Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2017

مقاعد بلا.. مقاعد.. - م. باهر يعيش
 
الراي - على مقعدٍ... في دار سينما,في حافلةٍ ركّاب, في قاعةٍ لعقد ندواتٍ أو محاضراتٍ في جامعةٍ في نادٍ أو في دارٍ للعبادة!يملّ يتململ يضجّ و يتأفّف.هو لا يستطيع بل لا يرغب بترك مقعده رغم وصوله الى الثّمالة،لعدم المقدرة والرّغبة في تقبّله المحاضر أو فحوى المحاضرة. لكنّه ملول,مليئ بهرمونات تطفح تتنطّط نشاطا.هو مجنونٌ مسكونٌ بفرط النّشاط (هايبر آكتڤ).لم يجد وسيلة تبقيه على مقعده سوى أغراء...مقعده ،بل وأحيانًا هو لا يحضر إلّا لأجل المقعد,أيّ مقعد.
 
بدأ وفي الظّلمة يتحسّس وجه المقعد الجلدي وجوانبه.لم يجد ما يبحث عنه إلى أن اهتدى إلى نقطة الصّفر,نقطة ضعف في المقعد الذي حمل وأستحمل آلاف غيره بكلّ أريحيّة وصبر.حمل أطنانًا من لحمٍ من شحمٍ لا اشتكى يومًا ولا تنمرد.وجدها: نقرة صغيرة، نتوء متناهي الصّغر لا يتجاوز رأس دبّوس لتنفرج أساريره ليبتسم كحرباء تكاد تقفزعلى فريستها.بدأ منفرج الشّفتين ببخل شديد وهو يصكّ أسنانه وبأظفار الحرباء أخذ يكشط النتوء من على وجه المقعد الحزين كان قد صمّم أن يستعمل سلاحه الحاضر أبدا في جيبه لإحداث ثقبٍ في قلب المقعد إن لم يجد منفذًا.وصل الى لحم المقعد.أشتمّ رائحته فهاج وماج وبدأ في أفتراسه بالقرص والشّد والبتر بكلّ أصابع يده. يشدّ ينتش الأسفنج اللحمي من بدن المقعد ووجهه ثابتٌ جامدٌ نحو واجهة منصّة المحاضر بشغف وانتباه مُتكلّف مزعوم ،ممثّل بارع هو.ألبعض يسعفه الحظّ فيفترس لحما كثيرا لن يستطع هضمه فيلفظه الى أرض المعركة التي تدار من طرف واحد،الكثير من المعارك تدار في العتمة من طرف واحد.ألبعض يستكفي بتشويه المقعد يفتح فيه حفرة و...فقط هو يهوى إنشاء الحفر ولا يهوى ردمها.
 
صاحبنا في منتهى الذّكاء.هو يعرف الميقات الذي ينتهي به عرض الشريط السينمائي وقرب انتهاء النّدوة أو المحاضرة من عدد النائمين من الحضور,أو ملاحظة بداية الأستعداد واللّغط على مخارج القاعة توطئة لخروج شخصيّة ما. فينسلّ وسط العتمة قبل أنتهاء العرض بدقيقة واحدة ,لا يحبّ أضاعة الوقت بما لا يفيد.ولأنّه مدمن على خطّ سير الحافلة فسيرى تباشير وصولها الى محطّتها الأخيرة فينسلّ بعد أن ينبش باطن مقعده لا يهمّه القاعدين هنا ولا الناّئيون هناك..لا فرق. مساره المفضّل اليومي خط مركبة يبدأ من بداية تحرّك أيّ حافلة حتى نهاية الرّحلة في نقطة البداية. في كلّ مرّة هو يغييّر مقعده.هذا ألأيذائء بسيط ومحصور لكن له دلالات كبيرة.
 
مرض أم عاهة مستديمة يعاني منّها هؤلاء!؟ ألأوّلَة:عدم الولاء حتى لمقعد في وطن فكيف لوطن،الثانية وعاشرها :الشّعور بالنّقص, بعدم الأهتمام من قبل مجتمع لا يهتمّ ألّا بما يلمع ولو كان زائفا.كان طفلا أو طّفلة صّبيا أو صّبييّة بدأ بكسر كوب في منزله أو تمزيق صفحة من كرّاسته في مدرسته للفت الأنتباه الى إهماله قياسا بأخيه أو أخته أو زملائه في الفصل أو آخرين مميّزون بما لا يستطيعه الأهل.في البداية يرسل رسالة بسيطة بوزن عقله الصّغير ليتعدّى ذلك الى خدش دهان مركبات الحيّ,ثمّ تخريب كلّ ما يستطيع الوصول اليه من ممتلكات لبني وطنه لألحاق الأذي به. لم تعد رسائل لفت الأنتباه تكفي,أنّما تعدّتها الى الأنتقام ممّن أهملوا رسائله في صغره.
 
(أبنائنا): خلقهم الله ولدتهم أمّهاتهم أطفالًا طبيعييّن معافين كغيرهم لنبدأ(نحن)...بالتّفرقة والأهمال ودقّ الأسافين.أسافين الغيرة ثمّ البغضاء والكراهية في صدورهم لنا وبين أقرانهم,نقسوا عليهم ونعاقبهم حين يحتجّون بوسائلهم البسيطة،نهملهم وقد يتلقّفهم من لا يخاف الله فيزرع كلّ أبالسة الأرض في وجدانهم.و بعضهم قد يكون حالهم(مرضًا ولدوا به)لم ينتبه لهم أحد,عن جهل أو عنطزة ربّما,وأن فعلوا قليلا ما عالجوه وسيهملوه بدعوى أنّه قد خلق هكذا. ثمّ...نتسائل ونهيل على رؤوسنا تراب التّساؤل بعد فوات الأوان:أين المشكلة!؟كيف ولم ولماذا شذوذهم؟!أسئلة يكون قد فات أوان طرحها. فلنراجع أنفسنا ونسأل ضمائرنا و لنتّقي الله فهو حسبنا ,فهم ما زالوا...أبنائنا.
 
mbyaish@gmail.com