Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Oct-2017

الأسد وخطوطه الحمراء الجديدة - يوسي ميلمان
 
معاريف
الغد- الحادثة الخطيرة أمس هي محاولة من بشار الأسد لرسم خط أحمر جديد لسلاح الجو الإسرائيلي وإجباره على الكف عن العمل في لبنان. ولكن السؤال الأكبر والأهم هو إذا كان فعل ذلك بمبادرته أم بالتنسيق مع روسيا وإيران، والاخطر من كل ذلك – ربما بتعليمات منهما. 
منذ عشرات السنين، ولا سيما منذ حرب لبنان الثانية التي نشبت في 2006 يعمل سلاح الجو دون عراقيل في سماء لبنان، ولا سيما بهدف جمع المعلومات الاستخبارية. هكذا كان امس أيضا، حين حلقت طائرات السلاح في مهمة تصوير عادية جدا.
ما كان استثنائيا هو حقيقة أن نظام الأسد، لأول مرة، أطلق النار نحو طائرات إسرائيلية في سماء لبنان، حتى لو اخطأت الصواريخ أرض جو السورية هدفها. في نهاية المطاف يدور الحديث عن صواريخ قديمة يعرفها سلاح الجو منذ 1983. 
حتى الآن، على مدى ست سنوات ونصف السنة من الحرب الاهلية في سورية، هاجم سلاح الجو أكثر من مئة مرة اهدافا في الدولة، معظم الهجمات كانت موجهة ضد محاولات إيران وسورية نقل صواريخ دقيقة وبعيدة المدى أو قطع غيار لصواريخ كهذه، إلى حزب الله في لبنان. 
وحسب منشورات أجنبية، بين الحين والآخر هوجمت أيضا مخازن ومعامل صواريخ في سورية. الجيش السوري، بسبب أزمته الكبيرة وضعفه، كاد لا يرد على الهجمات، وسلم بها إلى هذا الحد أو ذاك. 
قسم من الهجمات، ولا سيما منذ تثبت الجيش الروسي في سورية وإقامته أيضا منظومة متطورة مضادة للطائرات، مع بطاريات صواريخ متطورة تمت من سماء لبنان كي لا تمس، حتى ولا ظاهرا، بالسيادة السورية وتقليص خطر الاحتكاك مع روسيا وبطارياتها. 
وإذا كان كذلك، فلماذا قرر نظام الأسد تنفيذ اطلاق النار وما هو مدى دور روسيا وإيران في القرار؟ هذا سؤال يشغل بال محافل الاستخبارات في إسرائيل. واضح أن ثقة الأسد بنفسه تتزايد منذ إنجازاته في الاشهر الاخيرة في الحرب، انجازات من خلالها يستعيد السيطرة على اجزاء واسعة من الدولة. 
هذا الاسبوع احتلت أيضا مدينة الرقة، "عاصمة الدولة الاسلامية". وهكذا عمليا انتهت فكرة الخلافة ككيان اقليمي. هذا الامر يزيد اكثر فأكثر ثقة النظام. 
ان اطلاق الصاروخ السوري يمكن ان يفسر كأمر بسيط، ولكن أيضا كأمر ضروري. والبسيط هو مزدوج: يمكن أن يكون هذا رد لمرة واحدة من النظام على الهجوم على مصنع الصواريخ في الشهر الماضي في عمق الاراضي السورية، والذي نسب لإسرائيل، أو رغبة من نظام الأسد لمزيد من التثبيت لسيادته والاشارة لإسرائيل بالكف عن الهجوم في سورية، ولا حتى من الاراضي اللبنانية. 
ولكن توجد أيضا ضرورة. ينبغي أن نأخذ بالحسبان أيضا أن اليدين هما يدا الأسد، اما الصوت الآمر فهو صوت النظام الإيراني. فمن غير المستبعد ان تكون إيران هي التي طلبت من جيش الأسد أن يطلق النار كي يقول لإسرائيل إنه من الان فصاعدا لن تكون الطلعات الجوية فوق سماء لبنان –والموجهة أولا وقبل كل شيء ضد حزب الله، الحليف والفرع المتقدم لطهرن حيال إسرائيل– نزهة سهلة بل وستنطوي على خطر.
وثمة حتى مكان لتفسير بعيد المدى يقول ان إيران استخدمت سورية ليس فقط كإشارة لإسرائيل، بل وأيضا للولايات المتحدة في اعقاب قرار ترامب عدم اقرار الاتفاق النووي. أي ان وسعها أن تشعل الشرق الاوسط أكثر فأكثر.
ولكن فوق كل ذلك، فإن عدم اليقين الاكبر يرتبط بروسيا. فهل عرفت مسبقا بالقرار السوري لإطلاق الصاروخ؟ هل عرفت بل وأقرت هذه العملية؟ اذا كان لا، فالأمر يمس بمكانتها في سورية حيث انها من جهة تتعاون مع إيران في ادارة الحرب ضد اعداء النظام، ولكن من الجهة الاخرى تتنافس معها أيضا على النفوذ وعلى الاعمار الاقتصادي المتوقع ما بعد الحرب. وإذا كانت عرفت وأقرت، فلماذا فعلت ذلك؟ هل تلعب لعبة مزدوجة، تقر فيها لجيش الأسد ان يدافع عن نفسه ضد هجمات إسرائيل ومن جهة ثانية تقبل دون ان يرف لها جفن هجمات سلاح الجو الإسرائيلي ضد اهداف سورية؟
في كل حال، ردت إسرائيل ردا محدودا. هكذا ترغب إسرائيل في أن تؤشر إلى انه غير معنية بالتصعيد. ومن وجهة اخرى، أوضح رئيس الوزراء نتنياهو مرة اخرى بان إسرائيل لن تسمح بالمس بها، وان من سيفعل ذلك سيعاقب.
كل هذا يشهد على ان الاطراف، رغم انها لا تريد الحرب، فإنها تحدد خطوطها الحمراء في محاولة لتأكيدها وتثبيت واقع جديد لليوم التالي للحرب الاهلية في سورية. من ناحية إسرائيل نشأ على الحدود الشمالية مع سورية ولبنان واقع جديد.