Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Feb-2017

في الشعر والشعراء - ابراهيم العجلوني

 

الراي - عرف تاريخنا الأدبي شعراء فُحولاً، وقد صنّفهم مؤرخو الأدب طبقات، ولدى انبعاث النهضة الحديثة كان ثمّة شعراء فحول أيضاً، ثمّ انقضى زمان الفحولة الشعرية، وأظلّنا زمان أشباهِ الفحول قليلاً، ثم انتهى الأمر بنا الى العَجزة والمهازيل.
 
* * * 
 
من أجل ذلك لم يَعدُ الشعر اليوم «ديوانَ العرب» إلاّ في ما ندرَ من الاستثناءات، وصار – في كثير من الحالات – ساحة خلفيّة ترمى فيها نفايات الوعي والشعور.
 
* * *
 
غابَ النقد والتقويم وانقلبت الموازين، وكَثُرَ هذا الشعرُ الذي يملأُ أنهار الصحف والمجلات الأدبية (!) وقلّ الشعراء.
 
* * *
 
كان شعراء مراحل الازدهار يتوسمون أُنموذجات البيان وفرائد القصائد، ويقيسون عليها ما يبدعونه، فيُقاربونها او يعون دونها، ونقرأُ في مراجعنا الكبرى أن النظّام المعتزلي نصح أبا نواس بأن يحفظ عشرة آلاف بيت شعر من ذخائر أمّة العرب، فلما حفظها نصحه بنسيانها، وذلك بعد أن تشكّلت له ذائقة شعريّة، وصار ذا محصول معرفي وثروة لغويّة.
 
وكان من شعراء مراحل الازدهار من يوصف بالحكيم او بالفيلسوف لِسَعة مداركه واستبحار علومه، كالمتنبي وأبي تمام وأبي العلاء المعرّي.
 
وعلى أنّه لا بُدّ من أخذ اختلاف الأزمنة بعين الاعتبار، إلاّ أن مما لا مِراءَ فيه أن التمكّن اللغوي والكفاية المعرفية شرطان موضوعيان للشعر وأنّ تنكُّبَهُما مفضٍ بالضرورة الى مثل ما نبلوه اليوم في حياتنا الأدبية من مناخ وبيء يستمرئهُ الضعفة ويرفضه الأصحّاء، او يربأون بأنفسهم عنه جملة وتفصيلا.
 
* * *
 
ويمكن القولُ هنا إننا في زمن العلاقات لا في زمن الكِفايات، وإن بعضَ من تُسلّطُ عليهم الاضواء في حياتنا الأدبية ومن يَنفخُ النافخون فيهم، إذا هم تعرّضوا لنقد حقيقي، لا مجاملة فيه ولا إدهان، فإن جبالهم الموهومة ستتمخّض عن فئران، ولن تشفع لهم حينئذ شلّة، ولا حوزة أيديولوجية، ولا تواطؤ من اي نوع، وسيكون لتاريخ الأدب حكم قاطع فيهم، ولا يصحّ آخر المطاف إلاّ الصحيح.
 
* * *
 
كانَ ثمّة تصنيف طريف يقسم الشعراء فيجعلهم ثلاثة: شاعراً وشويعراً، وشعروراً.
 
وحسبنا في وقفتنا هذه ذكر هذا التصنيف الطريف؛ تاركين تنزيله على حالات بعينها لذكاء القارئين وفطنة الناقدين.