Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2020

صفقة القرن.. صناعة لسلام ولد ميتًا..*نيفين عبدالهادي

 الدستور

لصناعة السلام، وإدارة ملفه بشكل عملي يؤتي نتائج ملموسة على أرض الواقع، فإن الأمر يتطلب أن يدار الأمر من خلال كافة الأشخاص المعنيين بتحقيقه، لكن ما حدث مؤخرا في البيت الأبيض وأعلن عنه أنه خطة للسلام كان بحضور طرف واحد من هرم السلام، فالأشخاص الوحيدين الذين كانوا موجودين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، ومن يمثلوهما، فيما لم يكن هناك أي ممثل للجانب الفلسطيني، وغيره من أطراف السلام وفي مقدمتهم الأردن بطبيعة الحال.
ومن الواضح حتى لحظات إماطة اللثام عن هذه الخطة التي بقيت طيّ الكتمان لمدة يقارب العامين، أنه لم يستشر أحد من الفلسطينيين أو الأردنيين أو أي دولة، بها، وكأن الأمر خاص فقط بأميركا وإسرائيل، بعيدا عن أطراف أخرى، لا يمثّلون فقط جزءا هاما من معادلة السلام، إنما هم أصحاب حق في سلام في أرض وضعت لها خريطة جغرافية جديدة وتقسيمات مرفوضة جملة وتفصيلا، ومسؤوليات نزعت دون أي سند قانوني أو شرعي، ليبدو الأمر أنه مجرد خطة أو شعارات انتخابية تخدم من أطلقها، فهي في صناعة السلام لا تشكّل سوى صفعة سلام لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بما حملته من اسم، فهي تصنع سلاما ولد ميّتا!!.
يبدو واضحا أن «خطة السلام» الإسرائيلية الأميركية تتجه بشكل جليّ لصالح إسرائيل والولايات المتحدة، ليس هذا فحسب إنما تشكّل رافعة انتخابية قويّة لكل من نتنياهو وترامب بين ناخبيهم في معركتهما الانتخابية القادمة، فهذا هو جوهرها وفلسفة اطلاقها بهذه الفترة الزمنية تحديدا، حتى ولو كان كلا عرّابي «السلام الجديد» يتقاسمان ويعدّان سلاما دون شراكة عملية مع أصحابه في المنطقة.
ولم يبتعد وصف ترامب للصفقة بأنها «مكسب للجميع»، عن حقيقة أن الصفقة مكسب له ولنتيناهو ولليمين المتشدد، كونها خطة فصّلت بشكل دقيق لتكون كما الجرّافة التي تمهد طريقا عبثية دربهما الانتخابي، وصولا لفوز مؤكّد، والحصول على تأييد من ناخبيهما عند إعادة انتخابهما، وكأن السلام مرهون فقط بهذا الجانب واستثناء أي ضرورة غير فوزهما في الانتخابات، حتى ولو كانت فلسطين التي تعدّ الجانب الركيزة الأساسية لتحقيق السلام، وقضية المنطقة المركزية وفق الثوابت الأردنية الدائمة.
من الصعب محاورة واقناع من يغلق أذنيه لآرائك، وحقوقك، الأمر الذي يجعل من مهمة التصدي لخطة «ترامب- نيتناهو» أمرا ليس سهلا، ومهمّة تتطلب كما أكد الأردن أمس على لسان وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي خلال الإجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية تكريس كل الامكانيات من أجل الحفاظ على القدس في مهمّة يصرّ عليها الأردن دوما، اضافة لحلّ عادل للقضية الفلسطينية ضمن ذات الثوابت الأردنية على أساس حل الدولتين ينهي الاحتلال الذي بدأ في العام 1967 ويحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ويضمن أمن جميع الأطراف، ويحمي مصالح الأردن، بما فيها تلك المرتبطة بقضايا الوضع النهائي.
هي صفقة، يطلقها رجل أعمال لم يعرف بحياته سوى الصفقات والأموال التي من شأنها تحقيق كل الأحلام، لكنه لم يدرك للحظة أن الوطن لا يباع، والتاريخ والهوية لا يساوم عليها، وإدارة الظهر لهذه الحقوق، لن يقود بالمطلق لأي سلام، إنما سيزيد من طين الحروب بلّة، ويزيد من اضطرابات المنطقة ويجعلها أكثر توترا.
صناعة السلام تحتاج مفاوضات، وحماية حقوق، وتحقيق العدالة وصياغة خططه بشراكة ما بين المعنيين به كافة، وأي تغيير لهذه المنهجية، نحن عندها نتحدث عن أزمة جديدة تجرّ لها المنطقة والعالم بأسره.