Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2017

القيل والقال - محمد الشواهين
 
 
الغد- في مفاهيمنا الشعبية المتوارثة، كانت صفة القيل والقال تُلصق بالنساء أكثر من الرجال. ولا أعلم ما الذي دفع الناس إلى هذا الاعتقاد، علما أننا قد نجد اليوم بعض الرجال منهمكين في ذلك أكثر بكثير من النساء. ومع التقدم التقني في مجال مواقع التواصل الاجتماعي التي يدخلها الشبان من واسع الأبواب، فإن البعض وظفه ليستفيد منه علميا وعمليا. لكن هؤلاء أقل بكثير من الذين اتخذوا من هكذا مواقع مرتعا للثرثرة والفضول، وبث الإشاعات المغرضة، أو التيه في دنيا المجون وتوافه الكلم.
لو أمعنا النظر في هذه الظاهرة الأخيرة، لوجدنا أنها تقود إلى كثير من الإشكالات التي تسبب أذى للشخص وللأسرة التي نشأ فيها أو ينتمي إليها، والأهم من ذلك احتمالية الإساءة للوطن الذي هو فوق كل المصالح والاعتبارات. والإساءة هنا قد تأتي بشكل مباشر أو غير مباشر، بقصد أو من دون قصد، ولا سيما في هذه الظروف الحرجة التي تعيشها المنطقة. فكما يقال، الكلمة مثلها مثل الرصاصة؛ إذا انطلقت لا يمكن ردها، وإن أصابت قتلت أو جرحت، وإن لم تصب تحدث ضجيجا وازعاجا؛ ففي كلتا الحالتين الضرر واقع لا محالة، كبُر أم صغُر. 
والشائعات باتت تنتشر بين كثير من الأوساط الشعبية وحتى المثقفة، كانتشار النار في الهشيم؛ سواء كان مصدرها مواقع التواصل الاجتماعي، التي هي الأخطر والأكثر انتشارا ووصولا إلى الناس من مختلف المستويات، أو من خلال الصالونات والمقاهي، وحتى الجلسات العائلية. والمشكلة هنا تكمن في عدم توخي الحقيقة والدقة. فترك الحبل على الغارب لمن هب ودب أن يقول ما يشاء أو أن يكتب ما يشاء، في بحر هذه الثرثرة المتلاطم، يترك آثارا وتداعيات مسيئة للوطن ولأبناء الوطن، وتساهم في اغتيال الشخصية.
نفهم وندرك أننا جميعا ضد الفساد والفاسدين. لكن ليس معنى هذا أن نكيل التهم جزافا لهذا الشخص أو ذاك، أو لهذه الجهة أو تلك، رسمية أم شعبية. والأجدى بنا أن نترك للدوائر الرسمية والأجهزة المختصة في الحكومة، القيام بواجبها في هذا الخصوص. فإن قصرت في مهامها، فثمة ألف طريقة لمحاسبتها حسب الأصول المرعية. 
نحن الآن في وقت أحوج ما نكون فيه إلى مزيد من رص الصفوف، والالتفاف حول قيادتنا الهاشمية، والوقوف خلف قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، لمواجهة كل التحديات التي تعترضنا؛ اقتصاديا وسياسيا وحتى عسكريا. فوجودنا في وسط محيط يعيش على صفيح ساخن، يحتم علينا التحلي بمزيد من الوعي والإدراك بشأن كل صغيرة وكبيرة لها مساس بالوطن ومقدراته، أو بالنسيج المجتمعي ووحدتنا الوطنية التي هي اللبنة القوية في بناء صرح الوطن وحماية جبهتنا الداخلية من الاختراق، والابتعاد عن جَلد الوطن وجلد الذات، وترك ما لا يعنينا إلى ما يهمنا ويعنينا فقط. 
القيل والقال، وكثرة السؤال، أمور منهي عنها دينا وخُلقا.