Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Nov-2017

نهاية بائسة.. لمقاتل من أجل الحريّة! - محمد خروب

 الراي - هو روبرت موغابي، الذي اطاحه حزبه بعد ان تمرّد جيشه عليه وفقَدَ دعم رفاقه من المحازبين والمحاربين القدامى، الذين قادوا مقاومة باسلة وشجاعة ضد ابشع نظام عنصري في القارة السوداء، عندما تولّى المستوطنون البيض حكم البلاد ذات الغالبية «السوداء» وذهبوا بعيدا في تحديهم عندما اطلقوا اسم «روديسيا» على البلاد التي احكموا قبضتهم عليها, واستولوا على ثرواتها وامسكوا باقتصادها وشكّلوا قوة عسكرية استعمارية باطشة, لم تستطع في النهاية الصمود امام المقاومة الباسلة التي ابداها المقاتلون من اجل الحرية, والذين برَز من بينهم روبرت موغابي على رأس فصيل سمّاه «اتحاد شعب زيمبابوي الإفريقي (زانو)» وحركة «زابو» بقيادة جوشوا نكومو الذي تربّص به موغابي مُبكرا بعد الاستقلال, واستطاع إبعاده عن المشهد في الدولة الجديدة, التي قامت على انقاض نظام الاقلية البيضاء، الذي حكمه إيان سميث منذ العام 1965 حتى نيسان 1980, عندما نجح الثوار في كنس النظام العنصري وانتزاع اعتراف من الدولة الاستعمارية الابشع بريطانيا, وتالياً الامم المتحدة التي منحتها العضوية تحت اسم «زيمبابوي»، ليتم طيّ صفحة استعمارية عنصرية بغيضة, بقيت نُسخَتاها الابشع, واحدة في جنوب افريقيا والاخرى في فلسطين المحتلّة.

 
طوّى حزب «زانوــ بي إف»، الذي هو اختصار لـ»حزب الاتحاد الوطني الافريقي الزيمبابوي – الجبهة الوطنية» صفحة زعيمه، بعد ان سحب الثقة منه (اقرأ طرده) إثر إصرار موغابي على البقاء في السلطة وعدم التنحِّي, ما دفع الحزب الاقوى في البلاد على رفع الغطاء عن الزعيم الذي واصل حكم البلاد لأربعة عقود إلاّ قليلاً (37عاماً), سجّل عهده نجاحات كبيرة في بداية الاستقلال واستطاع موغابي رغم الصراع الذي احتدم بين زعماء وقادة الفصائل المقاوَمة, ذات الاتجاهات اليسارية والماركسية والماوية في معظمها الذي رافق مرحلة الإستقلال الاولى، بدهائه وعقليته التآمرية التي تميّز بها, كما قدرته الخطابية... الهيمنة على الساحة, تارة عبر تحالفات مؤقتة وأخرى بالاستناد الى الجيش والرفاق السابقين, وطوراً بالاقصاء والتهميش والاستئثار بالسلطة ووصم المعارِضين حتى من داخل الحزب ورفاق المقاومة من الفصائل الاخرى, بالخِيانة والتخلِّي عن «الروح الثورية» وغيرها من المصطلحات التي يبرع الرفاق المُختلفون والأصح المُتصارِعون... في رشق بعضهم بها, كلما اشتّد السِباق على «الكراسي» والامتيازات.
 
لا يُنكر عاقل او منصف ان نظام موغابي تعرّض لحملات شرِسة من المقاطعة والتشويه والاكاذيب. قامت بها الدوائر الاستعمارية القديمة والطابور»الخامس» الابيض من احفاد المستوطنين البريطانيين داخل زيمبابوي, وبخاصة بعد قرارات الاصلاح الزراعي التي اصدرها موغابي في العام 2000 ،أمّم من خلالها الملكيات الزراعية الكبيرة التي واصلت الاقلية البيضاء الاحتفاظ بها بعد الاستقلال، ما أثار حفيظة بريطانيا والولايات المتحدة والدوائر الرأسمالية, التي لا تريد للعدالة ان تسود وان تعود ثروات البلاد المنهوبة تاريخياً الى الاغلبية الساحقة الفقيرة، فدخلت البلاد التي انهكها الاستعمار وحطّم اقتصادها, في طور العقوبات الاقتصادية والحصار, على نحو لم يستطع الاقتصاد الوطني المُنهَك والضعيف الصمود, ما ادى الى ارتفاع نسبة التضخم على نحو خيالي حتى باتت العملة الوطنية خارج التداول لتدهور قيمتها الشرائية ,وانعكس ذلك على أوضاع المواطنين البائسة اصلا, استغلّت فيه المعارضة اليمينية المدعومة من الغرب الاستعماري الفرصة لرفع صوتها والرهان على غضب الجمهور الزيمبابوي المشروع والذي ترافق – من اسف – مع ترف وسلوك استهلاكي مثير لحفيظة وغضب الشعب الزيمبابوي قامت به زوجة الرئيس غريس التي تصغره بأربعة عقود(52 عاماً) حتى اطلق عليها المواطنون لقب «المُتسوِقة الأولى» و»النقمَة» وغيرها من الأوصاف اللاذعة.. لكن ذلك كله.. لا يمنع الاشارة الى ظاهرة تفشّت في دول العالم الثالث, وبخاصة بعد مرحلة الاستقلال الوطني وقيام الحكومات الثورية, التي في غالبيتها تشكّلت من مناضلين ومقاتلين من اجل الحرية، هزموا المستعمِرين وانتزعوا الاستقلال واعادوا بعض الكرامة والثقة لشعوبهم، إلاّ انهم – من اسف دائما – حوّلوا بلادهم الى «مزارع» واعتبروها «غنيمة» شخصية وعائلية, استردّوها «هم»وحدهم من المستعمِرين,فيما نظروا الى الشعب على انه مجرد هتّافين وارقام, تُحتسَب عند انتخابات قد لا تكون دورية ودائماً غير نزيهة, إلاّ أن المرشح فيها دائما هو الزعيم وكبارالحزب الحاكم, ولا مانع عندهم من توزيع بعض «الهدايا» كالمقاعد البرلمانية, وبعض الحقائب الوزارية, على عدد من الاحزاب الهامشية كي يُقال انها انتخابات «ديمقراطية», وبعد ذلك يتواصل مسلسل الديكتاتورية المُقنَّعة التي تستند الى الجيش والخلايا السرية للحزب الحاكم، ودوماً بطانة الحاكم/ الرمز, الذي لا بديل للوطن عنه حتى لو وصلت سنه الى «93 «عاماً.. كما هي حال روبرت موغابي، الذي «نجَحَ» في جمع كل هذه الحشود الغاضِبة والرافضة لبقائه, وخصوصا منقادة وفروع حزبِه, الذي شكل غطاء لتحرك الجيش رغم خشية المؤسسة العسكرية من ان يوصم تحركها بـ»الانقلاب» وهو ما يرفضه الاتحاد الافريقي بشدة, لكنه (الجيش) أدار عملية ذكية حافظ فيها على شخص «فخامة الرئيس», في الوقت نفسه الذي دعَم فيه تحركات شعبية واخرى حزبية واستقدَم نائب الرئيس منانجاجوا الذي عزله موغابي وهو ابن 75 عاماً، ليضعه على رأس المرحلة الانتقالية, ويطوي مرحلة موغابي وزوجته, التي ورّطته على نحو قد لا يُمكِنه من اتمام ما تبقى من حياته, في مقر اقامته المُسمّى.... «البيت الأزرق».