الراي-تطالعنا الصحف المحلية مع صبيحة اليوم التالي لجلسات مجلس النواب بخبر مفاده ،أسماء النواب الذين تغيبوا عن الجلسة بعذر ، واسماء النواب المتغيبين بدون عذر ، وفي كثير من الاحيان يقول الخبر ان رئيس المجلس رفع الجلسة لعدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة  .
قضية فقدان النصاب عقبة رئيسة تلازم مجلس النواب الحالي  وحتى المجالس التي سبقته ينبغي الوقوف عندها من الباحثين والدارسين والمهتمين بالشأن السياسي البرلماني للوصول الى معرفة الاسباب الحقيقية التي تكمن وراء تعطيل جلسات المجلس انطلاقا من القاعدة العلمية التي تقول :ان لكل بحث ودراسة اسلوبا يخضع لقواعد علمية محكمة واسس موضوعية .
مسألة عدم اكتمال النصاب تتطلب صياغة فرضية او فرضيات يعتقد الباحث حدسا او تخمينا انها تؤدي الى تفسير تلك الظاهرة ، وعليه يمكن لنا ان نضع بعض الفرضيات والتساؤلات التالية لعلنا نصل الى معرفة الاسباب الحقيقية وراء عدم اكتمال نصاب جلسات مجلس النواب .
من هذه الفرضيات : هل يعني تعطيل الجلسة بعدم اكتمال نصابها هو قناعة النائب المغيب نفسه عن الجلسة بأنه اصبح في وضع لا يستطيع معه تغيير او تعديل أي من مشاريع القوانين المطروحة على جدول الاعمال ، او هل قدرته على توجيه سؤال او استجواب لوزير ما لا يمكن توجيهه بسبب ان المجلس اصبح في جيب الحكومة وان الافضل له هو تعطيل الجلسة  لإعاقة تمرير القانون او اخراج الوزير من حرج المسألة او الاستجواب  ، ام فرضية غياب السادة النواب هو لاعتبارات وظيفية تقليدية تقول ان النيابة هي تشريف وليس تكليفا ، اما الفرضية التي تقول ان النيابة اصبحت فقط للوجاهة العامة والحصول على الامتيازات المختلفة التي لن تكون بمتناول اليد خارج دائرة المجلس وان مسالة حضور الجلسات هي مسالة ثانوية وتعطيل جلسات المجلس هو لعدم الاحراج ، ام ان فرضية غياب التعاون والتكامل بين النواب والسلطة التنفيذية لأغراض شخصية او حزبية او جهوية او تسجيل المواقف هي المعطلة للنصاب القانوني ؟
كل هذه الفرضيات هامة يجب على الباحثين والدارسين والمهتمين التحقق منها والوقوف عليها ، او ان يجيب السادة النواب المتغيبون انفسهم ويريحوا الباحثين والدارسين من عناء التقصي والبحث ، ويكونوا كما ارادهم جلالة الملك وناخبيهم قادرين على الاضطلاع بدورهم الدستوري في التشريع والرقابة على اداء الحكومة وقرارها السياسي والاقتصادي والاداري ، والا قصة ابريق النصاب الذي يستهين به بعض نوابنا ، سيبقى علامة فارقة في تاريخ هذا المجلس ، الذي نثمن له انجازاته الكبيرة في مسيرة الاصلاح الشاملة ، التي قادها جلالة الملك في ظل الظروف الاقليمية الملتهبة ، مع العلم بان غياب النائب يصل الى حد اسقاط نيابته ،  في حال تمادى النائب في الغياب في الدول الديمقراطية التي نسعى للاقتداء بها .