Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2014

من هو السياسي ؟*رومان حداد

الراي-فارق مهم بين الهواية والاحتراف هو الذي أحدث التطورات المميزة في مجالات متعددة، هذا الفارق هو أن من يمارس هواية ما فإنه يمارسها إلى جانب عمله الأصلي، وبأوقات فراغه بصورة غير مستمرة، في حين أن الاحتراف يعني تحول موضوع العمل إلى حرفة، وهو ما يتطلب تمتع أفراد المهنة بالمعارف والمهارات الخاصة اللازمة لأداء دور تلك المهنة، بالإضافة وجود قواعد صارمة للسلوك تكرس التزامات أخلاقية ومعنوية واضحة.
والاحترافية كما تعرفها عدة معاجم معاصرة هي فن الحفاظ على المظهر والسلوك والموقف المهني دون أن تمنع من التركيز على الأداء الشخصي.
السؤال الذي يلح علي كلما راقبت المشهد السياسي الأردني هو هل يوجد مهنة في الأردن اسمها مهنة السياسي، وحين نقول إن شخصاً ما سياسي هل نقصد معنى احترافه السياسة، وبالتالي فهو يقدم أداءه السياسي احترافية؟
حقيقة الأمر أن قلة ممن دخل المجال السياسي في الأردني احترف السياسة بمفهوم الاحتراف الحقيقي، وقلة من هؤلاء من يؤدي دوره باحترافية، وربما هذا أحد أسباب ضعف المجال السياسي الأردني، وعدم وجود روافع سياسية حقيقية في المشهد الداخلي.
عندما يدور حوار سياسي حول قضية ما لا يستطيع المراقب لمس المسافة الفاصلة بين من يدعي أنه سياسي ورجل الشارع، بمعنى أنه لا يملك زوايا نظر مختلفة عما هو لدى العامة، ولا يقدم جديداً يطرحه، كما أنه لا يملك أدوات تحليلية تأخذه إلى أعمق من الصورة الظاهرة، ولا يملك مصادر معلومات (بعيدة عن النميمة السياسية) تساعده في استشراف القادم.
كثير ممن يدعون أنهم سياسيون لا يقرأون دراسات وأبحاث أو كتب ومقالات مطولة حول العديد من المواضيع، ولا يحترمون فعل القراءة، فلا تجدهم يملكون مفردتهم السياسية المميزة، أو فكرتهم البكر أو الخاص بهم، وإذا ما حاولوا تقديم تصورهم على شكل ورقة أو محاضرة فإنهم لا يقدمون أي جديد، ويعيدون الكلام العام الذي يمكن أن تسمعه من أي رجل لا يدعي أنه يشتبك مع السياسة بشكل يومي.
الخلل الحقيقي في الجسم السياسي الأردني هو هؤلاء الذين دخلوا المجال السياسي عبر بوابات غير سياسية، واعتبروا أن وجودهم ضمن نادي النخبة السياسية فرصة لإظهارهم أكثر في المجال العمومي، ويساعدهم بصورة أكبر في تسهيل أعمالهم الأخرى، دون أن يدركوا أن العمل السياسي الاحترافي له أصوله وأبجدياته التي لا يتقنوها، وعبر وجودهم هذا في المشهد السياسي يصيبون الحالة السياسية في الأردن بالوهن، ويفقد العديد من الأردنيين ثقتهم بالمشهد السياسي العام.
الأردن شهد خلال الفترات الماضية وما زال يشهد عدداً من الشخصيات السياسية التي احترفت وتحترف السياسة، سواء اتفقنا مع هذه الشخصيات أم لم نتفق، ولكنها كانت روافع حقيقية للسياسة كمفهوم وتطبيق، وكونها كذلك استطاعت العبور عبر منعطفات سياسية حادة بصورة احترافية.
لا بد من استعادة مفهومي السياسة والسياسي لحضورهما، ودورهما، ولا بد من وجود تحرك سياسي حقيقي بين النخبة السياسية الأردنية لإنقاذ المشهد السياسي الداخلي، فمن دون ذلك لا يوجد أمل حقيقي بإحداث نقلة نوعية سياسية في الداخل، وسنبقى نراوح مكاننا فقط في أحسن الأحوال.