Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Nov-2018

أَزمَة «بحر آزوف»المُتدَحرِجة..هل تُفضي إلى حربٍ روسِيَّة أُوكرانِيَّة؟ - محمد خروب

 

الراي - ان تطلُب روسيا عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في بحر آزوف، يعني أن التوتر المُتصاعد الذي أخذ طابع صدام عسكري (وإن محدوداً حتى الآن,تمثل في احتجاز بارِجَتَيْن حربِيتين»صغيرَتين» أُوكرانِيتين وقاطرة للسفن,تقول كييف انه جرى إعطابها) يعني ان موسكو تستشعِر خطورة في الخطوة الأوكرانية الإستفزازية,التي ما كان لها ان تتواصَل على النحو الذي جرت فيه, رغم تحذيرات حرس الحدود الروسي، بدون ضوء أخضر أميركياً,ووعود بالدعم السياسي والدبلوماسي والإعلامي,الذي ستشهده أروِقة المجلس ومداخلات وكلمات المندوبة الأميركية وحلفاء كييف في باريس ولندن.
تبدو موسكو هادِئة ولكن حازِمة في مقارَبة المسألة المُستجِدة,والتي لا تبدو عابرة اوطارئة,بل ثمة  ما سيتبعها وبخاصة في بعد إعلان حال التأهّب لمدة 60يوماً,التي قرّرها مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني,وهو ما رأت فيه روسيا استفزازاً أُوكرانِياً,عبر اختيار كييف وحلفائها في الغرب لـِ»بحر آزوف»حلَبَة لهذا النشاط,لـ»التسَبُّب في فضيحة دولية يُريدانِها,بهدف هَزّ أوكرانيا,عبر إعلان حال التأهُب وحشد المشاعِر المُعادية لروسيا في الغرب وتشديد العقوبات عليها,كذلك لِتوفير أجواء تُسهِّل على الرئيس بوروشينكو خوض حملته الإنتخابية في الربيع المُقبل» كما جاء على لسان نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين,إضافة الى القصف العنيف بالأسلحة الثقيلة الذي بدأته مباشرة القوات الأُوكرانية لأحياء مدينة دونيتسك في منطقة دونباس,حيث جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المُستقِلَّتين من طرَف واحد في شرق أوكرانيا.
في الوقت ذاته الذي تم فيه رشق السفارة الروسية في العاصمة الاوكرانية بقنابل دخانية,من قِبل أشخاص اظاهروا أمامها على خلفيةأحداث مضيق كيرتش,الذ ي يربط بين البَحرَيْن.. الأسود وآزوف. حيث الأخير هو ما قصدَت السفن الأوكرانية العسكرية الوصولإليه,بعد إنطلاقها من مياء اوديسا على البحر الأسود.
 الخلاف الروسي الأوكراني المتفاقِم منذ آذار 2014 بعد عودة شبه جزيرة القرم إلى روسيا,إثر استفتاء شعبي حاز على أكثر من 97 %من أبناء القِرم.وجدت وتجد الولايات المتحدة فيه ومِن خلاله,فرصة لمواصلة نهجها في محاصرة روسيا واستنزافِها,وبخاصة في ظل محاولات واشنطن التي لا تتوقف لضم أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي وإشراكها في مناوراته العسكرية,وتدريب وتزويد قواتها المسلحة بمزيد من الأسلحة الفتّاكة والمعدات الهجومية,التي ترى فيها موسكو تشجيعا للتيّار المعادي لروسيا داخل اوكرانيا,والذي لا يتورّع عن إعلان عِدائه لها واعتبارها العدو الأول لبلاده،ناهيك عن نجاح الدوائر الإستخبارِية والكنَسِية الأميركية في فصل الكنيسة الارثوذكسية الأوكرانية عن الكنيسة الروسية,عبر استصدار «قرار»من كنيسة القسطنطينية الارثوذكسية(بما هي مرجعية الكنائس الارثوذكسية)يمنح الأخيرة صك «استقلال»عن كنيسة روسيا,ما ادى الى اعلان الأخيرة قطع علاقاتها الكنسية بكنيسة القسطنيطنية,بعد فشل كل محاولاتها ثني»القسطنطينية»عن اتّخاذ قرار تراه»غير قانوني».
وإذا ما أخذنا في الاعتبار عمليات العسكرة والتجييش وبرنامج التسليح المُكثف الذي تقوم به حكومة الرئيس الأوكراني بوروشينكو,والقرارات التي تتخذها ضد منطقة وأهالي دونباس على اكثر من صعيد سياسي واقتصادي ومعيشي,والمحاولات التي لا تنتهي لقطع أي صلة بين مواطني دونباس وباقي مناطق اوكرانيا مع روسيا,فضلاً عن المحاولات التي تكشفها سلطات الأمن الروسية في منطقة القِرم,والتي تقوم بها تنظيمات أوكرانية ذات طابع عسكري,بوضع متفجرات ونقل أسلحة وشبكات تجسس,وإعلان كييف مؤخراً عزمها تقديم مشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة (وليس مجلس الأمن,حيث لا يُمكنها تمرير أي قرار دون موافقة موسكو)يَتَّهم روسيا بـ»عسكرة» البحرين الأسود وآزوف,وانتهاج سياسة صارمة لوقف وتفتيش السفن(رغم اقرارها بأن حرس الحدود الروسي لم ينتهك البروتوكولات الدولية أثناء تفتيشه هذه السفن),فإننا نكون بالفعل أمام ما يمكن وصفه بخطة مُعدّة مُسبقاً,وسيناريو يجري تنفيذه وفق أجندة زمنية لا شيء عفوياً فيها.
«مواجَهة» يوم أول من أمس, لم تكن الأُولى في مسلسل التوتّر المتصاعد بين موسكو وكييف,فقد سبقها قبل أشهر معدودات قيام حرس الحدود الأوكراني باحتجاز سفينة «تجارية» تحمل العلم الروسي اسمها «نورد»,لم يتمكّن طاقمها من العودة إلاّ بعد ستة اشهر,فيما لا يزال قبطانها موقوفاً حتى الآن.كما تم احتجاز ناقلة روسية في آب الماضي في ميناء أوكراني فشلت كل محاولات الإفراج عنها حتى الآن.
هي إذاً عمليات ضرب تحت الحزام, تستهدف استدراج «رد فِعل انفعالي»روسِيّ او خروج مُنفلِت عن السيطرة,والإنزلاق الى مواجهة عسكرية محدودة,قد تتطوّر الى حرب تجد فيها القوى المعادِية لروسيا (وهي كثيرة في أوروبا وبخاصة بريطانيا التي ترى فيها روسيا عدواً أكثر خطورة من داعش والقاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى)فرصة لفرض موازين قوى جديدة,فضلاً عن كارِهي روسيا في الحِزبَين الجمهوري وخصوصاً الديمقراطي الأميركي،عندها يمكن لهؤلاء ان يستعيدوا زمام المبادرة ويلجأوا الى شن هجوم مضاد سياسي ودبلوماسي,ليس بالضرورة أن يكون في البداية على شكل حرب»أوروبية» ضروس,لكنه في الوقت ذاته يمنح «حزب الحرب» الأوروبي ـــ الأميركي,فرصة ثمينة لإعادة رسم التحالفات وإحباط فكرة إنشاء جيش أوروبي مُستقِّل عن حلف شمال الأطلسي,ودائماً في ضَم ما تبقّى من دول أوروبا الشرقية وتلك السوفياتية السابقة الى حلف شمال الأطلسي,وبخاصة بعد إعلان واشنطن نِيّتها الانسحاب من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى,وحيث هدّدت موسكو باتّخاذ إجراءات عملية وسريعة,إذا ما مَضَت إدارة ترمب قُدُماً في ترجمَة انسحابها من هذه المعاهدة.دون إهمال تداعيات وعمق الخلاف الروسي ــ الأوكراني الطويل والمرير,حول أنابيب الغاز الروسي المارة بالأرضي الأوكرانية, وكيفية احتساب سعر بيعه لكييف,وعمولة الأخيرة وجدولة ديونها...المُتأخرَة.
kharroub@jpf.com.jo