيرها، وتخرج اللجنة دوما بنتائج طيبة تخدم مصالح البلدين الشقيقين في كل المجالات.
 وتشكّل العمالة الأردنية حضورا قويا في سوق العمل العماني، وسنويا يصل للمملكة عدد من لجان التعاقد مع عمالة أردنية للتعاقد مع عدد من أساتذة الجامعات الأردنيين والمعلمين، والأطباء وغيرهم من القطاعات المختلفة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن سلطنة عمان استعانت بشكل كبير بأساتذة الجامعات الأردنيين عندما تم تأسيس كلية حقوق في جامعة السلطان قابوس، منذ أكثر من عشر سنوات، حيث يؤكد المسؤولون العمانيون دوما حرص بلادهم وبشكل مستمر على الاستفادة من الكوادر الأردنية المؤهلة في مختلف المجالات والتخصصات.
وتعتبر المنتجات النباتية والأغذية والمواشي والصناعات الكيماوية والأجهزة الكهربائية أهم الصادرات الأردنية الى سلطنة عمان، فيما تستورد المملكة المنتجات المعدنية والمصنوعات النسيجية والمنتجات الغذائية.
ويقدّر حجم صادرات المملكة الى سلطنة عمان بأكثر من (50) مليون دينار مقابل (35) مليونا من المستوردات.
ويسعى الجانبان على مدار أيام السنة لتبادل زيارات لوفود اقتصادية للاطلاع على الفرص الاستثمارية بين البلدين، وإجراء دراسات لإقامة شراكات ما بين رجال الأعمال العُمانيين والأردنيين والإطلاع على تفاصيل الواقع التجاري والصناعي في البلدين لغايات تبادلها والاستثمار بها.
ومن أوجه التعاون الهامة بين الأردن وعمان أيضا، التعاون السياحي، إذ تربطهما بهذا الجانب اتفاقية للتعاون السياحي موقعة بين البلدين منذ عام (2005)، تهدف إلى تطوير التبادل السياحي بين البلدين وتشجيع المؤسسات العاملة في مجال السياحة والشركات الفندقية على التعاون المستمر وتشجيع سياحة الأفراد والمجموعات لزيارة البلدين وتبادل الخبرات لتحسين أداء الموظفين في قطاع السياحة.
وتظهر الإحصائيات السياحية الأردنية، أن عددا كبيرا من السياح من سلطنة عمان يرتادون الأردن كثيرا بسبب المقومات السياحية الكبيرة التي يزخر بها بما فيها السياحة الثقافية والتعليمية والتاريخية والعلاجية، وفقا لوصفهم.
وفي إطار الحديث عن الجانب السياحي، يمكن القول إن أعدادا كبيرة من الأشقاء العمانيين يقصدون المملكة لتلقي العلاج بها، فنسبة من السياحة العلاجية القادمة من عمان مرتفعة، وفي تزايد مستمر سنويا، فالعمانيون يفضلون الأردن كوجهة للعلاج وذلك بفضل ما يزخر به من امكانات علاجية جدية وهم يتوافدون إليه بشكل مستمر وعلى مدار العام.
أيضا في المجال الصحي، يربط البلدين تعاون كبير في هذا المجال، فالمستشفيات الصحية في سلطنة عمان تزخر بالكوادر الأردنية سواء في مجال الطب والتمريض أو في مجال الخدمات الصحية بشكل عام.
ويلاحظ إقبال العمانيين على الأردن إما للعلاج أو السياحة او الدراسة، فأعداد الطلبة العمانيين بازدياد كل عام وهناك تميز بمستوى الطلبة الدارسين في الاردن ما مكنهم من تقلد مناصب مهمة في السلطنة .
أضف لذلك، هناك مشاركات متبادلة للوفود بين الأردن وعمان من خلال معارض الكتب في كلا البلدين، ومهرجان مسقط، ومهرجان المسرح الاردني، وتنظيم اسابيع ثقافية مشتركة بين البلدين، ومعارض الكتاب، وأيام ثقافية مشتركة تلقى اهتماما من مواطني البلدين الشقيقين .
ومؤخرا، تم الإعلان عن خطة لإنشاء خط بحري يربط الأردن بسلطنة عُمان بالموانئ الأوروبية، لتشجيع التبادل التجاري بين البلدين، ليضاف إلى 21 اتفاقية موقعة بين البلدين لأشكال متعددة من التعاون و (25) اتفاقية في طور الإنجاز، وتوجد لجان مشتركة تجتمع كل عام.
وينتظر أن يزيد حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين بعد افتتاح ميناء في الدقم بسلطنة عُمان، وافتتاح معبر حدودي بين عُمان والسعودية.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، دعمت سلطنة عمان الوصاية الهاشمية على المقدسات، وكانت دوما جنبا إلى جنب مع الأردن بمواقفه الرامية لتحقيق السلام العادل والشامل، حيث كانت وما زالت عمان تساند الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية، وتعمل من اجل تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ودعمه لنيل حقوقه المشروعة وتدعو بقوة إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة قابلة للحياة والاستمرار، وتطالب دوما في كافة المحافل الدولية المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته حيال الشعب الفلسطيني وإفساح المجال لتحقيق السلام، سعيا لتسوية سلمية للقضية تفي باحتياجات الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة.
  وفي إطار نهج السلام الذي تتبعه السلطنة وإيمانا منها بأهمية وضرورة تحقيق السلام في الشرق الأوسط فقد ساندت الجهود الرامية إلى تحقق السلام على أساس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ومرجعية مدريد والاتفاقيات التي وقعت في هذا الإطار، لتقف إلى جانب الأردن في رؤيته بهذا الشأن، بدعم بالقول والعمل.
بصورة عامة، لعبت سلطنة عمان في عهد السلطان قابوس رحمه الله دور المحايد، في مختلف القضايا، جعل منها دولة هادئة تنعم بسلام دافئ بعيدا عن أعاصير المنطقة والعالم، رغم أنها في منطقة مزدحمة بالإضطرابات، كما كان السلطان قابوس بن سعيد من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي عام 1981، ولعبت بلاده دور الحياد في ملف الأزمة الخليجية التي اندلعت صيف 2017.
ونجحت السلطنة بسياستها المتوازنة بالنأي بنفسها عن أي خلافات اقليمية ودولية، وحرصت دائماً على اتباع سياسة الحياد الإيجابي؛ ما جعلها وسيطاً مقبولاً وذات دور فعال في نشر سياسة حكيمة تعالت على أي خلافات، ولعبت دوراً نموذجياً في حل أي سوء تفاهم، وعلى الصعيد العالمي والاقليمي تحظى بعلاقات ودية وطيبة، وسمعة متميزة بسبب سياسات السلطنة وأدوارها الهامة.