Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Jul-2017

الأزمة الألمانية ــ التركية: هل تدفع أنقرة.. الثمن؟ - محمد خروب
 
 
الراي - ان يخرج الرئيس التركي على الصحفيين وقبل بدء جولته الخليجية الراهنة... ليقول: إنه «لا يحق لأحد التدخل في شؤون تركيا»، وذلك رداً على سؤال حول الإنتقادات التي وجهتها ألمانيا حول وضع حقوق الانسان في تركيا، يعني ان الرجل الذي اكتسب بعض جماهيريته قبل عشر سنوات، عندما عاد من بروكسل حاملا معه وعداً بـِ»فتح» باقي ملف انضمام بلاده الى الاتحاد الاوروبي,، بدت وكأنها مسألة وقت ليس إلاّ، يستشعر»اردوغان» خطراً ماثلاً، يتجاوز مسألة الحصول على عضوية النادي الاوروبي، بقدر ما هو متعلق بعقوبات اقتصادية قاسية سيكون الاقتصاد التركي المُتراجِع، الذي يواجه ازمات متدحرجة باعتراف الدوائر التركية ذاتها... ضحيتها، ناهيك عما يُسجّله الميزان التجاري بين البلدين والذي يميل لصالح انقرة، كون المانيا – التي يتواجد على اراضيها ثلاثة ملايين «الماني» من اصل تركي – احد اكبر الاسواق للمنتجات التركية.
 
ولإن المقالة تتناول العلاقات الثنائية بين انقرة وبرلين، فان من الاهمية الاشارة الى تحذير الرئيس التركي، الذي يُنكِر على الآخرين حق التدخل في شؤون بلاده، وهو تحذير يكتسب اهمية اضافية، لو ان اردوغان التَزَمَهُ في مسار علاقاته الاقليمية والدولية، وخصوصاً في تدخله الفظّ، في الازمة السورية وايضا العراقية (ومصر أيضاً) وملفات عربية عديدة، بل هو كان احد المحرِّضين على استمرار الخراب والقتل في سوريا، ورعت اجهزته الامنية والاستخبارية والعسكرية جموع وفصائل الارهابيين، ووفرت لهم الملاذات الآمنة والتدريب والتمويل والطبابة ولم «تبخل» عليهم بأي شيء، يمكنه ان يُسهم في مواصلة سفك دماء السوريين ودعم مشاريع تقسيمها، بل أَمرَ جيشه باجتياح شمال سوريا,، بمشاركة من مرتزقة اشرف على تدريبهم واستخدمهم في لعبته لتقسيم بلادهم على اسس طائفية ومذهبية وعرقية، ولم يتورع عن ارسال كتائب عسكرية الى العراق تحت ستار تدريب الكرد العراقيين وخصوصا «حماية» التركمان العراقيين، تماما كما حاول استخدام الالمان من اصل تركي في مشروعه الرامي لإحكام قبضته على تركيا,، عبر الاستفتاء الذي نظمه في نيسان الماضي، والرامي الى تحويل النظام البرلماني القائم الآن... الى نظام رئاسي، يُمكّنه من الاستمرار في الحكم حتى العام 2029، عندما يبدأ تطبيقه بعد عامين (2019).
 
ما علينا..
 
برلين تُلوّح بفرض عقوبات اقتصادية على انقرة، وهذا ما اشعل الضوء الاحمر في المجمع الرئاسي (القصر الابيض الباذخ الذي يدير اردوغان من أجنحته التي تصل الى «ألف» غرفة... البلاد) ودفع الرئيس التركي إلى إطلاق تحذير كهذا، يعلم في قرارة نفسه انه سيضر بلاده وربما – وهذا هو الاخطر – يدفع بدول اوروبية اخرى للسير في اعقاب الخطوة الالمانية الدراماتيكية المُتوقّعة. واذ ترى حكومة المستشارة ميركل انها في وضع حساس بل حرج، ازاء ما يقوله الالمان حول ان حكومتها «لا تُدافِع عن نفسها بالدرجة الكافية بمواجهة تركيا» كما قال اخر استطلاع للرأي نُشِر قبل يومين، ما بالك انها تخوض «معركة» بقاء سياسي «شخصي».. لها، للبقاء في دار المستشارية ببرلين للمرة الرابعة، عندما يحل موعد الانتخابات الحاسمة في ايلول الوشيك، فان ذهاب برلين الى خطوة كهذه مُترافِقة مع سيل من الانتقادات اللاذعة لإنقرة والتحذير من ان «اي علاقات طيبة مع هذه الدولة الكبيرة والمهمة لن تكون ممكنة، الاّ اذا كانت تركيا دولة يحكمها القانون، وظلّت كذلك «كما قال مسؤول شؤون المستشارية الالمانية بيتر التماير، الذي وصف سلوك تركيا بانه «غير مقبول»، مُطالِباً بالافراج عن الحقوقي الالماني بيتر شتيدنير، والصحفي الالماني (من اصل تركي) دينز يوجال،.. يعني ذلك كله ان برلين في صدد الإقدام على خطوة قاسية، قد تسهم في كبح اندفاعة اردوغان، لِضربه عرض الحائط بكل التحذيرات الاوروبية (وغيرها) وخصوصا ان الرئيس الالماني فالتر شتانيماير (كما وزير الخارجية سيغمار غابريل، وهو الذي خلفه في المنصب بعد انتخاب الاول رئيساً للبلاد، علما انهما ليسا من حزب ميركل الديمقراطي المسيحي، بل من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الشريك في الإئتلاف القائم الذي تقوده ميركل) قال في ما يشبه اليأس من امكانية تعديل سلوك انقرة: «لا يمكننا السكوت عمّا يحصل.. في تركيا»..
 
الازمة الالمانية التركية المتدحرجة، تشي بان قائدة القاطرة الاوروبية (المانيا) قرّرت المضي قدما في «معركة» تغيير «سلوك تركيا» ازاء ملفات وقضايا عديدة، وخصوصا في شأن حقوق الانسان التي برزت الى السطح بعد الانقلاب الفاشل في 15 تموز 2016، الذي وجد فيه اردوغان «نعمة من السماء» كما قال حرفياً»، كي يعيد تصميم تركيا على مقاسه الشخصي، فضلا عن السجالات التي اندلعت بينه وعديد من دول أوروبا التي رفضت زيارات عدد من وزرائه ليخطبوا في مهرجانات لدى الجالية التركية في تلك المدن لمساندة استفتاء نيسان الماضي، بل ان «حركة» اردوغان نفسه قد تم تقييدها ومنعه من القاء خطاب لأتراك ألمانيا ولو عبر «الفيديو كونفرس» خلال حضوره قمة «G20» التي انتهت للتو في مدينة هامبورغ الالمانية..
 
اذا ما، وعندما.. تُعلِن برلين عن عقوبات اقتصادية ضد انقرة، ويبدأ المستثمرون الالمان بترحيل رساميلهم واستثماراتهم في تركيا، فان الاخيرة ستجد نفسها (ربما) امام «إعصار» اوروبي لمعاقبتها، بهدف تحقيق امرين اولهما ليّ ذراع اردوغان وكبحه، والثاني وهو الاهم إغلاق باب التفاوض حول العضوية الاوروبية، وهو ما ستترجمه ردود فعل العواصم الاوروبية الاخرى عندما تفتح برلين.. باب العقوبات الاقتصادية.
 
kharroub@jpf.com.jo