Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-May-2017

50 عاما على احتلال القدس وخطوط 67 ما تزال قائمة - نير حسون

 

هآرتس
 
الغد- ايتمار دورون كان من مؤيدي طائفة برسلاف (دينية متزمتة) واعتاد على الغطس بشكل دائم في نبع صغير تحت حاضرة أورا في جبال القدس. في تشرين الاول 1998 تسلل نشيطان من خلية لحماس إلى النبع وأطلقا النار على السياح. قتل دورون في المكان الذي أصبح يسمى عين ايتمار. هذا نبع صغير مع بركة صافية وجميلة، ومثل كثير من ينابيع المنطقة يتم كتابة شعارات سيئة بجانبه من قبل البرسلافيين. الاسم السابق للمكان هو عين البلد. القرية هي قرية الولجة، التي كانت في هذا المكان حتى العام 1948. وعندها تم إخلاء السكان منها إلى الطرف الثاني لجدول رفائيم على الحدود، حيث أقاموا قريتهم من جديد، التي تطل على انقاض القرية القديمة. تحت الحاضرة، بينها وبين النبع الصغير، تمر خطوط القطار القديمة إلى القدس في مركز جدول رفائيم، وهو من أكبر الجداول في القدس. في هذه النقطة يدخل الخط الاخضر إلى المدينة، خط الحدود بين إسرائيل والأردن، خلال الـ 19 سنة بين 1948 – 1967.
مر خمسون عاما منذ إلغاء هذا الخط بشكل قانوني، بعد انتهاء حرب الايام الستة بثلاثة اسابيع. عندها صادق الكنيست بعملية نصف سرية وبيروقراطية موجهة على ضم شرقي القدس وتوحيد المدينة. في الفترة التي مرت بذلت إسرائيل جهود كبيرة، اقتصادية وهندسية ولفظية، من اجل محو الخط الاخضر كي تثبت للعالم ولنفسها أن الخط قد اختفى وأن المدينة موحدة "إلى أبد الآبدين"، كما يقول الكليشيه.
هل نجحت هذه الجهود، هل بالفعل لا يمكن رؤية الخط الاخضر في القدس في 2017؟ ما الذي بقي من الخط البلدي الذي قسم المدينة على مدى 19 سنة؟ وما هو مغزى ذلك بالنسبة لمستقبل القدس؟ للاجابة على هذه الاسئلة سافرت قبل اسبوعين للبحث عن الخط في الوادي الاخضر في جنوب المدينة، وفي الشوارع الرئيسية في المالحة وبيت صفافا وحقول رمات رحيل، وأزقة الثوري قرب اسوار المدينة القديمة وفي الأحياء الحريدية في شمالي القدس. الدراجات الهوائية الجبلية التي يمكنها السير في الطرق الترابية واجتياز الدرج كانت الأداة المناسبة لهذه المهمة.
البداية سهلة. الشارع في المنطقة متعرج حوالي 200 متر شرق خطوط القطار. تم التخطيط له كي يُمكن القطارات من الاستمرار في السفر بأمان بين القدس وتل ابيب. وقد توصل موشيه ديان إلى اتفاق خطي مع سكان قرية بتير القريبة يقول إنه مسموح لهم الاستمرار في فلاحة اراضيهم داخل المناطق الإسرائيلية شريطة الحفاظ وحراسة خطوط القطار. وقد تم تقديم هذا الاتفاق لمحكمة العدل العليا في الصراع ضد هدم التراسات التابعة لبتير من اجل بناء جدار الفصل. من عين ايتمار تتعرج الطريق التي توجد فوق الجدول حتى عين اللبن، التي كانت هي ايضا ذات مرة احدى ينابيع الولجة (عين الليك، كما يسميها سكان المنطقة). في السنوات الاخيرة تم اعمار النبع. في الجهة المقابلة يوجد النبع الثالث والأهم – عين حانيا، الذي تستمر فيه الاصلاحات.
قبل نحو اسبوعين تم استئناف الاعمال لاحاطة الولجة بجدار الفصل. القرية ستحاط من جميع الاتجاهات باستثناء فتحة واحدة باتجاه بيت جالا. السكان على قناعة بأن الجدار الذي يغلق عليهم يهدف أولا وقبل كل شيء إلى ابعادهم عن اراضيهم وينابيعهم، التي ستتحول إلى جزء من الحديقة المتروبولية الجديدة في القدس. ولكن المسافر الساذج في الطريق سيستمتع من المنظر الطبيعي الجميل، تراسات قديمة وبرك مياه وطيور. من عين اللبن واصلت على طول الطريق المفتوحة حتى مداخل حديقة الحيوانات التوراتية. وهنا تتم اقامة المسمكة الجديدة للقدس، المشهد المائي الاجمل – عشرات انواع الاسماك ومن ضمنها اسماك القرش، ستجد بيوتها هنا في داخل أوعية كبيرة تطل على الجبال.
القرية المستقرة في القدس
عندما يدخل الخط إلى داخل القدس يصبح التعرف عليه اكثر صعوبة. شوارع واسعة واحياء وجدران وأسوار اخفت من زمن خط الحدود القديم. التعرف على الخط والسفر على طوله هو مهمة تحتاج النظر إلى الخارطة. الخرائط الإسرائيلية لا تشير إلى الخط الاخضر في القدس. ولمساعدتنا جاءت الخارطة الاكثر شهرة في العالم، خارطة "غوغل" التي تشدد على اظهار الخط الاخضر. ولكن بأثر رجعي يمكن الاستنتاج والتعرف على مكان الخط من طريقة تطور المدينة. مثلا، محطات الوقود ومحطات الحافلات هي مميزات واضحة لخط الحدود القديم، لأنها أقيمت احيانا بعد سنوات طويلة من الحرب، في المناطق التي بقيت فارغة نسبيا في المنطقة المتروكة التي نشأت بين خطوط الحدود. محطة الوقود الاولى من بين محطات كثيرة توجد أمام الاستاد الرياضي الجديد الذي أقيم في المالحة.
من هناك يمر الخط على طول الطريق الترابية في منطقة مهجورة، وأكوام من قطع السيارات تشير إلى تفكيك السيارات القديمة حتى قريبة بيت صفافا. "القرية الاكثر اضحاكا في العالم"، كما سماها حاييم غوري، الذي قام بجولة مشابهة على طول الخط في 1962، والتي تم توثيقها في تقرير نشر في صحيفة "بمحنيه". وسبب هذا الاسم هو أن الخط الاخضر قام بتقسيم القرية إلى قسمين – الجزء الشمالي أردني والجنوبي إسرائيلي. 
"بيت صفافا"، كتب غوري، "لا تظهر في الاخبار، وهي ليست مصدرا للتوتر القومي، هذه قرية عربية مليئة بالحدائق الخضراء والبساتين... يمر الخط وسط عائلة، بين شجرة وشجرة، بين ولد وصديقه. في النهار يوجد خط وفي الليل يشطب على أيدي الاقارب والاحباء والمهربين". في هذه الاثناء، مثلما كان في حينه ايضا، لا تظهر بيت صفافا في الاخبار. وهذه بلا شك القرية الفلسطينية الاكثر استقرارا في القدس. اغلبية بيوتها بنيت قانونيا، المخبز فيها والمحلات مليئة بالزبائن اليهود، والسكان يتحدثون العبرية بطلاقة. وقد احتج أحد السكان أمام مصور "هآرتس" بسبب التعامل الدائم مع موضوع الاحتلال: "كفى، كفى التحدث عن الاحتلال وتذكير الناس، لا أحد هنا يهتم".
الخط يستمر من القرية نحو المنطقة الصناعية في تلبيوت، شارع مهمل لكراجات صغيرة، وينتهي، سواء صدقتم ذلك أم لا، بـ "كراج جدعون ليفي". من هناك يتجه نحو كيبوتس رمات رحيل. وفي الطريق نمر بمحطتي وقود ومحطة باصات اخرى. الخط يفصل بين موقع رمات رحيل الاثري وبين صور باهر. وهنا في هذه النقطة جلس زعماء القدس على مر الاجيال، من ايام حزقياهو ومرورا بالزعماء الفارسيين والهيلينيين. البريطانيون، بعد ذلك بألفي سنة، سكنوا في تل قريب هو ارمون هنتسيف. 
في اطار عمليات الاعمار التي تمت في الموقع قبل شهرين تم اكتشاف جثامين ثلاثة جنود اردنيين ظلوا هنا منذ العام 1967. على هذه التلة في رمات رحيل توجد ايضا احدى علامات الحدود – تمثال رائع للفنان ران مورين، الذي يشمل ثلاث اشجار زيتون مغروسة في اعمدة مرتفعة. وعلى اليمين صور باهر وعلى اليسار رمات رحيل.
حول الخريطة الدولية
جولة قصيرة بجانب التمثال، وأنا استمر إلى حي "أرنونا". من اليمين ينزل المشهد نحو صحراء يهودا. في نقطة من النقاط التي تطل على الصحراء والبحر الميت تمت اقامة القنصلية الاميركية الجديدة في 2010. وقد بنيت بطريقة تسمح بتحولها إلى سفارة. وها هي مشكلة اخرى للقدس، يمكن أنه من الصعب ايجاد الخط داخل المدينة، لكنه قائم وواضح في كل خريطة وفي كل وثيقة في الدبلوماسية الدولية. في هذه الحلبة فشلت إسرائيل في محاولة محو الخط في القدس والحصول على نوع من الشرعية لعاصمتها. 
واصلت من هناك على طول شارع بيتار، الاحراش القديمة لرمات رحيل في الجهة اليمنى تحولت منذ زمن إلى حي يسمى "أرنونا الجديدة". من هنا يمر الخط بالتوازي مع جدار دير سانت كلير، الغامض، ومن هناك إلى حي آخر قسم إلى قسمين وبقي مقسوما إلى الآن، الثوري. هنا الخط بارز جدا. أبو طور اليهودية هي حي اخضر مليء بالحدائق، والثوري العربي وراء الخط غير المرئي هو حي فقير وقذر ومهمل. وهذه علامة اخرى على أن الخط الاخضر قد محي من الميدان لكنه لم يمح من وعي الناس.
عند الخروج من أبو طور ينزل خط الحدود إلى غاي بن هينوم، وهو الموقع الذي منح العالم اسم "جهنم"، والآن هو وادي اخضر وجميل في مركز المدينة. وقد نزلت إلى الوادي وتسلقت منه. بعد بضع سنوات سيكون هذا المسار اسهل بفضل جسر كبير من الحبال، تسعى لاقامته جمعية "ال عاد" فوق الوادي. هار تسيون يميز فترة القدس المقسمة بشكل استثنائي: كان منطقة إسرائيلية داخل الاراضي الاردنية بين الحربين. في هذه الفترة حولت الدولة الفتية المكان إلى موقع مقدس، من اجل أن يشكل البديل للحائط الغربي (البراق) الذي بقي في الجانب الآخر من الحدود. وتم ابراز قبر داود القريب. وإلى جانبه تم فتح قبو المحرقة، متحف المحرقة الاول. وفي المكان تتم مراسيم سنوية بمشاركة الحاخامات الكبار ورؤساء الدولة. عند تحرير الحائط الغربي تم نسيان المكان حتى السنوات الاخيرة، حيث بدأ الصراع الديني بالاشتعال من جديد حول قبر داود وحق المسيحيين في استخدام غرفة "العشاء الأخير" القائمة فوق القبر. وقد دفع ثمن هذا الصراع بلاط الكراميكا الاسلامي القديم الذي زين القبر، وفي العام 2012 تم إزالة بقاياه الاخيرة لمحو أي اشارة تدل على الماضي الإسلامي للمبنى.
من جبل صهيون يتعرج الخط على طول اسوار البلدة القديمة، مرورا ببوابة صهيون المليئة بثقوب الرصاص – نقطة اقتحام فاشلة للبلدة القديمة في محاولة لانقاذ الحي اليهودي في العام 1948 - وحتى شارع يافا. البوابة مليئة بالناس، عدد كبير من السياح الاتراك يتجولون بين المحلات والمطاعم. 
من شارع يافا واصلت على طول الاسوار حتى الباب الجديد. وهنا يوجد "دير الراهبات المصلحات"، وهو دير فرنسي كبير جلس على السور، إلى أن تم تفجيره على أيدي الهاغاناة من اجل اغلاق الطريق أمام الجيش الاردني الذي هدد بالصعود إلى القدس. وهنا ايضا يتوحد الخط الاخضر مع خط القطار الخفيف.
من هناك ينزل الخط إلى باب العامود، الفاخر والجميل من بين ابواب البلدة القديمة، والمعروف اكثر كساحة دائمة للعمليات. في العامين الاخيرين حدثت امام الباب والساحة المقابلة له عشرين عملية طعن. وهنا ايضا توجد المحطة المركزية للحافلات في شرقي القدس. نعم توجد في القدس محطتين منفصلتين للحافلات، حافلات شرقي المدينة لونها ابيض مع خطوط خضراء. للحظة تضيء الحدود القديمة بين شطري المدينة. من هنا وعلى طول كيلومتر ونصف اصبح الخط الاخضر واضحا. من اليمين حي المصرارة وباب الساهرة، مركز القدس الفلسطيني. ومن اليسار المصرارة اليهودية وبيت إسرائيل والاحياء اليهودية.
الحدود الطبيعية
رسم الخط الأخضر لم يكن حاسما وأبقى منطقة كبيرة مكنت من شق الشارع الواسع الذي يعبر المدينة. في الخرائط يسمى طريق بارليف، لكن المقدسيين يسمونه شارع رقم 1. إن الذي ما زال يعتقد أنه يمكن تقسيم القدس، يعتبر هذا الشارع مفتاح التقسيم. فهذا الشارع الواسع القريب من سكة الحديد يجعل العبور صعبا من طرف إلى طرف. المهندسان يهودا غرينفيلد وكيرن بارسيني اللذان وضعا خطة تقسيم المدينة من اجل مبادرة جنيف، يقترحان اعتبار هذا الشارع وأسوار البلدة القديمة الحدود الطبيعية. لذلك كل ما بقي لفعله من اجل رسم الحدود هو رفع وتحسين الجدار الموجود اصلا بين الشارع وسكة الحديد، واضافة اجهزة الإنذار والكاميرات. وهكذا ستصبح لنا حدود بلدية بين دولتين.
اليوم في القدس، على الخط الاخضر لا توجد جدران حديدية ورجال شرطة مسلحين، لكن الخط يشير إلى الفرق الكبير في تعامل السلطات مع السكان الفلسطينيين والسكان الإسرائيليين في المدينة. بكلمات اخرى، طالما أنه لا يمكننا تخيل وضع تغلق فيه سيارة الشرطة الشارع بشكل دائم في غربي المدينة من اجل تسهيل الحركة، فإن الخط سيستمر في تقسيم المدينة. وهذه شهادة اخرى على أن تقسيم المدينة ليس جغرافيا، ويصعب رؤيته بالعين المجردة، لكنه قائم في وعي من يتخذون القرارات في الشرطة وفي البلدية وفي الحكومة. والأهم من ذلك هو أنه قائم في وعي سكان القدس انفسهم. وكل من يعيش في القدس يعرف أن هناك فصل بين السكان في شطري المدينة، حتى لو كان من الصعب ملاحظته. ولكننا سنعود إلى هذا الامر في السياق.
نستمر مع الخط على سكة القطار الخفيف. نمر عن متحف الخط الحدودي. وهو المتحف الذي اقيم في بيت ترجمان، الذي استخدم كموقع للجيش الإسرائيلي بين الحربين – والشرطة المحطمة من القذائف هي علامته الفارقة. وهنا ايضا كانت بوابة مندلبوم، وهي البوابة الاهم بين شطري المدينة على مدى سنوات التقسيم. وبقي الآن من البوابة عامود كبير توجد عليه ساعة شمسية.
واصلت نحو حي رمات اشكول ومررت بجانب تلة الذخيرة، وهي الإشارة الأكثر وضوحا على حرب الايام الستة. وهنا سيقف بعد اسبوع رئيس الحكومة وسيقسم بأن القدس ستبقى موحدة. في العام الماضي اشرك نتنياهو الجمهور بذكريات طفولته في القدس.
من تلة الذخيرة ينزل خط الحدود إلى رمات اشكول، وهو من الاحياء اليهودية الاولى التي بنيت وراء الخط الاخضر. الهدف المعلن من اقامته كانت الحاجة إلى بوابة شمالية. منطقة يهودية تفصل بين البلدة القديمة والأحياء الفلسطينية في الشمال، ويربط القدس الغربية مع جبل المشارف. منذ ذلك الحين وحتى الآن لم تتحرر حكومة إسرائيل من اعتبار القدس لوحة شطرنج يتم البناء فيها من أجل إغلاق الطريق أمام "العدو".
خلال ولاية أوباما عاد الخط الاخضر إلى خرائط المدينة، لأن كل مصادقة على خطة بناء لليهود وراء الخط خلقت ازمة سياسية مع واشنطن. في الاشهر التي مرت منذ تولي ترامب منصبه تشوش الخط قليلا. ولكن هذا الأمر لا يعنينا.
لنعود إلى الخط. من رمات اشكول ينزل خط متعرج نحو جدول تسوفيم الذي يتجه غربا من مفترق التلة الفرنسية. في قلب الجدول تم فتح مسار للدراجات، وهو جزء من المسار الذي يحيط بالمدينة من ثلاثة اتجاهات – شمال، غرب وجنوب. هذا المسار مفتوح جيدا ويناسب سير الدراجات، أنا أسير فيه بسرعة ومن هناك أصعد إلى حي رموت الذي اقيم في معظمه وراء الخط الأخضر، لكن زاوية واحدة منه توجد في الاراضي الإسرائيلية، وهي زاوية متسبيه نفتوح، التلة الخضراء الاخيرة في منطقة القدس والتي يدور حولها صراع بين ادارة التخطيط التي تريد تحويلها إلى حي سكني، وبين السكان الذين يريدون الدفاع عن الظباء والغزلان والثعالب وعشرات انواع الطيور ومئات انواع النباتات التي تنمو هناك.
هنا ايضا ينتهي المسار ويخرج الخط الأخضر من القدس.
خط لا يمحى
سافرت مسافة 27 كيلومترا من عين ايتمار في الجنوب وحتى متسبيه نفتوح شمالا. يبدو أن المسار ليس دقيقا، وسيرا على الاقدام ايضا لا يمكن تتبع الخط التاريخي بشكل دقيق، حيث تقطعه المباني والجدران والشوارع. ولكن المهندسين والجغرافيين يمكنهم الاستدلال عليه بواسطة محطات الوقود ومواقف الحافلات والشوارع السريعة. ورغم أن حياة هذا الخط كانت قصيرة، إلا أنه ترك بصماته في دي.ان.إيه المدينة. ولكن السؤال المهم هو هل ما زال يوجد كواقع سياسي؟ أو بكلمات أخرى، هل القدس موحدة؟.
بمعان كثيرة نجح مشروع شطب الخط الاخضر. الاحياء الكبيرة التي بنيت شرقه والبنى التحتية الكبيرة التي تقطعه من جهة إلى جهة، كأنها شطبته من الخرائط، واهمال شرقي القدس وحقيقة عدم اقامة منطقة صناعية فيها وسوق العمل الفلسطينية للقدس التي توجد في الجانب الغربي – كل ذلك ساهم في محو الخط. والمفارقة هي أن بناء جدار الفصل الذي فصل شرقي القدس عن الضفة الغربية زاد من اخفاء الخط: طالما أن القدس هي العاصمة الثقافية والاقتصادية والسياسية للضفة الغربية، فقد حافظ شرقي القدس على مكانته وطابعه كمدينة وراء الخط. الفصل القسري عن الفلسطينيين في المناطق دفع السكان العرب في القدس باتجاه الغرب من اجل البحث عن العمل والدراسة واسهم في توحيد المدينة في الحياة اليومية.
رغم ذلك، هو هناك. الخط الأخضر سيستمر في الوجود في القدس طالما ستأتي سيارة الشرطة كل يوم في الساعة الثانية إلى شارع نعمي كيس. وسيبقى طالما أن الفلسطينيين في المدينة لا يصوتون للكنيست، وطالما يستمر الاجحاف بحقهم في كل بند من بنود الميزانية البلدية والحكومية. وسيستمر طالما أن 80 في المئة من سكان المدينة يعيشون تحت خط الفقر، و80 في المئة من المنازل بنيت بدون ترخيص. وسيستمر طالما أن المجاري تتدفق من احياء شرقي المدينة إلى وادي قدرون. وسيستمر طالما أن الاغلبية الساحقة من سكان شرقي القدس يشعرون بأنهم يعيشون تحت نظام غريب وقمعي، تحت الاحتلال.
من نقطة انتهاء المسار يمكننا أن نرى بشكل جيد أضرار الحريق الذي اندلع في متسبيه نفتوح قبل عام بالضبط. وشعلة "لاغ بعومر" التي لم يتم إطفاؤها بالشكل الصحيح تسببت بحريق كبير وحولت التلة من تلة خضراء إلى تلة سوداء. الغزلان والحيوانات الصغيرة الأخرى ماتت، والحيوانات الكبيرة هربت. ولكن الربيع في هذه السنة كان رفيقا للتلة. فمن بين الأشجار المحترقة ظهرت الاعشاب الخضراء والزهور الملونة.