Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2019

هل يستحق المسلمون العرب هذا اللوم؟*يوسف عبدالله محمود

 الراي

دُعي الشاعر اللبناني المسيحي المهاجر رشيد سليم الخوري الملقب بِـ (الشاعر القروي) إلى حفل بمناسبة عيد المولد النبوي اقيم في مدينة سان باولو، وطُلب منه أن يلقي كلمة في هذه المناسبة. بدأ كلمته قائلاً: «أيها المسلمون.. أيها العرب.. يولد النبي على ألسنتكم كل عام مرة، ويموت في قلوبكم.. وعقولكم.. وأفعالكم كل يوم.. ألف مرة». ولو ولد في أرواحكم لولدتم معه، ولكان كل واحد منكم محمداً صغيراً. أيها المسلمون.. يَنسب اعداؤكم إلى دينكم كل فِرية، ودينكم من بهتانهم براء».
 
في مفرداته يعاتب هذا الشاعر المسيحي مسلمي العرب لأنهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم على ألسنتهم كل عام مرة، ويموت في قلوبهم كل يوم ألف مرة. والمقصود أن قيم الإسلام لم تسكن قلوب الكثيرين منهم.
 
كلام الشاعر القروي يهز أعماق الوجدان. كلامه يستنكر تخاذلاً يُفقد الهيبة. يفضح هواناً واستسلاماً.
 
الإسلام ليس باللسان فحسب بل بالقلب والوجدان. الإسلام أن تمارس فضائله لا أن تتغنى به فحسب!
 
ويضيف هذا الشاعر في كلمته هذه المفردات المتألقة التالية:
 
"دينكم دين العلم.. وأنتم الجاهلون، دينكم ديم التيسير.. وأنتم المُعِّسرون، دينكم دين الحسنى.. وانتم المنفِّرون، دينكم دين النصر ولكنكم أنتم متخاذلون، إني موقن أن الإنسانية بعد أن يئست من كل فلسفاتها وعلومها وقنطت من مذاهب الحكماء جميعاً سوف لا تجد مخرجاً من مأزقها وراحة روحها.. وصلاح أمرها إلا بالارتماء في أحضان الاسلام».
 
وكما اشاد هذا الشاعر الكبير بقيم الإسلام وهو المسيحي، ثمة مثقفون مسيحيون آخرون من كبار المفكرين أشادوا بهذه القيم الانسانية المركوزة في هذ الدين العالمي، فهذا المفكر الراحل د. اميل توما يقول في كتابه «الحركات الاجتماعية في الاسلام» ص 141، «لم يجمع دين من الأديان التوحيدية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، الدين والدنيا كما جمعها الاسلام».
 
وفي موضع آخر يقول د. اميل توما، ص 38، ».. الإسلام وإن وعد المؤمنين الصالحين بالجنة والفردوس في الحياة الآخرة إلا انه لم يشجع الانسحاب من الحياة اليومية ولم ينسب الانعزالية الاجتماعية، ولهذا لم تتم على تُربته «الرهبنة» التي عرفتها المسيحية أو تنتشر الأديرة الإسلامية في ربوعه»
 
وهناك مفكر لبناني آخر هو د. جورج قرم يشير في إحدى مقالاته أن الإسلام –في نظره- احتفى بقيم العدالة الإنسانية والتسوية بين البشر على نحو لافت قل نظيره.
 
المؤسف أن «الإسلام» بقيمه الإنسانية الرفيعة يُستهان به اليوم من قبل الامبريالي العالمية التي تلصق به تهماً هو براءٌ منها، كالزعم أنه يحارب «العقل» ويكرس «التخلف»، وهذا ما أشار اليه الأكاديمي والمفكر الكبير الراحل د. ادورد سعيد في كتابه الشهير «تغطية الإسلام» حين كشف عن افتراءات الغرب الامبريالي على «الإسلام» ومحاربته تحت ذرائع مختلفة لا تصمد أمام الحقيقة.
 
وبعد، إن المطلوب اليوم هو قراءة مستنيرة لِـ «الإسلام» لا تحجب انفتاحه على «العقل» كما يفعل بعض الفقهاء والمشايخ الذين يعتبرون «الديمقراطية» مصطلحاً غربياً ينبغي رفضه!