Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Oct-2019

ما هي دلالات انسحاب القوات الأمريكية من سوريا*علي ابو حبلة

 الدستور-تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاثنين، إنه حان الوقت لتخرج الولايات المتحدة «من الحروب السخيفة التي لا نهاية لها في سوريا»، وذلك بعد أن أعلن البيت الأبيض عن سحب قوات أمريكية من شمال شرق سوريا قبيل العملية العسكرية التي تعتزم تركيا القيام بها شرق الفرات. و يحمل مضمون التصريح للرئيس ترمب  دلالات ومخاطر أمنيه قد تعرض امن المنطقة برمتها لصراع مفتوح بين القوى الاقليميه

وأضاف ترامب في تغريدات مُتصلة أنه «كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة في سوريا لمدة 30 يومًا، كان ذلك قبل سنوات عديدة. (لكننا) بقينا وتدخلنا أعمق وأعمق في معركة دون هدف في الأفق»، مٌشيرًا إلى أن القوات الأمريكية وصلت سوريا عندما كان تنظيم داعش ينتشر في المنطقة.
وتابع الرئيس الأمريكي: «سريعًا، هزمنا داعش بنسبة 100% بما في ذلك القبض على الآلاف من مقاتلي داعش، معظمهم من أوروبا، لكن أوروبا لم تستعدهم»، لافتا إلى أنه رفض طلب أوروبا من واشنطن الاحتفاظ بهم، داعيًا إياها لمحاكمتهم بدلا من تكلفة احتجازهم «باهظة التكلفة» بالسجون الأمريكية.
تصريحات ومواقف لها مدلولات وانعكاسات على تحالفات المنطقة وأمنها وتخلي امريكا عن حلفائها يترك الباب مفتوحا لصراعات باتت مصالحها تتعارض بعضها ببعض وقد أكملت تركيا الاستعدادات لبدء عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا تحت هدف تسعى لتحقيقه وهو إقامة المنطقة الآمنة أو «ممر السلام» كما سمته، وتدعي انه للمساهمة في الاستقرار والسلام بالمنطقة، وحتى يتمكن السوريون من العيش في أجواء آمنة. وأضافت أنها لن تسمح مطلقا بإنشاء ما وصفته بـ»الممر الإرهابي» على حدود تركيا، وأكدت أنها استكملت كافة الاستعدادات من أجل العملية العسكرية التي تستهدف منطقة شرق الفرات، حيث تنتشر ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة وهذا العدوان التركي والتدخل العسكري في حال حدوثه يزيد في حمى الصراع الذي تشهده سوريا .
لتركيا هدفان رئيسيان في شمال سوريا « إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها، إذ تعتبرها خطرا أمنيا ، إنشاء منطقة داخل سوريا يمكن فيها توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم  تركيا في الوقت الراهن. وتسعى تركيا لإقناع الولايات المتحدة للمشاركة في إقامة « منطقه امنه « تمتد 32 كيلو متر في الأراضي السورية لكنها حذرت مرارا وتكرارا من أنها قد تتخذ عملا عسكريا منفردا وهو ما قد تقدم عليه بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا.
هذه الحرب ستثقل على تركيا اقتصاديا  وستزيد من الأعباء المالية الباهظة التي يُمكن أن تترتّب على هذه العمليّة الهُجوميّة، ثم بعد ذلك إدارة المناطق التي ستُخضع للسيطرة التركيّة، وتقديم الخدمات العامّة لمِئات الآلاف، وربّما ملايين المُواطنين في هذه المِنطقة، سواء من المُقيمين، أو الذين سيتم ترحيلهم من تركيا إليها، فالقيادة التركيّة كانت تُخطّط لتحميل الولايات المتحدة جُزءًا من هذا العِبء المالي عندما اتّفقت معها على المُشاركة في إقامة هذه المِنطقة العازلة، ولكن الانسِحاب الأمريكيّ ألقى بهذا العِبء الماليّ كامِلًا على الجانب التركيّ في وقتٍ يُعاني  اقتصاد تركيا من أزماتٍ اقتصاديّة ربّما تتفاقم إذا نفّذ السيناتور ليندسي غراهام تهديداته بفرضِ الكونغرس عقوبات اقتصاديّة على تركيا عِقابًا لها على هذا القرار مثلما هدّد اليوم.
وان ردات فعل الحكومة السورية واحتمالات دخول الجيش العربي السوري إلى  التصدي للقوات التركية ، والانخراط في مُواجهاتٍ آنيّةٍ أو لاحقةٍ مع القوّات التركيّة «التي تخترق وتنتهك السيادة السورية «، فقد حذّرت القِيادة السوريّة من أنّها لن تسكُت عن أيّ اختراقٍ تركيٍّ للسّيادة السوريّة، وستتصدّى لأيّ هُجوم.
ان حالة الصّمت التي تسود أوساط الحليفين السوري والروسي تُجاه هذه النّوايا التركيّة باقتِحام شمال سورية عسكريًّا تطرح العديد من علامات التساؤل .. فهل هذا الصّمت دليل المُوافقة، ووجود «تفاهمات» مُسبقة جرى التوصّل إليها في قمّة أنقرة الثلاثيّة الروسيّة التركيّة الإيرانيّة، أم أنّه عائدٌ إلى  سياسة ضبط النفس والتريّث والانتظار، لأنّ الرئيس أردوغان هدّد أكثر من مرّةٍ في السّابق بهذا الغزو، ولكنّه عاد وتراجَع في اللّحظات الأخيرة.
سوريا والمنطقة اجمعها تعيش حالة من الترقب وباتت على فوهة بركان وصراع مفتوح بانتظار نتائج ما يخطط للمنطقة  بعد أن تخلت أمريكا عن المنطقة وقررت سحب قواتها من شمال الفرات ومن سوريا مخلية المنطقة للتجاذبات والصراعات الاثنية والعرقية والطائفية.