Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2019

الهبّاتُ والانقلابات والثورات*محمد داودية

 الدستور

لن تنجح الهبّات والانتفاضات وحركة الاحتجاجات الجماهيرية العربية المحقة الراهنة، بمواصفاتها العفوية التي نراها، في دحر النظام القديم الذي له رواسٍ عميقة في الارض، تتخلخل ولا تُقتَلع.
هي انتفاضات قلع، لا ثورات زرع.
فالنظام القديم الخبير المنظم، يقف اليوم في مواجهة هبّات شعبية ضخمة، ليس لها خبرة ولا تجربة ولا قيادة.
والنظام المحنك القديم، يملك أدوات البقاء، والقدرة الفائقة على التلون والتعديل والانحناء. وتغيير شكله وتحوير مظهره وتطوير محتواه.
والنظام الداهية القديم، ماهر وماكر، يسارع بلا تردد او تأخير، الى تقديم القرابين التي تطلبها الجماهير. مهما كانت منزلتها و رتبتها، من رؤساء الجمهوريات الى رؤساء البرلمانات الى قادة الجيوش الى رؤساء الحكومات والوزراء. ويرفع النظام القديم، من اجل البقاء، الغطاء عن القادة الذين يريد المحتجون رؤوسهم، ممن بالغوا في ارتكاب الخطايا.
والنظام القديم متخصص في قطع الطريق والحيلولة دون تحول الهبّة والانتفاضة إلى ثورة جذرية هائلة.
هذه الهبات والاحتجاجات الشعبية المباركة التي تندلع اليوم، في العراق ولبنان والسودان والجزائر وايران، التي تنصب عليها وحشية مفرطة، ليست ثورات بالمعنى العلمي للثورة.
الثورة يحركها حزب طليعي، تكوّن في معمعان النضال الوطني القاسي من أجل الحريات العامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والحاكمية الرشيدة.
ثلاثة تعبيرات في تجربة بني البشر المعروفة، من اجل الانعتاق والحرية والاستقلال هي:
1. هبة أو انتفاضة، تصل بالحالة الوطنية إلى زُبيةٍ عالية، لكن سيلها لا يبلغ الزبية الاخيرة.
2. انقلاب عسكري، سرعان ما يتحول إلى الشمولية والاقصائية وتقديس الحزب، ثم يتحول ضد الحزب فيختزله في الفرد الضرورة.
والأحزاب العسكرية تنتهي الى عبادة الفرد والى الاستبداد والفساد.
3. ثورة، على غرار الثورة العربية الكبرى 1916. والثورة البلشفية 1917. والثورة السورية الكبرى 1925. والثورة العراقية 1920. والثورة الفلسطينية 1936. والثورة الكوبية 1953. والثورة الايرانية 1979.
والخلاصة هي ان المعارضة بلا تنظيم تصبح show.
هذا المد الجماهيري العظيم سيخمد، واقصى ما يستطيعه هو القلع وليس الزرع.
قلع فوج من القادة وليس اقتلاع كل أدوات النظام القديم وفلوله.