Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Aug-2017

عن المصالحة السورية والمصلحة الأردنية.. - محمد كعوش
 
الراي - كان ، وما زال ، من الصعب أن أخون قناعاتي وذاكرتي ، لأنني على يقين ، ومنذ سمعت صدى الطلقة الأولى في الريف السوري ، أن ما حدث ويحدث ، لا علاقة له بالحرية والديمقراطية والأصلاحات ، بل هو مشروع فوضوي ارهابي خطير وكبير يهدد باعادة تقسيم المنطقة كافة ، وانهاء الصراع العربي الأسرائيلي تحت عنوان الشرق الأوسط الجديد.
 
كذلك كنت ، وما زلت ، على قناعة بأن نهر الدم العربي الذي تمرد على ضفتيه ، هو لصد الريح السوداء ، وسد الأبواب أمام اسراب الغربان الآتية من كل صوب للهدم والتخريب والترويع ، بعدما تحولت الى ادوات لتنفيذ المشروع المشبوه باسم المقدس.
 
أمام هذا المشهد كنا نبكي في القلب بصمت وصلاة ، بانتظار اللحظة التاريخية التي تنهار فيها القوى الظلامية ، ويتقهقرفيها الأرهابيون ، وهي اللحظة الفاصلة بين تاريخين ، لأن تسللهم الى سوريا ، وتناسلهم لا يعطيهم حق البقاء فيها ، أو السماح لهم بالاستيطان او توطين الارهاب.
 
عندما اندحروا فرحنا ، لأن هزيمتهم مصلحة اردنية ايضا ، وهزيمتهم تنهي الفوضى التي اقتربت من حدودنا ومنا ، ولأن الأرهاب الذي دمر سوريا وخرب نسيجها الاجتماعي وهدد وحدة اراضيها وشعبها ، اقترب كثيرا ليهدد أمن واستقرار الأردن وسلامة المواطن.
 
لذلك وقفت طويلا امام تصريحات وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني حول « المنحنى الايجابي « بشأن العلاقات مع سوريا ، ففتح باب الحوار السياسي وتفعيل القنوات الدبلوماسية ، مع اقتراب فتح البوابات الحدودية ، يخدم البلدين الشقيقين ومصالحهما ، وهذا يحتّم على الأردن ان ينحاز الى جانب مصالحه العليا ويتجاهل كل الضغوط بعقلانية وحنكة وحكمة.
 
استطيع التاكيد بأن الكل يعرف ، ومنذ اللحظات الأولى ، أن دحر الأرهاب في سوريا والعراق مصلحة وطنية اردنية ، لأننا كنا تحت الحصار دون اعلان ، فاغلاق الحدود ، وكل المنافذ البرية مع سوريا والعراق اوقع ضررا كبيرا بالاقتصاد الأردني ، وعلى كافة الصعد الزراعية والصناعية والسياحية وقطاع النقل أيضا.
 
اما على الجانب الاخر وراء الحدود السورية ، اعتقد جازما أن الفلاح في الريف البعيد الذي يعشق رائحة التراب المنبعثة مع الشتوة الأولى ، والذي يعرف قدوم المطر عندما تلامس كفه الرياح البكر ،لا يحتاج الى الكثير من العناء ليكتشف أن بلده وقع ضحية مخطط مشبوه هدفه تفكيك الدولة وحل الجيش وتقسيم البلاد وتخريب المجتمع بادوات ارهابية محلية واقليمية ودولية.
 
لذلك ، عندما تسكت المدافع يصبح من حق المواطن السوري في الريف والبادية والمدينة ، أن يفرح ويحزن ويحتفل ويتثاءب وينام بهدوء ويمارس نشاطه أوكسله في حياته العادية اليومية مثل كل البشر ، وبالتالي يستعيد صحوة الحنين الى وطنه في مواجهة معركة اعادة بناء البلد والأنسان الذي كان ضحية ارتباك الموقف العربي عن جهل أو عن وعي وتخطيط وتصميم وقصد. أتحدث بتفاؤل رغم هول الكارثة ، لأنني على يقين بأن سوريا قادرة على النهوض والوقوف في مواجهة كل التحديات ، فلها الفضل في تحطيم قرون ما سمي بالربيع العربي وتكسير موجاته بعد الدمار الذي امتد على مساحة كامل الجسد العربي ، وهدد الهوية العربية والقضايا القومية. وهنا من الواجب ان اذكر أن هزيمة الأرهاب كانت حتمية بسبب صمود مؤسسات الدولة ومكوناتها وتماسك الجيش وتمسك الشعب السوري بهويته الوطنية القومية الحادة الوضوح.
 
في النهاية اقول ان الشعب السوري انتظر وصبر وفي الانتظار صمود وموقف ، واعتقد ان ساعة الحسم العسكري والسياسي قد اقتربت ، وان الصراع الذي استخدم فيه بعض السياسيين والأحزاب السياسية الدينية ومجموعات متطرفة خارجية في ايامه الاخيرة. وبهذه المناسبة أرى أن سوريا قادرة على ان تكون لكل اهلها ، عبر مشروع مسامحة ومصالحة ومشاركة وتعاون الجميع في اعادة صياغة المستقبل الذي سيكون افضل بكل المقاييس والأحوال.