معاريف
الغد- في نهاية الاسبوع قتل في قرية جلجولية احمد سلامة بدوي. عدة صليات من سلاح اوتوماتيكي اطلقت على سيارته، قرب بيته. نقل إلى مستشفى مئير في كفار سابا، ولكن تقررت وفاته وهو في الطريق. وكتب أحد مواقع الاخبار انه ابن 58 عاما، فيما قال موقع آخر انه ابن 51 عاما. لقد كان تاجر اراضي وكان “معروفا للشرطة”. في 2014 حكم بالسجن لتسعة اشهر على التآمر لارتكاب جريمة قتل. وكانت الشرطة تقتحم بيته بين الحين والاخر بحثا عن السلاح.
كم منا توقف عند الخبر؟ عربي قتل. مرة اخرى بالتأكيد “تصفية حسابات” او “حرب عصابات” في العالم السفلي. منذ بداية السنة قتل اكثر من 60 عربيا إسرائيليا، وبالتالي يبدو ان هذا واحد آخر. لم يجعلوا قصة من الامر.
اهتمام ما بدأ يظهر فقط حين تبين بان أباه، رشاد، كان تاجر اراضي، وهو الاخر قتل. كلاهما لم يكونا مجرد تاجري اراضي، بل اختصا في شراء الاراضي من العرب وبيعها لليهود. الاب قتل بعد أن باع لليهود اراض في منطقة برقان. احمد سلامة من سكان بديا، في نطاق السلطة الفلسطينية، ولكنه هرب من هناك وحصل على الجنسية الإسرائيلية في ظروف وصفها احد المواقع الاخبارية “بالعريبة”. ظاهرا بفضل الزواج من مواطنة إسرائيلية، ولكن ربما لان السلطة الفلسطينية اعتبرته “مطلوبا” وكانت حياته في خطر.
كما هو معروف، منذ 2010 حكمت المحكمة الفلسطينية بان من يبيع ارضا لليهود عقوبته الموت. ومع ان ابو مازن امتنع عن اقرار احكام اعدام كهذه واستبدلها بالسجن مع الاشغال الشاقة، فإن معظم من سقطوا في ايدي اجهزة الامن في السلطة ماتوا في التعذيب، تم سجنهم مع قتلة وجثثهم اخرجت في الغداة من الزنزانة، او القي بهم إلى الارض من طابق عال، واعتبر موتهم انتحارا. أو اطلقت النار عليهم من وكلاء السلطة. واقتبس موقع الاخبار الكويتي “السياسة” عن مصدر امني فلسطيني كبير قوله “هذه ضربة قاسية وصفعة لكل من يبيع الاراضي للمستوطنين. هذا احد تجار الاراضي الكبار الذي هرب من محاكمة السلطة، وهو يحمل هوية إسرائيلية”. ونشرت فتح بعد القتل صورة لأحمد سلامة بدوي محوط بدائرة والهشتاغ “عمل فتح”. أي ان هذه عملية ارهابية اجرامية، نفذها مبعوثو السلطة الفلسطينية الذين قتلوا مواطنا إسرائيليا في نطاق دولة إسرائيل. ولكنه كان عربيا تاجر اراضي، وبالتالي مررنا على العملية مرور الكرام. في قريته بديا احتفلوا بتصفيته.
ان الفصل الاول في مسلسل “العملاء” الذي بثته القناة “كان 11” عُني بباعة الاراضي. احمد سلامة بدوي كان يمكنه ان يكون احد ابطال هذا الفصل. شخص ينبذه ابناء شعبه كخائن، عميل للعدو الإسرائيلي، ميت- حي. كل ابناء عائلته ملاحقون ومنبوذون. فقد لفظهم المجتمع الفلسطيني ويسعى إلى قتلهم. المجتمع الإسرائيلي لم يستوعبهم، وقلة فقط انخرطوا في بلدات يهودية.
اولئك الذين يسكنون في بلدات عربية او في احياء عربية يتمترسون في بيوتهم، يحيطون انفسهم بكاميرات الحراسة واذا نالت ايديهم – فبالحراس المسلحين أيضا. حياتهم معلقة، ومن يؤلمهم أكثر من أي شيء هو خيانة إسرائيل لهم. تماما مثل كثيرين من اولئك الذين كانوا مخبرين لدى اجهزة الامن، فهم لا ينالون الحماية او اعادة التأهيل. بعض من اولئك الذين امسك بهم جهاز الامن الوقائي في السلطة الفلسطينية وخرجوا احياء بعد سنوات من السجن والتعذيب أصبحوا ظلال بشر. لا احياء ولا أموات. يكافحون في سبيل الاعتراف، العمل، المكانة القانونية، الاقامة، المواطنة الإسرائيلية، قلة منهم ينالون مبتغاهم.
مؤخرا فقط كتبت هنا عن عربي مقدسي، ذي مكانة مقيم دائم وجنسية أميركية، هو عصام عقل، الذي اختطفه وكلاء السلطة ومحتجز في السجن في رام الله ومتهم ببيع بيت في القدس لليهود. سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان توجه بطلب للافراج عنه، كما كانت محاولات ضغط معينة من إسرائيل على ممثلي السلطة في القدس: عدنان غيث، الذي يعتبرونه “محافظ القدس” من السلطة الفلسطينية اعتقل لعدة ساعات، ونحو 30 عربيا من سكان القدس، من اصحاب الهويات الزرقاء، ممن يعملون كأفراد الشرطة في السلطة الفلسطينية اعتقلوا هم أيضا. ووزير الامن الداخلي جلعاد اردان اعلن أن السلطة ستدفع ثمنا باهظا اذا لم تسلم عقل ليعود إلى نطاق الدولة. ولكن عقل لا يزال في السجن في رام الله، والناطق بلسان السلطة اعلن بان ابو مازن لا يعتزم الاستسلام. اما منظمات اليسار المزدوجة الاخلاق لدينا، والتي تسمى “منظمات حقوق الانسان” ومعارضي التعذيب فلا تطلق أي تغريدة. صحف اليسار لم تسمع ولم ترى ولم تكتب كلمة. لا عن الاختطاف، لا عن التعذيب ولا عن اعمال القتل. فهم لا يريدون ان يشتري اليهود اراض في بلاد إسرائيل. وضميرهم مرن جدا.
تعرف إسرائيل جيدا من يقف خلف اعمال القتل ومن أمر بتنفيذ الاختطاف. اذا كان احدهم أو بعضهم يلحقون بآبائهم كنتيجة لنار دقيقة (بقصد اغتيال فلسطينيين- تحرير الترجمة)، فسيفهمون في السلطة الفلسطينية أيضا بان في إسرائيل يتعاطون بجدية مع مفهوم “السيادة”.