Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2017

شيب وصلع - سليم ايوب قونة

 

الراي - لا أحد من الناس غير المختصين يعرف على وجه اليقين ما هو التغير الفسيولوجي الذي يسبق الاخر ويؤثر على شكل وتركيبة شعر الرأس بعد سن الاربعين أو الخمسين عند كثير من الرجال: أهو تساقط الشعر أم تحوّله من لونه الاصلي الى اللون الابيض؟ أم ان كلا التغييرين يبدآن بالتحرك في آن واحد؟
 
لا يخلو الموقف من مفارقات لان كل محاولات محو أو اخفاء اثار زحف السنين من قبل صاحب العلاقة تتخذ طابعا عبثيا لا جدوى مثمرة من ورائها! فالبعض ممن يزعجه ظهور الشعيرات البيضاء وانتشارها البطيء فوق جلدة رأسه يصرّ على صبغ شعره بأصباغ تذكّرنا بمخلفات مادة الفحم الحجري الاستراتيجية لتوليد الطاقة في سالف الايام. والبعض الاخر ممن يتضايق من توسع المساحة الملساء اللامعة على السطح الخارجي لجمجمته يحاول تجميع الشعيرات المتبقية بطرق هندسية مبتكرة فيمددها بعناية فوق الاجزاء التي باتت مكشوفة، بل ويحاول بوسائل مختلفة تثبيتها على الاطراف الرخوة من قرعته حين يهم بالخروج من البيت ليلعب الشدة مع شلته أو تأمره زوجته لاحضار صحن حمص من المطعم المجاور!
 
منذ فترة ليست بالبعيدة بدأنا نلاحظ مؤشرات وملامح انتفاضة وتمرد على هذه العقدة الاجتماعية التي يسببها تساقط شعر رأس الرجل وتحوّل لونه الى البياض. وذلك بلجوء الرجال من مختلف الفئات العمرية والذين يتمتعون بدرجة جيدة من الثقة بالنفس، الى التحرر كليا من عقدة الشعر وسطوته بواسطة ازالته كليا ( أي حلقه) كما يزال شعر الوجه بشكل شبه يومي. وفوائد الازالة تلك لا تقل أهمية عن فوائد ومزايا امتلاك شعر غزير عصي على التساقط ومقاوم لتسلل اللون الابيض من أي اتجاه. اسألوا «زين الدين زيدان»!
 
من تلك الفوائد مثلا سهولة الاغتسال والتنشيف، الاستغناء عن الامشاط والكريمات الخاصة وعن الصبغات الشعبية أو المصنّعة، عدم اضاعة الوقت في العناية بالشعر، التخلص من آفة تساقط القشرة على الكتفين، الاستغناء عن خدمات الحلاق وسواليفه التي لها بدايات فقط، اخفاء الشعر الأشيب بطريقة ذكية والظهور بمظهر شبابي ورياضي مرغوب قد يكون مقنعا الى حد كبير، واذا كان الرجل من أصحاب المواهب في اعداد الوجبات البيتية فمن المؤكد ان عائلته أو ضيوفه سيضمنون تناول طعام خال تماما من شوائب معينة.
 
لا بأس هنا من التذكير بمقولتين شعبيتين تترجمان عمق وتجذّر مشاكل الشعر في الوجدان الجمعي للناس. الاولى مرتبطة بالقانون سواء في حالات خرقه أو محاولة تطبيقه، والثانية بضريبة العشق والحب الذي لا تنطفئ جذوته ما دام الانسان قادر على التنفس بشكل طبيعي!
 
يعدك المحامي الشاطر مثلا انه ومهما طال الزمن بأنه الوحيد القادر على اخراجك من « ورطتك « كما تخرج الشعرة من العجين، والشعرة هنا طبعا ترمز للنجاح والأستذة . لكن لا تنسى ومهما بلغ عمق ورطتك ان تضع خطين تحت عبارة «ومهما طال الزمن «! وفي الحالة الثانية ستنتفي حاجة الرجل العاشق الولهان المتباكي على تزايد بياض شعره من اللجوء لترديد شكوى المرحوم «ناظم الغزالي» الذي كانت حبيبته تصدّه وتعيّره بالشيب وهو وقار!
 
أخيرا قد تكون لنا نحن معشر الرجال من هذه الفئة الأقل حظا قدوة حسنة في التعامل مع هذه المشكلة لو استطعنا ان نكتشف يوما سر الوصفة التي يستخدمها الرئيس الاميركي الخامس والاربعين « ترمب» في المحافظة على تماسك وأناقة تسريحة شعره، حتى عندما تتعرض تلك التسريحة، كما حصل قبل ايام، لهبات متفاوتة السرعة من الريح التي تستطيع تحريك كثبان رملية بأكملها في صحراء الربع الخالي، خاصة وانه تخطى عتبة العقد السابع من عمره السعيد!