Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-May-2020

الأوبئة في التاريخ*د.جورج طريف

 الراي

مع استمرار انتشار جائحة كورونا التي ضربت مختلف أصقاع الأرض قبل أشهر قليلة، ومع كل ما يشهده العالم الآن من ذعر قد نظنه غير مسبوق..، لكننا إن تصفحنا المصادر التاريخية على مر العصور نجد الكثير من الكوارث وخصوصا الأوبئة التي حصدت أرواح مئات الالاف وربما الملايين في دول العالم المختلفة ،وضمت هذه المصادر مئات وربما ألوف الروايات التي تتحدث عن الأوبئة والتي كانت تطلق عليها في غالب الأحيان الطاعون كونه كان يقتل الالاف في كل مرة، وفيما بعد اخذنا نسمع أمراضا كالهواء الأصفر والحمى الصفراء أو ما أصبح يطلق عليه الكوليرا، ولم تكتف تلك المصادر بذكر الأمراض والأوبئة بل كانت تذكر تداعيات هذه الأمراض والأوبئة على المجتمع وعلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية كالهجرات وانتشارالمجاعات حتى أن الناس كانوا يأكلون لحوم الميتة من البشروالحيوانات بمختلف أنواعها لا بل أن الأمور كانت تصل إلى حد أكل الأحياء، وكانت تشير أيضا إلى موت الالاف والملايين من البشر من خلال استخدام عبارة ومات في الطاعون ألف ألف شخص أي مليون أو ألف ألف ألف شخص أو مات في ذلك الوباء نصف أهل البلدة أو الدولة. ومع الأخذ بعين الاعنيار ما في تلك الأرقام من مبالغة وسوء تقدير إلا أنها تعبر عن ضخامة تلك الأعداد.
 
وتوجد أمثلة كثيرة على هذه الأوبئة التي تفشت في العالم عبر التاريخ من أبرزها طاعون الأباطرة الأنطونيين الذي استمر خمسة عشر عاما 165-180ميلادية وانتشر في الامبراطورية الرومانية في تلك الفترة بسبب مرض الجدري الذي انتقل عبر رعاة في المانيا، ثم نقلها الألمان إلى الرومان ما أدى إلى تدمير الجيش الروماني وقدرت الوفيات بخمسة ملايين، وهناك طاعون الأمبراطور الروماني الشرقي (البيزنطي) جستنيان الذي انتشر في أسيا وأفريقيا واوروبا سنة 541م واستمر عامين وادى إلى سقوط مئات الالاف من الضحايا، وهناك أيضا طاعون عمواس في أوائل العصر الاسلامي وكذلك الطاعون الأسود سنة 1346واستمر سبع سنوات والذي انتشر عن طريق البراغيث التي كانت في الفئران التي تعيش على متن السفن التجارية وأدى كما تقول الروايات إلى وفاة الملايين ولم يكتف الطاعون من العالم فقد استمر طاعون لندن العظيم بواقع أربعين مرّة خلال ثلاثة قرون امتدت من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر الميلادي وقتل 20%؜ من سكان لندن والملايين من العالم وأطلق عليه الموت الأسود ووهناك طاعون مرسيليا سنة 1720 وأدى إلى وفاة مئة ألف شخص والحمى الصفراء سنة 1793 والكوليرا سنة 1820 والانفلونزا الاسبانية التي اجتاحت العالم عام 1918 وحصدت أرواح مابين 40إلى 50 مليون شخص وتبع ذلك أمرا ض حديثة كالايدز وانفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير وجنون البقر وأخيرا كورونا.
 
المقصود من هذه المقالة فقط التعريف بتاريخ الأوبئة الكبرى في العالم والمقارنة بين ما نحن به من معاناة بسبب انتشار فيروس كورونا التي لانعرف حتى الآن متى سينتهي على الرغم من التطور الصحي والتكنولوجي الكبير مقارنة مع الماضي فالبشرية كما نرى على موعد مع حروب قد لا تتوقف مع الكائنات الدقيقة المسببة للأوبئة التي لا تميز بين الأديان والأجناس والأعراق ولا بين حاكم ومحكوم ولا بين غني وفقير... لعل في ذلك عبرة وأمل.