Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2021

السلاح الأبيض .. يرعب المواطنين ويزعزع الأمن المجتمعي
عمون - منذر الفاعوري - تتكرر بين وقت وآخر جرائم وإعتداءات قد تؤثر سلبا في الأمن المجتمعي وتثير حفيظة الرأي العام بسبب خلافات شخصية تقع بين أرباب السوابق أو بين أشخاص عاديين، وغالبا ما يشكل إستخدام السلاح الأبيض أداة وعنصرا رئيسيا للإعتداء في معظم هذه المشاجرات، التي تشعر الخصم بالخوف وتترك أثرا للإعتداء على جسمه "كندبة" في وجهه مثلا أو في أي جزء آخر من جسده، نتيجة إستخدام مثل هذه الأدوات "موس، سكين، مشرط، شفرة، خنجر..الخ"، كما يمكن أن يؤدي إستخدام السلاح الأبيض الى عاهة مستديمة أو قد يصل الاعتداء الى درجة كبيرة من الأذى ربما تودي بحياة إنسان.
 
البعض بدأ في إثارة تساؤلات ومخاوف من أن العقوبات الحالية ليست كافية لردع حاملي "الأسلحة البيضاء"، وآخرون يجدون أن حملها يأتي لدوافع شخصية تتمثل بنزعة عدوانية تتكون منها شخصية مقتنيها، وفيما تجد فئة أخرى تتحدث عن مدى سطوة وسيطرة حاملي الأسلحة وبثهم للرعب وزعزعة أمن الناس، خاصة وأن أغلبهم من فارضي الأتوات وأصحاب السوابق الجرمية.
 
* د.محادين: الأمن المجتمعي يقوم على ضوابط "داخلية وخارجية"
 
بروفيسور علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين، بين لـ عمون، أن هناك محاور رئيسية لهذه الظاهرة، ومن حيث المبدأ هناك إدانة أخلاقية وقانونية لأي شكل من أشكال العنف، لكن استخدام السلاح الأبيض يتماشى مع سهولة تداولها وانتشارها بين الناس، كما أنها ليست خاضعة للترخيص كما هو الحال بالنسبة للسلاح الناري، وبذلك إرتبط إستخدام الأدوات الحادة والأسلحة البيضاء مع الحركة العفوية للناس.
 
ويشير محادين إلى أن بعض نظريات علم الجريمة تؤكد أن العديد من الجرائم تأتي بمحض الصدفة او ردة الفعل الآنية أي أنها ليست مخطط لها من قبل، وبالتالي عندما ينفعل المرء بغض النظر عن الأسباب يجد المتناول أو القريب حوله عند وقوع خلاف أو في مكان مسرح الجريمة غالبا هو السلاح الأبيض وسرعة الوصول إليه.
 
وتابع، هناك تمييز واضح بين من يحمل السلاح برفقته بشكل دائم تجنبا للمساءلة القانونية والعقوبة عند استخدام مثل تلك الأدوات عوضا عن حمله سلاحا غير مرخص، بحيث يمكن استخدام السلاح الأبيض للتضليل على اعتبار أن حامله شخص عفوي ولكن في الحقيقة شخصيته تكون من الداخل "عدوانية" ويؤمن بالعنف وإقتنائه لهذه الأدوات لإستخدامها في لحظات يعتقد بضرورة استخدامها رغم مخالفة هذا الاستخدام للقانون، وبالتالي نجد أن الأسلحة البيضاء هي أقرب الى "الشعبوية" وعابرة لأي منطقة جغرافية وليست "نخبوية" أو ذات كلفة مادية، ولكنها في كل الأحوال أدوات مؤذية في حال إساءة إستخدامها.
 
واعتبر محادين، أن الأمن المجتمعي يقوم على قاعدتين متكاملتين وفق نظريات الضبط الإجتماعي، البعد الأول المتمثل "بالضوابط الداخلية" المرتبطة بأنماط التنشئة التي تربى عليها الفرد، والبيئة التي يعيش فيها والضمير والقيم الدينية والأخلاقية والمجتمعية التي يتمثلها وجميعها تتأثر بدرجات النجاح أو الإخفاق للمؤسسات التنشئية للأفراد (الأسرة، المدرسة، الجامعة، ومرورا بالمسجد أو الكنيسة والإعلام) والتي تمثل جذر الشخصية الكامن وتغذيتها بإتجاه الحوار أو الضوابط الأخلاقية والدينية أو بإتجاه إستخدام العنف.
 
أما البعد الثاني وفق محادين هو "الضوابط الخارجية" ويتمثل بالعقوبات أو القانون المدني أو العشائري، مشيرا الى أنه ليس المطلوب فقط تغليظ العقوبات سواء أكانت رادعة أم لا كما يحلو لنا عندما تواجهنا مشكلة، بل علينا تفعيل أدوار أدوات الضبط الداخلي "المؤسسات التربوية والأخلاقية" مؤكدا أن تغليظ العقوبة لا يحل مشكلة مجتمعية لأننا نتحدث عمليا عن شيء محدود يطال المرتكب للجريمة ولا يقود الى تعديل السلوكيات في المجتمع بإتجاه الحوار.
 
* فهم خاطئ لدى بعض مكونات المجتمع حول "العنف"
 
وفيما يخص النظرة المجتمعية لهذا الجانب، بين د. محادين أن بعض الثقافات الفرعية في المجتمع ترى "مغالبة" في إستخدام العنف من قبل أبنائهم لا سيما الذكور منهم يعبر عن "مظهر الرجولة" لذلك عند الرجوع الى جذر السلوك في الأسرة الأردنية التي تؤكد على أن يكون إبنها "ضاربا وليس مضروبا"، منوها الى أن هذا الفهم المتداول هو نتاج ثقافي وتاريخي لدى مختلف مكونات المجتمع لأن أغلب هذه المكونات تشعر أن لديها قضايا "صراعية مؤجلة"، ويكفي أن نستعرض كل مكون لنجد أن هناك سببا تاريخيا ما زال مستمرا لتعميق ثقافة "المغالبة" وليس الحوار، بدليل مثلا لدينا إرتفاع في مستوى التعليم يقابله إرتفاع بأعداد ونسب حوادث السير والمخالفات المرتكبة وهي نتيجة عكسية، لأن الأصل في المجتمع كلما إرتفع نسبة تعليمه قلت الحوادث وزاد إحترام المواطن وتمثله لقيم النظام العام وقوانينه.
 
ويرى أستاذ علم الاجتماع والجريمة، أن علاج هذه السلوكيات العدائية يجب أن يسير بشكل متوازن بين الضوابط الداخلية والخارجية لتحقيق الأمن المجتمعي.
 
* الحبس 6 شهور وغرامة 10 دنانير لمن يحمل "أسلحة بيضاء"
 
المحامي والمستشار في القانون الجنائي ليث قطيش، قال لـ عمون، إن المشرع الاردني جرم ضمن نصوص قانون العقوبات حمل السلاح خارج المنزل دون اجازة وفق احكام المادة "156" من ذات القانون التي تنص على "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة اشهر وبغرامة اقصاها عشرة دنانير كل من حمل خارج منزله سلاحا ممنوعا من الاسلحة المبينة في المادة السابقة"، وذلك لفرض الحماية والامان المجتمعي.
 
وبدوره بين ما هو السلاح الذي حظر وفرض العقوبة على حامله خارج المنزل بحدود المادة "155" من القانون والتي نصت على "إعتبار سكاكين الجيب العادية التي يزيد نصلها عن عشرة سنتيمترات سلاحا بحسب المعنى المحدد لها في هذا الفصل الا اذا كانت في الاصل مخصصة لاستعمالها في مهنة او صناعة او حرفة يمارسها او يتعاطاها حاملها او للاستعمال البيتي، وكان يحملها بغية استعمالها في تلك الحرفة او المهنة او الصناعة او للاستعمال البيتي، وتشمل لفظة (السكين) كل آلة غير المُدية ذات نصل سواء اكانت منتهية براس حاد ام لم تكن".
 
وأضاف قطيش، من هنا نجد أن المشرع رتب المسؤولية الجزائية على حامل السلاح كون المسؤولية الجزائية هي الالتزام بتحمل الآثار القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة، وموضع هذا الالتزام فرض عقوبة، أو تدبير احترازي حددهما المشرِّع الجزائي في حالة قيام مسؤولية أي شخص عن الجريمة، والتي تنشأ هنا بمجرد حمل وحيازة الاسلحة خارج المنزل، في الوقت الذي يعد فيه هذا التجريم تدبير وقائي بالقضاء ﻋﻠـﻰ كافة ﺍﻷﺴـﺒﺎﺏ ﻭالعوامل ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ تؤدي إلى قيام ﻭانتشار الجريمة، التي قد تعود لعوامل اجتماعية وﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭأمنية ونفسية.
 
واعتبر، ان مخاطر حمل وحيازة السلاح قد تهدد الامن الداخلي وتقلل الشعور بالامان بين أفراد المجتمع، موصيا المشرع الاردني بتغليظ العقوبة في حال حمل السلاح الابيض لتحقيق الامن المجتمعي وكتدبير وقائي الغاية منه حماية الفرد والجماعة داخل الدولة، بحسب قطيش.
 
* الفرق بين الأداة "الراضة والحادة"
 
أحد تجار الأسلحة والذخائر، قال لـ عمون، إن تجارة الأسلحة لم تعد تلقَ رواجا كما في السابق، حيث توقف الناس عن شرائها، والمتداول هو غالبا غير مرخص، ويظهر في الأفراح على سبيل استعراض القوة العائلية في المنطقة او كترحيب ومباركة من بعض الاشخاص عند دخولهم لمكان مثل هذه المناسبات وهذه عادة اجتماعية قديمة.
 
وبحسب التاجر، هناك أنواع للأسلحة البيضاء ويفرق بينها كأداة راضة "مثل العصي، والهروات، وغيرها"، والأدوات الحادة مثل "المواس، الشفرات، السكاكين، الحربات، السيوف".
 
وتشير بيانات المقارنة للجرائم المرتكبة في الأردن خلال الفترة 2016 - 2020، انخفاضا في معدلات الجريمة بشكل عام سنة 2020 بالمقارنة مع السنوات الخمس التي سبقتها بنسبة 14.95%، حيث أظهرت احصائيات إدارة المعلومات الجنائية التابعة لمديرية الأمن العام، أن عدد القضايا المصنفة ضمن بند الإيذاء البليغ وصلت الى 658 قضية، فيما بلغ عدد قضايا الشروع بالقتل 346 جريمة، إضافة الى 2444 قضية للمقاومة والاعتداء على الموظفين، وبلغ عدد جرائم الجنايات والجنح التي تقع على الإنسان 1129 جريمة، جميعها سجلت عام 2020.
 
يذكر أن قانون العقوبات الأردني يعتبر حمل الأدوات الحادة أو الثاقبة أو الراضة وكل أداة خطرة على السلامة العامة خارج المنزل سلاحاً ممنوعاً من الأسلحة التي ذكرتها المادة "155" من القانون الذي لا يحتوي لفظ "مشاجرات"، وهذا النوع من القضايا تصنفها المحاكم القضائية تحت بند "الإعتداء بالضرب" ويعاقب عليها بالحبس من شهر حتى 3 سنوات في حال كانت "جنحة"، بينما لو أفضت جريمة الاعتداء بالضرب إلى الموت، أو إحداث عاهة مستديمة لدى المجني عليه في تلك الحالة تصنف القضية على أنها "جناية" وقد تصل عقوبتها إلى السجن 15 عاماً وأكثر.