Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Jun-2019

عندما تفرض إيران عقوبات

 الغد-هآرتس

 
بقلم: عاموس هرئيل
 
21/6/2019
 
الوزراء والجنرالات الذين شهدوا فصول الصيف المتوترة في الاعوام 2009 – 2013، سير الامور في الصيف الحالي بدأ يذكرهم بالاشياء المنسية، وليس بشكل ايجابي. في تلك الايام البعيدة من حكومات نتنياهو الثانية والثالثة بنيت بصورة متواصلة الدراما في كل سنة في الربيع حول امكانية مهاجمة إسرائيل لمنشآت ايران النووية. خلال أشهر الصيف كان التوتر يزداد وفي الخريف بعد مرور ما سماه الخبراء في الخارج فرصة عملياتية لسلاح الجو كان الخطر يتلاشى وكأنه لم يكن. في السنة القادمة وفي الربيع القادم كنا نبدأ الاغنية من البداية الى درجة أن الأميركيين سئموا من ذلك. الاتفاقيات التي توصلوا اليها مع الإيرانيين، الاتفاق الانتقالي في 2013 والاتفاق النووي في 2005 سدت الطريق على خطة الهجوم الإسرائيلية.
بعد ذلك اصبح واضحا تماما ما الذي حدث هناك. الخوف من هجوم إسرائيلي غير منسق على إيران حث إدارة أوباما الى استخدام ضغط العقوبات المتشددة الذي جعل اقتصاد إيران يركع. وفي نهاية المطاف مهد الطريق لتوقيع الاتفاق الكامل. رجال الاستخبارات الإسرائيلية، لاحظوا في الاتفاق رغم عيوبه فرصة كبيرة لابعاد التهديد النووي مدة عقد على الاقل. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كان له موقف آخر وقد استغل فوز ترامب في الانتخابات من اجل الدفع نحو انسحاب أميركا من الاتفاق في أيار السنة الماضية.
ما نشاهده امامنا في الخليج في الأشهر الأخيرة هو استمرار مباشر لنفس القصة. ادارة ترامب بتشجيع من إسرائيل (تقريبا أكثر هدوء مؤخرا) تستأنف، بل تزيد شدة العقوبات. ايران تم دفعها الى الزاوية، والآن في ظل الازمة يمكنها أن تعود وتتسبب بانهيار الاقتصاد هي تحاول من جديد ابتلاع أوراق اللعب. هذه هي خلفية الهجمات الاخيرة على ناقلات ومواقع النفط في الخليج، التي نسبتها الاستخبارات الإسرائيلية والغربية بدرجة كبيرة من الثقة لحرس الثورة الإيراني.
إيران ايضا تقوم بخطوات دفاعية. فجر الأول من أمس قامت باسقاط طائرة أميركية بدون طيار، ثمنها 130 مليون دولار، التي حسب زعمها قامت بجمع معلومات استخبارية فوق اراضيها (الامريكيون يقولون إن الطائرة لم تخترق مجال ايران الجوي). في نفس الوقت، ايران تحذر من أنها ستخرق قريبا الاتفاق النووي باقترابها من شفا التراكم المسموح لتخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض. أمس حذر الرئيس الروسي فلادمير بوتين من تداعيات تاريخية اذا قامت واشنطن بالرد بالقوة على إيران. نتائج التصعيد، قال بوتين، غير متوقعة.
الفرق بين الصيف الحالي لمواسم صيف بداية العقد هو أنه في هذه المرة الأمور غير مرتبطة بإسرائيل. أميركا بواسطة الانسحاب من الاتفاق وطرح خطة الـ 12 نقطة لوزير الخارجية مايك بومبيو ضد إيران، وتفعيل العقوبات ايضا على شركات من دول ثالثة تقوم بالاتجار معها، خلقت واقع اقليمي جديد. مشكوك فيه اذا كان ترامب نفسه يريد حرب مع إيران. في بداية الأسبوع وصف الهجمات على ناقلات النفط بـ “هامشية”.
على هذه الخلفية برز ضعف البنتاغون. وزير الدفاع جيمس ماتيس قدم استقالته في كانون الاول الماضي بسبب خلافات مع الرئيس، التي كانت ذروتها معارضة نية ترامب (التي لم تنفذ بالكامل بعد) اخراج جميع القوات الأميركية من سورية. في هذا الأسبوع اضطر القائم بأعماله الى الاستقالة بسبب الكشف عن قضية قديمة حول العنف في العائلة. هؤلاء ليسوا الجنرالات الذين يملون الخط في واشنطن. المشكلة هي أنه ليس واضحا من الذي يملي هذا الخط وهل يعرف ما الذي يريد أن يحققه. البيت الابيض وافق مؤخرا على الإعلان في هذا الاسبوع عن ارسال ألف جندي كتعزيز الى الشرق الاوسط. بومبيو حذر من أن الخسائر الأميركية سيكون لها رد شديد ضد إيران. لذلك قام برسم سيناريو معين ومحدود مقارنة مع تهديدات الإدارة في السابق.
حتى الآن تم توجيه هجمات ايران ضد صناعة النفط في الخليج. في المستوى السياسي في إسرائيل يدركون أن امكانية مبادرة طهران إلى الاستفزاز على أحد الحدود في الشمال بهدف جر إسرائيل إلى الازمة واجبار الأميركيين على العمل. هذا ليس اتجاه التطورات المؤكد، بل هو امكانية تعتبر واقعية تحتاج الى يقظة إسرائيل. احتكاك بين إسرائيل وإيران في الشمال ليس أمرا جديدا. فهو يجري بشكل غير مباشر منذ سنوات من خلال حزب الله. وفي السنوات الاخيرة زادت حدته في اعقاب قصف إسرائيل لقواعد إيرانية ومليشيات شيعية في سورية.
حسب تحليلات الاستخبارات فان إيران لا تسعى إلى حرب مع أميركا، التي فيها من الواضح لها أنها ستخسر. ولكن استمرار الوضع الراهن هو أمر غير محتمل بالنسبة لها. الهجمات التي لم يتم تحمل المسؤولية عنها (بالعكس، طهران نفت العلاقة بها) هدفت الى ايجاد مخرج من الوضع الراهن. قلق ايران الحالي يتعلق بالنفط. تشديد العقوبات انهى جزء كبير من تجارة النفط الإيرانية. الأميركيون ايضا قاموا بعمليات اخرى شوشت على ايران نقل النفط كجزء من التجارة المتبادلة، مثلا للمتمردين الحوثيين الذين تشغلهم في اليمن.
طهران حذرت في السابق من أنه يمكنها ضرب خطوط سفن النفط. سلسلة الهجمات في الخليج هدفت الى اعطاء اشارات بأنه اذا لم تستطع إيران أن تتمتع بثمار النفط فان الدول الكبيرة المنتجة للنفط في المنطقة (التي في معظمها هي حليفة لواشنطن) لن تستطيع فعل ذلك. وفي نفس الوقت يمكنها التأثير على ارتفاع اسعار النفط بسبب عدم اليقين وبسبب الحاجة الى رسوم تأمين اعلى. في هذه الاثناء الارتفاع معتدل نسبيا.