Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Nov-2019

مضطرون لتصديق الحكومة هذه المرّة!*ماجد توبة

 الغد

مضطرون هذه المرة لتصديق وعود الحكومة بعدم فرض ضرائب جديدة أو رفع القائم منها العام المقبل، الذي تعكف حاليا على إعداد موازنته، رغم أن التجربة دلّت على أنه قلمّا التزم السياسيون والحكومات بتعهداتهم التي تصرف عادة بسخاء، خاصة عندما كان يصل الأمر للهواية المحبّبة وشبه الوحيدة للحكومات باللجوء لجيب المواطن لمواجهة عجز الخزينة ورفع الضرائب والتفنن باستحداثها وتبريراتها.
هذه المرة؛ نعتقد أن كل المؤشرات المالية والاقتصادية والسياسية الحالية تدفع لتصديق الحكومة فهي باتت مضطرة للبحث عن حلول من خارج صندوق ما اعتادت عليه، بعد أن أدّى نهج التوسع بالضرائب والرسوم والجباية وتحرير الأسعار ورفع الدعم بالعقود الثلاثة الماضية وتسارع حدته بالعقد الأخير إلى شبه إنهيار كامل للاقتصاد؛ ركودا وتراجعا بالتصدير وبمنافسة المنتج المحلي بالخارج وخروج آلاف المؤسسات والأعمال التجارية والصناعية والخدمية من السوق لارتفاع كلف الإنتاج وتراجع القدرة على توليد الوظائف وفرص العمل، وما أنتجه كل ذلك من أزمات اجتماعية وسياسية وأمنية طاحنة.
ومقابل مركب الأزمات المذكورة لم يتمكن النهج الاقتصادي الرسمي من معالجة الاختلالات الهيكلية بالاقتصاد والمالية العامة وعجز الموازنة والمديونية بل واستمرت هذه الاختلالات بالتفاقم، كما دخلنا اليوم بمرحلة تراجع عائدات الخزينة من الضريبة بعد أن طفح الكيل وضرب خرق العبء الضريبي لكل السقوف النشاط الاقتصادي بكل القطاعات، الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية.
لذلك نعتقد أن عدم اللجوء لفرض ضرائب جديدة هو الخيار الوحيد أمام الحكومة لوقف الإنحدار بعد أن تجبّرت هي والحكومات التي سبقتها بالتوسع بالوعاء الضريبي لدرجات غير معقولة ولا مقبولة، لكن هل يكفي ذلك لوحده لتجاوز أزمة الاقتصاد الوطني؟!
بلا شك أن وقف مسلسل فرض ورفع الضرائب لن يكفي لوحده، فانتشال الوضع الاقتصادي من المرحلة الصعبة التي يعيشها تحتاج لما هو أكثر بكثير من ذلك، ويتطلب استراتيجية متكاملة تعيد ضخ الدماء بعروق الاقتصاد وتعيده لسكة الانتعاش وتجاوز نقطة الركود. ومن الإنصاف الإشادة بإطلاق الحكومة لحزمتي التحفيز الاقتصادي ومضيها بإطلاق حزم أخرى نتوقع لها أن تنعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي وبث التفاؤل بإعادة تصحيح المسار.
على الحكومة أن لا تتردد كثيرا بالمضي قدما بوعدها السابق الذي لم تلتزم به حتى الآن وهو خفض ضريبة المبيعات على عديد السلع والخدمات وبما ينعكس على تحسن القدرات الشرائية للناس خاصة من محدودي ومتوسطي الدخل وبما يدعم العجلة الاقتصادية برمتها. مواجهة التهرب الضريبي تحديدا على صعيد ضريبة الدخل هو بديل حتمي ومطلوب لسد العجز المتأتي عن خفض ضريبة المبيعات ولتعويض عائداتها بالمرحلة الأولى.
كذلك؛ يجب أن لا يبقى هدف زيادة الإنفاق الرأسمالي بالموازنة والتقشف الحقيقي بالإنفاق الجاري – دون المس طبعا بالخدمات الأساسية- مجرد شعار للاستهلاك العام، بل هو السبيل لتحريك عجلة النمو وإنعاش الاقتصاد.
إعادة فتح ملف التخاصية وتصويب الاختلالات العديدة فيه أمر مهم وملح أيضا ضمن الاستراتيجية المنشودة. كما لا يجب التردد برفع الحد الأدنى للأجور وزيادة الرواتب بعد المماطلة الطويلة بذلك، ليس فقط لفائدة العمال والموظفين بل ولفائدة تحريك مختلف القطاعات الاقتصادية. ومن المناسب هنا النظر بجدية لمطالب القطاعات التجارية والصناعية بإعادة النظر بنسبة الاقتطاع المرتفعة لاشتراكات الضمان الاجتماعي على الموظف والمؤسسة والتي تصل إلى 21.5 % من الراتب الإجمالي، والتي تندرج ضمن العبء الضريبي المرتفع.
لا نريد من الحكومة إعادة اختراع العجلة؛ بل فقط أن تمتلك رؤية واضحة وإرادة حقيقية للبحث عن شبكة حلول متكاملة لانتشال الاقتصاد الوطني من أزمته.