Tuesday 19th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Nov-2017

في الأجندة العربية الجديدة ما هو اسوأ! - محمد كعوش

 الراي - المنطقة تستعد لمشهد سريالي آخر لا ينتج سوى الموت، لأن المسرح السياسي العربي ينهار تحت وطأة اغتيال الثوابت السياسية والفكرية والثقافية، وحتى الهوية العربية، من أجل ان يتقدم المشروع الأسرائيلي الذي اعادت واشنطن انتاجه بصيغة جديدة مضللة وضاغطة ، هي الأسوأ.

الحقيقة أن «الربيع العربي الأسود» لم يتوقف بعد، فرياحة دواره تحمل التسمم الروحي الى مناطق عربية اخرى لأرتكاب المزيد من المجازر والتدمير والخراب ، ضمن معادلات جديدة قائمة على « الوهم الخلاق « في ظل تحالفات هشة متغيرة موسومة بميوعة اللحظة التاريخية التي ليس فيها ما يستحق المديح. في هذا المشهد الذي نحب أن نصفه بالغموض ، أرى أن الغموض فيه هو الأكثر وضوحا ، وهو ما يجبرنا على الوقوف في منتصف الطريق ، لا نتقدم ولا نتاخر بانتظار التطورات السريعة المتغيرة ، في زمن يفرض على الجميع التفكير بفك الأرتباط مع الثابت من العلاقات غير المجدية ، بشكل ينسجم مع المستجدات ضمن اعتباراتنا وحساباتنا ومصالحنا. نعم ، المنطقة تستعد لخطوات ومبادرات وخطط هدفها اعادة تشكيل واقعها ، بدأت باظهار نوايا غير مطمئنة لا في سوريا ولا في فلسطين ، وقد يكون لبنان أحد المشاهد الجديدة – القديمة في صورة الحاضر الأقليمي المضطرب ، فهناك من يسعى الى اعادة انتاج الأزمة اللبنانية ، كعامل مساعد يغطي جانبا من التحول الأكبر في مسار القضية الفلسطينية. وما يحاك للبنان ، في حال حدوثه ، لا سمح االله ، سيؤثر على مستقبل العديد من الدول ، كما مصير قضايا عربية كبرى تتعلق بمصير الأمة.
 
ونحن في الأردن ، من الواجب أن لا نعيش حالة من النكران ، لأن هذه التطورات ستلقي بظلالها على المنطقة كلها دون استثناء ، من خلال القوى الأقليمية والدولية المتورطة في الصراع القائم من أجل مصالحها ، ومنها الدول العربية والغربية التي كانت معنية بتقديم المساعدات للاردن ، وهذا يجعل واقعنا الأقتصادي والأجتماعي أكثر صعوبة.
 
لذلك اعيد التذكير بالتصريحات المهمة التي كررها الملك عبد االله في أكثر من مناسبة ، والتي قال فيها بصراحة أن المرحلة صعبة والجميع شركاء بتحمل المسؤولية ، كما على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولياته تجاه تدفق اللآجئين الهاربين من جحيم الحروب الأهلية.
 
من هنا يجب أن نبدأ وننطلق في اعادة بناء الذات على قاعدة الواقع الجديد ، وحسب امكانياتنا وقدراتنا ،كي لا نبقى في منتصف الطريق غير قادرين على التراجع أو التقدم ، وارى أنه من الضروري أن نعتمد سياسة التقشف وشد الحزام ، ومن الضروري أن نعيد دراسة مبادرة المرحوم عبد الحميد شرف التي طرحها قبل اربعين عاما حول ترشيد الأستهلاك واعتمادها في القطاعين العام والخاص.
 
صحيح أن لدينا تطلعات مستقبلية طموحة ، وان الأردن اجتاز مراحل صعبة موجعة سابقة ، ولكن هذه المرحلة مختلفة تتصارع فيها مصالح دول اقليمية ودولية كثيرة ، ونتائج هذا الصراع كارثية على الأمة العربية على كافة الصعد السياسية والعسكرية والأقتصادية والأجتماعية ، وعلينا ان نعتمد على انفسنا ، والتخلي عن كثير من الأمتيازات ، واعادة النظر بالنمط الأستهلاكي الدخيل الذي اصبنا به نتيجة العدوى التي وصلتنا من مجتمعات الدول النفطية.
 
أقول ذلك لأن الواقع العربي مقلق ، وما زال في الأجندة العربية ما هو اسوأ ، والذي ينظر من نافذة الحاضر لا يرى سوى صحراء معتمة تحمل الكثير من الأحتمالات المجهولة والهمس المثير للشكوك ، هو الواقع الذي يجبرنا على التخلي عن الفردية المتوحشة واستنفار المشترك فينا لمواجهة تحديات مرحلة الأصعب بحكمة وعقلانية مع تقديم المصالح العليا على كل الأعتبارات.