Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Mar-2015

داعش… أشباه الخوارج*هند التونسي

العرب اليوم-كثر الحديث في اوساط عدة محلية واقليمية، عن تشبيه داعش بالخوارج، واعتبارهم خوارج القرن الحادي والعشرين.

لنعد الى الوراء في اعماق التاريخ.. الى اواخر النصف الاول من القرن الاول الهجري واواسط القرن السابع الميلادي لنعرف من هم الخوارج؟ وكيف نشأوا، وكيف تمددوا، واين وجدوا؟.. وهذا يقودنا الى اول الخلاف والشقاق بين المسلمين؛ الذي حدث زمن الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، بسبب سياسته، وانتهت الامور بقتله.

وبعد عثمان بن عفان بايع اكثرية المسلمين علي بن ابي طالب خليفة للمسلمين؛ وكان الخليفة الراشد الرابع. غير ان الاطماع الشخصية وبقايا العصبية القبلية اشرأبت برأسها بين المسلمين. قسم منهم انتصر وتشيّع لعلي بن ابي طالب، وقسم انتصر وتشيّع لمعاوية. ومع مرور الزمن اصبح التشيّع عنوانا ودلالة لانصار علي وابنائه واحفاده من بعده. وكان ايضا تشيّع الامويين لمعاوية لخلافته. واستشرى الخلاف والفرقة بين المسلمين، ولم يكن خلافا في صلب العقيدة الاسلامية؛ وانما خلافا في الرأي السياسي حول الحكم والحاكم.

ونتيجة لذلك الخلاف السياسي على الخلافة بين علي ومعاوية حدثت بينهما موقعة "صفين" عام 37هـ/657م على نهر الفرات شرق سورية. وفي خضم المعركة بين الاثنين، رجحت كفة علي وجيشه نحو النصر على الطرف الاخر؛ فما كان من معاوية المعروف بحنكته ودهائه الا ان يوقف القتال ويتوجه لعلي ويقترح عليه الاحتكام لكتاب الله و"القرآن الكريم" فوافق علي على التحكيم حقنا لدماء المسلمين. اختار معاوية عمرو بن العاص المعروف بدهائه حكما له واختار علي ابا موسى الاشعري حكما له. واقترح عمرو وكانت جماعته رافعة المصاحف على رؤوس الرماح على الاشعري ان لا يختار كلاهما ايا من علي او معاوية، وترك الامر لقادة المسلمين باختيار خليفتهم. وطلب عمرو من ابي موسى الاشعري ان يبدأ ففعل، ورفض عليا متوقعا ان يرفض عمرو بن العاص معاوية؛ فخدعه بان اختار معاوية خليفة للمسلمين، وهكذا كانت فكرة التحكيم خدعة سياسية بتدبير معاوية وعمرو بن العاص.

نتيجة التحكيم لم يرض بها فريق من انصار علي فخرجوا عليه لانه وافق على التحكيم وكونوا فريقا ثالثا عرف "بالخوارج" وشعارهم "لا حَكمَ الا الله"، ومنذ ذلك التاريخ بدأ تشكل الفرق السياسية، وبمعنى "الحزب السياسي" بين المسلمين. وكان الخلاف بينهما خلافا في اختيار الحاكم وطريقة الحكم. ومع الزمن انقسم كل فريق الى فرق عديدة تتوالد الى صغرى واصغر. فالشيعة انصار علي بن ابي طالب انقسموا الى عدة فرق، وكذلك الخوارج انقسموا الى فرق عديدة بسبب الاختلاف في الرأي السياسي حول الحكم والحاكم.

لم يرد علي بن ابي طالب ان يحارب انصاره الذين انشقوا عنه وخرجوا على طاعته وهم الخوارج؛ الا اذا بدأوه بالحرب. فكان ان اتبع الخوارج سياسة العنف وقتلوا "عبدالله بن خباب" من انصاره وفي عنقه المصحف. ولم يستجيبوا لدعوات علي لهم بالتفاهم والتفاوض فخرج اليهم في وقعة "النهروان" وقتل معظمهم بمن فيهم زعيمهم ابن وهب، فما كان منهم الا ان ارسلوا اليه واحدا منهم هو "عبدالرحمن بن ملجم" فقتل عليا بن ابي طالب في المسجد.

بعد قتل علي اتسع نشاط الخوارج وخاضوا كثيرا من المصامع في عهد معاوية سيما في منطقة البصرة. واعتمدوا في غاراتهم ما يعرف في عصرنا بحرب العصابات وعرفوا بالمباغتة والسرعة، والكر والفر.

ظل نشاط الخوارج في شرق الدولة الاسلامية مدة طويلة، أقضّوا فيها مضجع الدولة الاموية بقتالهم وتطرفهم. وكانوا سببا رئيسا في اضعاف الدولة الاموية بسبب انشغالها بمطاردتهم وقتالهم؛ مما افسح المجال للعباسيين بالتخطيط والتنظيم السري للوصول الى السلطة بزوال عهد الامويين وتأسيس الدولة العباسية.