ليس مستغرباً مقابلة ياباني في الاردن لكن ماسامي يوشيزاو (64 سنة) ليس سائحا او مندوب شركة يروّج لبضاعتها، بل هو فلاح ياباني عادي تمثل قصته نموذجاً إنسانيا فريداً، وقد رواها حين زارنا في جمعية مركز الدراسات الاستراتيجية للطاقة وشرح المأساة التي عاشها بعد حادثة فوكوشيما في الحادي عشر من آذار عام 2011 يوم انفجرت المفاعلات النووية وشاهد بأم عينه وهو في مزرعته على بعد 15 كم سحب الدخان الابيض تتصاعد منها وظن ان الأمر انتهى عند هذا الحد ولم يكن يعلم انها البداية الحزينة للكارثة الفظيعة التي حلت باليابان وبمنطقته تحديداً فقد تم تهجير الآلاف من بيوتهم وقراهم واماكن عملهم، وأُمر أصحاب المزارع بالتخلي عن ماشيتهم لكي تأتي فرق ((الاعدام)) وتقتلها رميا بالرصاص أو تتركها تموت جوعاً وعطشاً(بلغ عددها 3500 بقرة و 30000 خنزير و 680000 من الدجاج)، وقد اضطر السكان للانصياع على مضض باستثناء هذا الرجل الذي أصر على التمسك بمزرعته وألا تُقتل أبقاره البالغ عددها ثلاثمائة فبقي معها وليحدث ما يحدث، وقد اشادت وسائل الاعلام بشجاعته وصموده في ((مزرعة الأمل)) وتحرك الرأي العام مؤيداً له وانهالت عليه التبرعات كي يوفّر طعاماً لابقاره بعد أن بات هو نفسه بلا مورد رزق، ولحسن حظه لم يصب حتى الآن بأي مرض سرطاني نتيجة الاشعاعات النووية يعيقه عن مواصلة خدمتها فهو يعيش ضمن الدائرة الحمراء التي حُدد قطرها بـ20 كم من مركز الانفجار المروّع وقد تأثر بعضها بالاشعاع ومات مائة منها موتاً طبيعياً خلال السنوات التسع الماضية..

 

لقد تساءل أحد اعضاء الجمعية ترى هل تفكر حكومة عاقلة في هذه الدنيا بعد حادثة فوكوشيما ان تبني مفاعلات نووية كمصدر للطاقة مهما بلغت احتياطات السلامة وبأموال طائلة لا تملك منها فلسا واحداً، ما دامت البدائل الآمنة النظيفة والرخيصة والمستدامة مثل طاقة الشمس والرياح وسواهما كالصخر الزيتي في بلدنا متوفرة بكميات كبيره حتى بلغت أكثر من احتياجاتنا دون أن تتكلف الحكومة في انتاجها ديناراً واحداً؟!

 

وبعد.. فرحلة صاحب ((مزرعة الأمل)) الى عواصم العالم بدعم وتشجيع وزارة البيئة اليابانية لاشاعة الأمل عند الناس خاصة الذين يعارضون مشاريع المفاعلات النووية كمصدر للطاقة، لذلك استقبلناه في جمعيتنا التي اسسناها منذ عام 2013 وهي تقوم بجمع المعلومات والاحصاءات الصحيحة من مصادرها الموثوقة عن تجارب الدول العديدة التي توقفت عن بناء اي مفاعل بعد فوكوشيما وعن دراسات صادرة عن مراكز علمية مرموقة في البلاد التي تصنع تلك المفاعلات مثل اميركا والتي تؤكد خطر تسرب الاشعاعات منها حتى دون حوادث تصدّع وكنا نقدمها للرأي العام ولاصحاب القرار كي نجنب بلادنا التورط في مثل هذه المشاريع الخطرة!