Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Mar-2017

التقاسم والتقسيم.. من يالطا الى انطاليا ! - محمد كعوش
 
الراي - عندما شاهدت الجنرالات بياقاتهم الحمراء، خلال متابعتي لتفاصيل مؤتمر رؤساء اركان جيوش روسيا وتركيا والولايات المتحدة في انطاليا، وبحثهم المسألة السورية والحرب على الأرهاب، تذكرت مؤتمر يالطا الذي حضره ستالين وتشرشل وروزفلت لتوزيع الغنائم والبحث في كيفية تقسيم المانيا، مع التذكير أن سوريا لم تهزم وعصية على التقسيم أيضا.
 
المريح في الموضوع أن كل فريق يعرف ما يسعى اليه الفريق الآخر، فالمشهد واضح تماما، ويؤكد اختلاف الأهداف وتقاطع المصالح بين المشاركين، فروسيا تدعم الدولة السورية بكل مؤسساتها من أجل الحفاظ على وحدة البلاد ارضا وشعبا، ولكنها تريد من هذا المؤتمر ايجاد حراك اقليمي ودولي كي لا تتحمل مسؤولية الانفراد بايجاد حل للمسألة السورية سياسيا وعسكريا.
 
أما الولايات المتحدة فقد عبرت قواتها المحيطات لاحتلال منطقة جغرافية محددة في الشمال السوري، ودعم وحماية الفصائل الكردية، والفصل بينها وبين القوات التركية، تحت عنوان مقاتلة داعش، لتحقيق هدفها الحقيقي وهو فرض اقليم كردي قي شمال سوريا، لفتح الأبواب امام مشروع التقسيم أو الفدرالية، وبالتالي اضعاف الدور السوري السياسي والعسكري في المنطقة، وقد زودت واشنطن الفصائل الكردية بمدرعات واسلحة متطورة من اجل اقتحام الرقة بقوات اميركية – كردية مشتركة تحت غطاء جوي اميركي، لاكمال رسم وتحديد حدود هذا الاقليم.
 
واذا كان الأميركيون يقاتلون باسم الأكراد، فتركيا دفعت بقواتها العسكرية تحت علم الجيش الحر وباسم درع الفرات، وهي تريد شن حرب على الأكراد لمنع قيام كيان كردي على حدودها، كما أنها لم تتوقف عن دعم الفصائل المسلحة المتطرفة، لأنها تسعى الى اقامة منطقة آمنة باسم انسانية مضحكة ونفاق رخيص، لأن انقرة تنادي بالمنطقة الآمنة في الوقت الذي تفتح فيه حدودها لسلالة القتل والانتحار وعشاق الموت والدمار وانتحال المقدس.
 
وحكاية المشاعر الانسانية التركية –الأميركية تجاه الشعب السوري تذكرني بحكاية من التراث العربي القديم. الحكاية تتمحور حول قصة عشق وحب وهيام بين طائر بوم ذكر وبومة جميلة. تقدم ذكر البوم للزواج من البومة الأنثى التي وافقت على الزواج شرط ان يكون مهرها 20 قرية خراب، فضحك البوم العاشق واجاب :»هذا طلب رخيص وانت غالية...اذا ظل هذا الحال ساقتطع لك 100 قرية وبلدة خراب»!
 
وبهذه المناسبة اقول إن دعم الفصائل والمنظمات المسلحة المتطرفة هو سبب كل هذا الخراب، وجنرالات مؤتمر انطاليا يعرفون هذه الحقيقة، كما يعرفون أن واشطن وانقرة تدعمان التنظيمات المتطرفة، ويدركون أن بامكانهم القضاء على داعش وكل التنظيمات الأخرى التي بدأت تاكل ذاتها بسبب الهزائم والافلاس، بتجفيف منابع التسليح والتمويل فقط لا غير. ولكن هناك من يريد ديمومة القتال في سوريا، باستمرار تمجيد الحماقة والعبودية المشتهاة.
 
الواضح ان الهدف من عقد مؤتمر انطاليا هو التعاون والتنسيق العسكري للفصل بين قوات هذه الدول وضمان عدم حدوث اشتباك جوي او بري بين قوات هذه الدول العاملة في الشمال السوري. هذه التطورات تحدث في الوقت الذي كان فيه المشهد السوري يستعد لطقس آخر يقترن فيه الحسم العسكري بالحل السياسي، بعدما فشلت كل محاولات ضبط عقارب ساعة الحياة السورية، حسب مصالح القوى الطامعة.
 
وفي النهاية جاء الغزو العسكري الأميركي المحدود في نهاية الشوط لهدف تخريب المشروع قبل اكتماله، واستخدام ما بقي من مخزون العرب من الخناجر، وتمديد الوقت أمام مشروع الانتحار الذاتي العام لأخراجنا من ذاتنا ومن التاريخ ومصادرة حصة الأمة من الجغرافيا في المنطقة لحساب القوى الاقليمية الأخرى.
 
ولكن من وسط فجيعة الأنقسام واستغاثة الدم العربي الذي يجري نحو القطيعة، نشعر بشيء من التفاؤل لأننا نرى ان سوريا باتت تشكل الفاصل بين تاريخين.