Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Feb-2017

وداعاً هاني الهندي: تموت الاشجار واقفة - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - أخيراً رحل عن دنيانا المفكر المناضل هاني الهندي، من القوميين العرب الشرفاء كان عمل وزيراً في سوريا ايام الوحدة المصرية السورية. ظلّ متمسكاً بمبادئه حتى آخر لحظة في حياته. كرس حياته من اجل قضية فلسطين. دافع عنها بالكلمة والفعل. لاحقه العدو الاسرائيلي في كل مكان بغية تصفيته جسدياً، وظفوا «الموساد» لانجاز هذه المهمة الرخيصة، في قبرص ترصده «الموساد»، افلح في تفجير سيارة كان يركبها، نجا من الموت بأعجوبة بعد ان بُترت ساقه وفقد معظم سمعه. لكن هاني الهندي –رحمه الله- ظل قابضاً على الجمر، وفياً لقضية آمن بعدالتها.
 
في كتابه «حول الصهيونية واسرائيل» الصادر بطبعته الاولى عن دار الطليعة ببيروت، يحدثنا عن طبيعة الحكم في اسرائيل، ما نوعه وكيف يُصنف سياسياً؟. وفي إجابته يقول: «ليس لاسرائيل دستور مكتوب، وهذا مخالف لأكثرية دول العالم وخاصة تلك التي نشأت حديثاً. إسرائيل دولة برجوازية بحكم طبيعة نظامها الاقتصادي والاجتماعي وعلاقتها العضوية بالدول الامبريالية». المرجع السابق ص 127. 
 
ما معنى هذا؟ معناه انها لا تؤمن بالتقاليد البرلمانية التي تحكمها الدساتير. وأما انها دولة برجوازية ذات علاقة عضوية مع الدول الامبريالية، فمسألة باتت معروفة للجميع. هي كيان غاصب قام على احتلال ارض الآخرين وهم الفلسطينيون. هي «جسر كبير للامبريالية الاوروبية- الامريكية. واقع استعماري وقاعدة للعدوان والتوسع».
 
ينتقد هاني الهندي الطبيعة العدوانية لاسرائيل، بل انه يعتبرها «قاعدة اساسية من قواعد الامبريالية الامريكية المنتشرة في العالم» ص 207.
 
وهي بالنسبة للعرب خطر استعماري استيطاني متوسع.
 
في كتابه يبرز الكاتب بعض الأقوال الوقحة لقادة اسرائيليين عنصريين. هذا دافيد بن غوريون يخاطب الضباط الصهاينة بعد توقيع اتفاقيات الهدنة مع العرب وهزيمة الجيوش العربية قائلاً: «ان ما تحقق لنا هو نصر تاريخي عظيم للشعب اليهودي كله. كان اكبر مما تصورناه وتوقعناه. ولكن اذا كنتم تعتقدون ان هذا النصر قد تحقق لنا بفضل عبقرياتكم وذكائكم فانكم تكونون على خطأ كبير.. اني أُحذركم من مخادعة انفسكم. لقد تم لنا ذلك لأن أعداءنا يعيشون حالة مُزرية من التفسخ والفساد والانحلال» ص 110.
 
وفي عام 1958، واثناء لقاء بن غوريون نفسه مع الرئيس الفرنسي الجنرال ديغول قال له: «اننا نواجه معاً قوة معادية واحدة. انتصارهم علينا في الشرق الاوسط هو انتصارهم عليكم في الجزائر. وهزيمتهم نصر لنا». ص 115.
 
ويسهب هاني الهندي في الكشف عن اهداف اسرائيل التوسعية بدعم من الامبريالية العالمية والصهيونية العالمية. وهنا يورد ما قاله ايغال آلون في مؤتمر الكيبوتز الموحد في نيسان 1968 «إن واجبنا في استيطان اسرائيل الكبرى ليس اقل من استيطان وادي الأردن وبيسان ايام الانتداب. ان من يشك في هذه الحقيقة، يضع علامة استفهام حول العقيدة الصهيونية». المرجع السابق 107.
 
اما الدعم الامبريالي لاسرائيل في سياستها العدوانية فحدث عنه ولا حرج.
 
ففي اليوم التالي بعد حرب 5 حزيران 1967 الخاسرة خرجت صحيفة (وول ستريت جورنال الامريكية) لسان حال الرأسمالية الأمريكية لتكتب على امتداد صفحتها الاولى محددة موقف الولايات المتحدة من العدوان بقولها: «على الحياد الى حدٍّ ما –الولايات المتحدة تعلق اعلان موقفها على امل ان تنتصر اسرائيل وبسرعة –وشنطن تخشى ان تُضطر للتدخل منفردة اذا ما لاح فوز العرب –فيتنام جديدة في الشرق الاوسط». المرجع السابق ص 204.
 
وهذا يعني ان امريكا لو لاحظت ان كفة الميزان سترجح لصالح العرب، ستدخل الحرب لصالح اسرائيل!
 
امريكا لم تكن في يوم من الأيام في صف العدالة، القرارات الدولية المناصرة للحق الفلسطيني استخدمت «الفيتو» ضدها. فعلت ذلك في ظل تخاذل عربي مشين وانقسامات اسقطت من حسابها الحس القومي الواحد!
 
وبعد، يرحل هذا المناضل الصلب قبل ان تكتحل عيناه بتحرير فلسطين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
 
لطالما دعا هذا المناضل الفذّ الى توحيد الصفوف العربية لتقف بصلابة في وجه الامبريالية والصهيونية الداعمة لاسرائيل في معاداتها لحركة التحرر الوطني العربية.
 
تُرى متى تعود اللُّحمة العربية الى التماسك فتسقط مقولة بن غوريون الساخرة من أمة العرب؟
 
متى يعود لقوميتنا العربية حضورها الفاعل على الساحة الدولية؟ متى نَصدُق مع انفسنا ولو مرة واحدة؟
 
هناك مثل عربي قديم ينطبق على حالنا الراهن يقول: «يداك أوْكتا وفوك نفخ». والمقصود ان هواننا الحالي صنعناه بأيدينا.
 
رحم الله هاني الهندي.
 
robroy0232@yahoo.com