Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2017

يعشقون الأرض أكثر.. - د. ربيع خالد الفرجات
 
الراي - عن الأردن نتحدث إذ الكرامة ذُكرت، فمن أرضك أنت يا وطني أميط لثام الذل والهوان عن الأمة العربية جمعاء، ليسفر وجهها والنور يغشاه، وليقول التاريخ كلمته إن الرجال لا يكون نباتها إلا في أرضك حتى إذا استوى سوقها كانت ثمارها غدقاً وفيضاً على أمة انتمت إليها وحملت همها. ففيك فخاري وانتمائي.. فيك عز العرب ومجدها.. وعلى أرضك كرامة.
 
بعزمهم كانت كرامة.. بدمائهم كانت كرامة.. تحوم أرواحهم في فضاءات الأردن فوق سهوله وهضابه وغوره وجباله.. نفتخر بهم فيسمو الوطن بقدسية أرضه وحرية إنسانه وأصالة رسالته التي توارثها قادة هذا الوطن من آل هاشم.
 
يوم الكرامة يوم خالد في تاريخ الجيش العربي، سطر من خلاله سجل المجد لأروع البطولات وأجمل الانتصارات على ثرى الأردن الطهور، ليبقى في الذاكرة الوطنية صفحة من الصفحات المشرفة من تاريخنا المجيد، ومحطة من محطات العزم والإيمان.
 
في الحادي والعشرين من آذار عام 1968م، شهدت أرض الرباط والمرابطين في غور الأردن أعنف المعارك مع عدو متغطرس امتلك العدة والعتاد، وذهبت به نشوة حزيران عام 1967م ليمد جسوراً من الوهم والخيال، معتقداً أن اجتيازه نهر الأردن شرقاً سيكون مجرد نزهة، فزحفت جحافله بصمت بعد اعتداءات على طول جبهتنا الغربية لم تتوقف منذ حرب عام 1967، وهو يسعى لترجمة أطماعه وتنفيذ مخططاته وهو يحيط نفسه بهالة من العنجهية والغرور لفرض ما يراه ويريده من إرغام وتوسع.
 
بدأت معركة الكرامة الخالدة فجر يوم 21 آذار 1968، واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة، لجأت فيها إسرائيل إلى طلب وقف إطلاق النار في الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم المعركة، إلا أن جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه أصر على عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جندياً إسرائيلياً واحداً شرقي النهر.
 
ومع انتهاء أحداث المعركة، كان العدو قد فشل تماماً في عملياته العسكرية، وعاد يجر أذيال الخيبة والفشل، فتحطمت الأهداف المرجوة من وراء المعركة أمام صخرة الصمود الأردني، ليثبت للعدو من جديد بأنه قادر على مواصلة المعركة تلو الأخرى، وعلى تحطيم محاولات العدو المستمرة للنيل من الأردن وصموده.
 
شكّلت معركة الكرامة الخالدة منعطفاً تاريخياً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فهذا العدو الغاصب الذي اغتر كثيراً بقوته حتى ظن أن جيشه هو الجيش الذي لا يقهر، إذ حقق هذا العدو انتصاراً ساحقاً على القوات العربية في موقعة سميت بنكسة حزيران، وقد كانت نكسة بكل ما في الكلمة من معنى، فجاءت معركة الكرامة الخالدة لتضع حدّاً لهذا العدو ولتكسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر إلى الأبد، وكانت الأمة بحاجة لمن يعيد لها كرامتها فكان نصر الكرامة.
 
أثبت الجندي الأردني أنه قادر على انتزاع النصر بقوة، وأثبت كفاءته وقدرته على تحمل الصعاب والمشاق من أجل وطنه، فقد سجل أروع البطولات والتضحيات دفاعاً عن ثرى الأردن الطهور، ولقنوا فيها الجيش الإسرائيلي دروساً لا تنسى وكسروا جبروتهم، وسطر شهداؤه بدمائهم الزكية صفحة مشرقة في تاريخ وطنهم وأمتهم يخلدها لهم التاريخ على مدى الزمن السرمدي.
 
إنها ذكرى خالدة، لا نستطيع أن نفيها حقها لأنها أكبر من كل الكلمات وأكبر من كل الاحتفالات، هي معركة أعادت إلى الأمة احترام الذات بعد نكسة حزيران، وجاء النصر الذي حققه جيشنا الباسل في وقت كنا فيه بأمس الحاجة إلى ملامح نصر وعزة وكرامة، وإلى وقفة كلها شرف وإباء، إنها ذكرى فخر وعز، يوم ضُمدت فيه الجراح العربية المكلومة بسواعد أبناء الأردن البررة.
 
ونهاية لا بد من القول بضرورة دراسة ذلك التاريخ المشرف واستلهام الدروس من هذه المحطات التاريخية الفاصلة في تاريخ الوطن، والتعرف على التضحيات التي قدمها المحاربون القدماء لتكون نبراساً لهم ولنا.
 
وفي هذه الذكرى الغالية نرفع الأكف تضرعاً لله العلي القدير أن يتغمد جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بواسع رحمته، وأن يمنح جلالة القائد الأعلى الملك عبد الله الثاني ابن الحسين العزم والقوة ليمضي بالأردن قدماً نحو معارج الرقي والتقدم والازدهار. فستبقى هذه المعركة جزءاً من تاريخنا العسكري الذي نفخر ونعتز به في ظل وجود الهاشميين وعلى رأسهم قائد المسيرة المظفرة جلالة الملك عبد الله الثاني.