Tuesday 19th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2017

ستون دقيقة حوار مع السفير بوريس بولوتين - د. حسام العتوم
 
الراي - خطر ببالي وأنا المتخصص ومع الحرص على الموضوعية والإنصاف في الشأن الروسي السياسي أن أبتعد قليلاً عن وسائل الاعلام والاتصال الدولية وأخبارها وتحليلاتها وأن أقترب من المصدر الأول لربط سياسة الكرملين – أي (القصر الرئاسي) في (موسكو) العاصمة بشرقنا العربي والأوسطي وتحديداً مع بلدنا الاردن، فجاء لقائي مع سفير الفدرالية الروسية بعمان السيد بوريس بولوتين بتاريخ 15/شباط الجاري 2017 في مبنى السفارة وفي تمام الساعة الواحدة ظهراً ولمدة ستين دقيقة متواصلة من الحوار بعد طرح حزمة من الاسئلة المتنوعة والمعاصرة والاستكشافية، فكان الحديث التالي من طرفه:
 
«كانت زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني الاخيرة لموسكو بتاريخ 25/ كانون الثاني/2017 مهمة جداً وعكست العلاقات القوية على مستوى قيادة البلدين، والعلاقة الشخصية الخاصة بينهما، وحوار وتواصل مستمر بين الرئيس بوتين وجلالة الملك، وعلاقات متينة تتميز بالاحترام والثقة المتبادلة».
 
وقول السيد بولوتين بأن جلالة الملك يتمتع في روسيا وعلى الصعيد الدولي باحترام وسمعة واسعة، وبأن بلاده روسيا تقدر عالياً مساهمات جلالته في بحث حلول أهم قضايا المنطقة، ويسعدنا السمعة الكبيرة لجلالته كقائد متميز في بلاده، وما لا شك فيه فإن المحادثات الجديدة الاخيرة في موسكو بين الرئيس (بوتين) وصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني عززت علاقة الصداقة والشراكة بين بلدينا.
 
وواصل السيد بولوتين قوله بأن محادثات اللقاء الرئاسي الجديد بين (بوتين) وجلالة الملك ركزت على مناقشة المسائل المتعلقة بمحاربة الارهاب، ومشاكل المنطقة، وقبل كل شيء تلك المتعلقة بالأزمة السورية، ومواقف البلدين بهذا الصدد كانت قريبة جداً ومتطابقة، وفي ايلول/ 2015، وفي كلمة امام الجمعية العامة للأمم المتحدة قدم الرئيس (بوتين) مبادرة لتوحيد جهود المجتمع الدولي، وتكوين جبهة موحدة لمحاربة الارهاب الدولي انطلاقاً من تمثيله لأكبر تحد امام العالم. وأيضاً فأن جلالة الملك يدعو دائماً لتوحيد جهود المجتمع الدولي للتصدي لهذا الخطر، ويشيد بدور روسيا بهذا المجال.
 
واسترسل السيد بولوتين قائلاً: إن تفاهماً يحصل بين قيادات بلدينا في الموضوع السوري برمته، وبأن ما يسمى بالحل العسكري اصبح مستحيلاً، ولا بديل عن الحل السياسي، وعلى اساس قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف.
 
وفي الآونة الأخيرة ظهر شيء جديد حول سوريا والذي هو لقاء (الاستانا) المستمر، وأثناء المحادثات الرئاسية الروسية الاردنية سابقة الذكر اطلع جلالة الملك على مجريات الاجتماع الاول وحول الاهداف المرجوة، ومن المهم قوله هنا أيضاً هو ان (الاستانا) نجحت في الجمع بين الحكومة السورية وبين والمعارضة المسلحة المعتدلة، وهدفت لتثبيت اتفاق حول وقف اطلاق النار تحت اشراف كل من روسيا، وتركيا، وإيران.
 
ولا ننسى هنا أهمية انضمام فصائل المعارضة المسلحة المعتدلة ذاتها إلى (جنيف) تحت إشراف الامم المتحدة، ومعرفة بأن عملية (الاستانا) ليست بديلاً لجهود الامم المتحدة بطبيعة الحال، وكيف أن دي ميسيورا مبعوث الامم المتحدة دعا وعمل من اجل استئناف مفاوضات شاملة بين الحكومة السورية والمعارضة والمؤثرة على الارض.
 
وواصل السيد بولوتين قوله بأن اتفاقا جرى اثناء المحادثات الاخيرة بين الرئيس (بوتين) وجلالة الملك لتعزيز تنسيق الجهود في مجال مكافحة الأرهاب، وتحديداً (داعش)، و(النصرة)، وغيرهما من الفصائل المتشابهة، الاشارة إلى آلية تنسيق موجودة في عَمان بين العسكريين في البلدين، وضرورة تنشيط أعمالها. وتقدير عالي الشأن من قبل الجانب الروسي للتأييد والإسناد التام الذي أعلنه جلالة الملك لمؤتمر (الاستانا) في كازاخستان.
 
ومن المهم قوله هنا أيضاً هو ان زملاء لنا اردنيين ساهموا في انضمام عدد من الفصائل المعارضة المعتدلة المسلحة العاملة في جنوب سوريا لعملية وقف اطلاق النار. وفي مشاركتهم في اجتماع (الاستانا) الاول الذي انعقد في 23- 24/ يناير- كانون الاول الماضي 2016. وبمبادرة من روسيا شارك الأردن عبر مندوبين في لقاء الخبراء في (الاستانا) بتاريخ 6/ شباط الجاري. 2017 بصفة مراقبين. ومن جديد انضم الاردنيون بتاريخ 15/ شباط أيضاً إلى مؤتمر (الاستانا-2)، إلى جانب الولايات المتحدة الامريكية بصفة مراقب أيضاً، وبحضور روسيا وتريكا، وإيران لضمان وقف أطلاق النار، وبهدف تعزيز آلية مراقبة خروقات وقف أطلاق النار، والاستعداد لمفاوضات جنيف المقبلة بين الاطراف السورية تحت اشراف الامم المتحدة.
 
ورداً على سؤال لي عن العلاقات الثنائية بين روسيا والأردن وتطوراتها اجاب السيد بولوتين بوجود تطور سريع وإيجابي بين بلدينا، وحوار سياسي متواصل على مستوى القمة، وعلى مستوى وزيري الخارجية سيرجي لافروف، والسيد ناصر جودة سابقاً، والسيد ايمن الصفدي حالياً، وهو الذي جرى على هامش زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني، وتركيز في الاتصالات حول الوضع في سوريا ومؤتمر (الاستانا) ونتائجه، وأعرب السفير بولوتين عن ارتياحه التام للتطور الجاري في مجال التعليم العالي، حيث اصبحت روسيا تقدم 120 منحة دراسية في الجامعات الروسية، واستعداد روسي لزيادة عدد هذه المنح في حالة رغب الجانب الاردني بذلك. وأشار إلى تحقق نسبة جيدة في عدد السياح الروس في المقابل تجاه الاردن، وسياحة دينية متطورة بشكل ملاحظ، وسياحة اردنية ملاحظة لأهم المدن الروسية مثل (موسكو، وسانت بيتر بورغ، وسوتشي، وغيرها)، ومن جانب اخر افصح السيد بولوتين عن عدم رضاه عن تطور العلاقات الاقتصادية بين بلدينا روسيا والأردن في ظل وجود امكانات ومخزونات غير مستغلة، ومنها صادرات الخضار للسوق الروسي، وانخفاض مستوى استيراد الاردن للقمح من روسيا وبشكل كبير العام المنصرم. وحول انطباعه عن الاعلام الاردني في اعقاب التدخل والدور الروسي في سورية قال السيد بولوتين بأنه غير مرتاح لبعض الاقلام الصحفية الاردنية المحللة للحدث الروسي في سورية. والتي تقصد عدم الانصاف، وتناول القضايا من طرف واحد، ومن دون الاستناد للحقائق، وتبتعد عن عكس الواقع بشكل ملاحظ وتزوّر، ويتجاهلون في المقابل جهود روسيا المكثفة الأخيرة الرامية إلى تثبيت وقف اطلاق النار وإعادة المفاوضات الشاملة بين الحكومة السورية والمعارضة وضرب مثلاً عن توقف قصف الطيران الروسي في حلب بتاريخ 8/ 10/ 2016 ومواصلة تسليط الضوء الصحفي والإعلامي الاردني على استمرار القصف. واختتم السيد بولوتين حديثة قائلاً بعد رده على سؤالي حول المناطق الامنة المقترحة امريكياً وحديثاً في سورية بأن هذه الفكرة برمتها هي للرئيس الامريكي (ترامب)، ولا تفاصيل لديه حولها، واما إذا كان الهدف حسب قول ترامب انساني، ولإيواء المهاجرين، ومنهم (الرحّل) داخل المدن والقرى السورية وبينها فهو امر يمكن التفكير به ودراسته. ومن الضروري موافقة الحكومة السورية أولاً والتنسيق معها ومع الوكالات الانسانية في الامم المتحدة. ومازالت روسيا تنتظر التشكيلة النهائية للفريق الرئاسي للسياسة الخارجية الامريكية، ولا تصور لديها حول مستجدات القضية الفلسطينية، ومازال البحث جارياً في موضوع اغتيال السفير الروسي في انقره اندريه كارلوف، واعتقد بوجود علاقة للإرهاب بموضوع الاغتيال كما تتناقل بعض وسائل الاعلام ذلك.
 
والآن (والكلام لي هنا) ستبقى روسيا تراقب الحراك الامريكي السياسي الجديد في عهد الرئيس (دونالد ترامب) عن قرب، ومثلي هنا اللقاء الاول الذي انعقد في (بون) في المانيا بتاريخ 16/ شباط/ 2017 (الخميس) بين (سيرجي لافروف) وزير خارجيتها وبين (ريكس تيلرسون) وزير خارجية امريكا على هامش قمة العشرين. وأمل روسي لعودة علاقات مع امريكا التي دمرتها إدارة اوباما إلى مجراها الطبيعي وعلى قاعدة الاحترام المتبادل والند بالند، وروسيا مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات المصالح المشتركة، وجاهزية روسية للتقارب المتبادل، ومع العلم مسبقاً بوجود محطات قد يختلف عليها.
 
وترقب لقاء رئاسي بين (بوتين) و(ترامب)، وإلى زيارات متبادلة دافئة ومثلها دبلوماسية، والتشاور حول القضية الفلسطينية وضرورة إيجاد حل عادل لها، والتنسيق حول مشروع المناطق الآمنة في سورية المقترح امريكياً بهدف معالجة مسألة اللاجئين السوريين وليس ابعد من ذلك، وتبادل الاراء حول اوكرانيا من دون استفزاز الروس في موضوع (القرم) غير قابل للحوار، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني (5+1)، وكافة قضايا العالم الاخرى، والعمل من أجل انهاء الحرب الباردة وسباق التسلح، والذهاب لتقاسم المصالح العالمية ومن دون صراع وفق نظام لعالم متعدد الاقطاب ومتوازن.
 
ولا شيء يمنع من وجهة نظري من أن تتغير بوصلة امريكا إلى الاتجاه الاصح، والاقتراب من روسيا تحديداً ومن دول مجلس الأمن والتشاور معهم أمر غاية في الأهمية لأدامة الأمن والأمان على خارطة العالم خدمة للبشرية جمعاء، ودائماً اقول بأن أمن العالم هدف لا يقبل القسمة على اثنين، وبأن التنمية الشاملة المستدامة ستبقى عنواناً معاصراً وللمستقبل و(العالم أولاً) شعاراً للعصر وليس غيره بكل تأكيد. وشكراً هنا من جديد للسيد (بوريس بولوتين) على اضاءته السياسية الهامة هنا وتخصيص جزء من وقته للرأي العام.