Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Mar-2017

روسيا وإيران - صالح القلاب
 
الراي - ربما، لا بل المؤكد، أن عودة الأميركيين «المظفرة»، إلى هذه المنطقة هي التي دفعت الروس إلى المزيد من التقارب مع الإيرانيين، والواضح أن موسكو التي إستعادت مكانة إقليمية ودولية كانت فقدتها، بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي، قد وجدت في إيران مُتكأ كحليف بالإمكان الإعتماد عليه لتحقيق تطلعات فلاديمير بوتين، الذي بات اليمين الغربي ينظر إليه بإعجاب منقطع النظير، وحيث وصفته الفرنسية مارين لوبان خلال زيارتها الأخيرة إلى العاصمة الروسية بأنه: «يمثل رؤية جديدة للعالم...إنه يمثل دولة ذات سيادة «.
 
وأيضاً قالت لوبان، التي إزدادت تطلعاتها إنْ كانت محقة أو غير محقة بأن تصبح أول رئيسة لفرنسا وأن تنضم إلى نادي عتاة اليمين المتطرف، الذي يضم بالإضافة إلى الرئيس الروسي كلاً من الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الهندي نارنيدرا مودي، «وعلى الأرجح أنني الشخص الذي سيجمع فرنسا إلى كل هذه الدول العظيمة».. وبالطبع فإنها لم تنسَ تأييدها لضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا الإتحادية .
 
وهذا يعني أن فلاديمير بوتين، الذي يرى هو أيضاً أنه ظهر عالم جديد خلال السنوات القليلة الماضية هو عالمه وأنه يمثل الرؤية الجديدة لهذا العالم، يعتبر إيران، التي لديها أطماعاً تمددية في هذه المنطقة العربية لا تستثني ولا دولة واحدة، رقماً رئيسياً في معادلته الكونية هذه، وأن التحالف معها ليس مجرد مناورة عابرة لتعزيز مكانة روسيا في سورية وفي القرم وفي أوكرانيا ودول البلطيق وإنما خطوة «إستراتيجية» لضمان إيصال هذه الرؤية الجديدة بعد الشرق الأوسط وأفريقيا إلى العالم بأسره بما فيها الغرب الأوروبي كله وربما الصين والهند والولايات المتحدة .
 
ولذلك، فإنه على العرب الذين سيلتقون في إجتماع القمة الواعد هذا ألّا يراهنوا وعلى الإطلاق على إمكانية إبعاد الإيرانيين عن الروس وإبعاد الروس عن الإيرانيين، فهذه المعادلة الروسية -الإيرانية مكتملة سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً، وإلا ما معنى أن توقع كل هذه الإتفاقيات التي وقعت في موسكو خلال زيارة حسن روحاني الأخيرة إلى روسيا؟ وما معنى أنْ يحمي فلاديمير بوتين كل هذا الإحتلال الإيراني للعراق وسورية؟ وكل هذا التدخل الشائن لدولة الولي الفقيه في اليمن ولبنان وكل تطلعاتها التمدّدية في العديد من الدول العربية ؟.
 
وهكذا، فإنه على «قمتنا العربية» أن تدرك، وبالتأكيد أنها تدرك وبوضوح كامل، أن الأطماع الإيرانية، المستندة إلى الدعم الروسي، في هذه المنطقة حقيقية وفعلية وبلا حدود، وأن الروس ذاهبون في هذا الشوط حتى النهاية، وإن «الرؤية الجديدة للعالم» التي يمثلها فلاديمير بوتين هي أن العالم كله، بما فيه الشرق الأوسط، يجب أن يصبح عالمه، والمشكلة هنا أن الولايات المتحدة، التي أصيبت بالكساح السياسي والعسكري والمعنوي في عهد إدارة باراك أوباما البائسة، لا تزال تترنح في هذا العهد الجديد، الذي لا يزال دونالد ترمب يشغله بمناوراته وألاعيبه البهلوانيّة، إن على الصعيد الخارجي وإن في الداخل .
 
إن هذا هو واقع الحال، ولذلك فإنه على العرب أن يضعوا خلافاتهم غير المعروفة أسبابها جانباً، وأن يتّقوا الله في هذه الأمة التي لم تبلغ من الهوان في مسيرتها التاريخية كما هي عليه في هذه الأيام، وحيث أن الفرس باتوا يحتلون عاصمة الأمويين وعاصمة العباسيّين، وأن عيونهم مسلّطةٌ الآن على صنعاء: «التي لا بد منها وإن طال السفر»، وعلى عواصم أخرى قريبة وبعيدة كل هذا وها هي القدس تصرخ وتنادي.. ولا من سامع ولا من مجيب!!.