Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2020

انتخابات الرئاسة الأميركية مفتوحة على كل احتمال

 الغد-معاريف

 
بقلم: زلمان شوفال
 
قبل خمسة أشهر من الانتخابات في الولايات المتحدة تظهر الاستطلاعات تفوقا من 5 – 6 % للمرشح الديمقراطي جو بايدن، ولكن في جدول الرهان بالذات ينتصر ترامب. فمعالجة الرئيس للوباء وان كانت أثرت سلبا على التأييد له، والذي يبلغ قرابة 40 % فقط، الا انه يمكن الافتراض بان المؤشر السياسي لا بد سيتحرك الى هنا أو هناك مع حلول تشرين الثاني (نوفمبر)، وفي هذه الاثناء فان الاضطرابات التي اندلعت في ارجاء الولايات المتحدة في اعقاب احداث العنف في مينيابوليس كفيلة بان تعمل بالذات في صالح ترامب. وأقام الديمقراطيون أملهم في النصر على التوقع بان تقوض المشاكل الاقتصادية، ولا سيما في اعقاب الكورونا انجازات ترامب في هذا المجال، ولكن بانتظارهم ضربة غير متوقعة إذ بشر جيسون فورمان، البروفيسور الكبير في الاقتصاد في جامعة هارفورد وأحد الاقتصاديين الرئيسين في إدارة اوباما بالمفاجأة التالية: “نحن ننتظر المعطيات الاقتصادية الافضل في تاريخ بلادنا”، وتعليلاته ضمن امور اخرى هي أن انتهاء أزمة الكورونا سيؤدي الى ارتفاع غير مسبوق بالنمو.
جدير بالذكر انه في تشرين الثاني (نوفمبر) ستجرى الانتخابات ليس فقط للرئاسة بل وايضا لكل الـ435 مقعدا في مجلس النواب ولثلث المائة مقعد في مجلس الشيوخ. يوجد للديمقراطيين اليوم اغلبية في مجلس النواب، وأغلبية للجمهوريين في مجلس الشيوخ، وحسب الاستطلاعات فان هذا الوضع سيستمر. مشوقة على نحو خاص، من ناحية اسرائيل ايضا، هي الانتخابات لمجلس النواب إذ فيها سيحسم بقدر كبير الاتجاه السياسي في الحزب الديمقراطي بين اليسار الراديكالي المسمى “تقدمي” والكتلة المركزية المعتدلة. كما أن المجموعة اليسارية، المناهضة لاسرائيل، المؤيدة للـBDS وفي بعضها لأسام ستكون قيد الانتخاب ومن شأنها أن تضم شركاء جددا في الرأي.
في هذه الاثناء يتركز اليانصيب السياسي أساسا على مسألة من سيختار بايدن لمنصب نائب الرئيس. صحيح أنه وعد بانه سيختار مرشحة من أصل أفرو-أميركي، ولكنه لم يعد بان يوفي بالوعد، وفي هذه اللحظة المنافسة هي أساسا بين السناتورة اليزابيت وورن من الجناح اليساري وبين سناتورتين أخريين – كميلا هارس من كاليفورنيا، الافرو-أميركية وايمي كلوبشر المعتدلة من منسوتا ذات الاحتمالات المفتوحة، بسبب الاضطرابات في ولايتها أيضا. اختيار السناتورة وورن التي تعلن أنها تريد “اصلاح” الرأسمالية من شأنه أن يؤدي الى انعطافة يسارية للسياسة الاقتصادية وابعاد مصوتين محتملين كثيرين، بما في ذلك مستقلين وجمهوريين ملوا ترامب ولكنهم غير متحمسين في تغيير وجه اقتصاد في الاتجاه اليساري. وبالنسبة لإسرائيل، مع ان السناتورة وون تدعي بانها تؤيد إسرائيل، ولكن هذا التأييد محدود الضمان.
اذا انتخب بايدن حقا، معظم المراقبين السياسيين في الولايات المتحدة لا يتوقعون تغييرات متطرفة في السياسة الخارجية. لا في موضوع الصين ولا من ناحية تشديد الاطواق على ايران. الولايات المتحدة بقيادة بايدن لن ترغب على ما يبدو في العودة الى الاتفاق النووي مع طهران ولكنها ستحاول الوصول الى اتفاق جديد يتضمن مسائل مثل الإرهاب والصواريخ ويشدد المطالبات في الموضوع النووي. ستكون فوارق في التصريحات والتشديدات ولا سيما تجاه أوروبا وحلف الناتو ولكن المسألة هي اذا كان بوسع بايدن أن يرمم مكانة الولايات المتحدة كزعيمة العالم الحر بعد أن خبت في عهد أوباما وترامب، وليس فقط بسبب سياستهما بل وأيضا كنتيجة لتغييرات في الوضع الجغرافي – السياسي العالمي وفي خريطة مصالح اللاعبين المختلفين. كما ليس واضحا اذا كانت التغييرات الديمغرافية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة ستسمح لها في المستقبل القريب بالعودة الى المكانة الدولية السابقة او اذا كانت اغلبية الجمهور الأميركي سترغب في ذلك.
وبالنسبة للشرق الأوسط أيضا لن يطرأ تغيير بعيد الأثر، إلا إذا ألغى بايدن تماما الانعطافة التي اجراها أوباما من الشرق الأوسط الى جنوب شرق آسيا، الامر غير المعقول في هذه اللحظة. السؤال الثاقب من ناحية إسرائيل هو بالطبع كيف ستختلف سياسة إدارة بايدن عن سياسة إدارة ترامب في المواضيع الأساسية على جدول الاعمال في السنوات القريبة القادمة. لقد سبق لبايدن كما هو معروف ان اعلن بانه سيبقي السفارة الاميركية في القدس بل وتعهد بمواصلة المساعدة الأمنية دون اشتراطات، ولكن مثلما في مواضيع أخرى لا يمكنه ان يتجاهل تماما مناهج اليسار المتطرف في حزبه. وسيحاول الالتصاق بالمواقف التقليدية لحزبه في عهد ما قبل أوباما.
وفي موضوع بسط السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، وفقا لخطة ترامب أيضا، لا يوشك على أن ينتهي نهائيا قبل الانتخابات، مع أنه مجرد بدء الخطوات له معنى سياسي وتاريخي، تحتمل أيضا بعض التغييرات فيها. فهل ستحاول الإدارة الديمقراطية وضع حد للخطوات المخطط لها، ام ستفضل تكييفها مع المناهج التقليدية للديمقراطيين وتجد بعضها تعبيرها على أي حال في مبادرة ترامب أيضا، مثل الدولة الفلسطينية، وتحديد معايير للبناء خلف الخط الأخضر (معايير بقيت أحيانا على الورق حتى في الإدارات السابقة)؟ واضح أن للريح التي تهب من غرف البيت الأبيض توجد أهمية كبيرة حول تحديد سياسة الإدارة ومن هذه الناحية لن تشبه أي إدارة إدارة ترامب.